السياسة الخارجية – مصير الشرق الأقصى في مؤتمر بروكسل – ما هي شروط الصين وما هي شروط اليابان؟

افتتح نهار الأربعاء في عاصمة البلجيك مؤتمر الشرق الأقصى بحضور جميع ممثلي الدول الموقعة على معاهدة الدول التسع، ما عدا اليابان التي رفضت قبول الدعوة، لبحث الطرق الودية المؤدية لوقف الحرب المستعرة بين الصين واليابان.
إنّ الأمل بنجاح المؤتمر ضعيف وتبدي الأندية السياسية الفرنسية تشاؤمها بنتيجته، وترى أنّ الطريقة الوحيدة لإعادة السلام إلى ربوع الشرق القصى هي أن تتعاون الولايات المتحدة وبريطانية وفرنسة للقيام بعمل مشترك حازم ضد اليابان يقسرها على الإذعان وعلى توقيف القتال. غير أنّ أندية واشنطن ولندن لا تساهم في هذا التشاؤم، وترى أنّ العمل المشترك يمكن تقريره عن طريق مؤتمر بروكسل والشروع في تنفيذه باسم المؤتمر فيكسبه ذلك قوة ترجح له النجاح.
ومع أننا لا نحاول تعجل النتائج فالذي نراه أنّ التوفيق بين الدولتين المتحاربتين يكاد يكون في حكم المستحيل إذا أخذنا بعين الاعتبار المطالب والشروط التي يفرضها كلٌّ من الفريقين كأساس للتفاهم. فقد اطلعنا على هذه الشروط في صحف البريد الأخيرة فوجدناها على طرفي نقيض، وجزمنا بعد قراءتها بأن الوفاق متعذر أو هو مستحيل. وبالتالي فإن مؤتمر بروكسل لن يُكتب له النجاح إذا انحصرت أبحاثه في ضمن نطاق السعي لتوفيق الخصمين، أما إذا تجاوز هذا النطاق وبحث في القيام بعمل حازم فقد لا يبعد أن يصيب النجاح المطلوب.
وعلى كلٍّ فقد أعلن المستر إيدن في مجلس العموم أول أمس ليلاً أنّ إنكلترة مصممة على أن تتبع مثال أميركانية وتتعاون معها في هذا السبيل حتى النهاية، فلا تقدم عنها إنشاً في العمل كما أنها لا تتأخر عنها سانتيمتراً، بل تسير وإياها جنباً إلى جنب. وهو تصريح له خطورته العظمى، وبات من واجب حكومة واشنطن الآن أن تكشف عن مبلغ استعدادها للعمل، فعلى موقفها يتوقف نجاح المؤتمر فيما تقدم.
فقد ذكرت صحف بريد الغرب أنّ الوفد الصيني في المؤتمر تلقى تعليمات من نانكين بأن يعرض المطالب الآتية على المؤتمرين وهي:
أولاً ـ سحب الجنود اليابانية بأجمعها وبدون قيج أو شرط عن الصين الشمالية ومنشوكو وشنغاي.
ثانياً ـ إعادة جميع الأراضي الصينية التي احتلها اليابانيون إلى الصين.
ثالثاً ـ إلغاء جميع المعاهدات المبرمة بين الصين واليابان منذ عام 1931.
رابعاً ـ وقف جميع الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها اليابانيون في الأراضي الصينية.
خامساً ـ أن تتخلى اليابان عن سياستها المسماة سياسة (الجامعة الآسيوية) وأن تتعهد باحترام السيادة الصينية احتراماً تاماً.
أما شروط اليابان التي تجعلها أساساً لكل صلح مع الصين فهي كما ذكرتها جريدة إفننغ ستاندارد الإنكليزية كما يلي:
أولاً ـ إعتراف الصين باستقلال منغولية الداخلية.
ثانياً ـ إعتراف الصين بحق مقاطعات الصين الشمالية الخمس بتقرير شكل حكوماتها.
ثالثاُ ـ تنازل الصين لليابان عن جميع الأراضي التي تكون القوات اليابانية قد احتلتها بجوار شنغاي حتى يوم عقد الهدنة مع إعطائها منفذاً على البحر.
رابعاً ـ أن تتنازل الصين لليابان عن جميع حقوق الصين على طول الساحل وحوالي الجزر التابعة للصين من فورموزا حتى حدود الهند الصينية.
خامساً ـ ألا تنسحب الصين من عضوية عصبة الأمم.
سادساً ـ أن توافق الصين على ألا يكون لها في المستقبل سلاح طيران عسكري.
هذه هي شروط الفريقين، والقارىء يوافق معنا على ما قلناه من أنّ التوفيق بينهما على هذا الأساس يُعَدُّ في حكم المستحيلات.

النهضة، بيروت
العدد 20، 5/11/1937

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى