النشرة الرسمية والعقيدة

ليس الحزب القومي الاجتماعي مجرّد عدد من الناس يدعون اصطلاحاً “رفقاء”، بل هو مجموع يدين بعقيدة تعبّر عن رسالة إنسانية عظمى مؤسسة في مبادئ أساسية وإصلاحية تكوّن قضية كلية واحدة وله غاية واضحة صريحة يعمل لها كل قومي اجتماعي، مسؤولاً، إداريًّا، كان أو غير مسؤول.

ولقد تعرّض الحزب في غياب الزعيم إلى إغفال شديد لحقيقته ولقضيته ولرسالته التي أنشأها وحدّدها الزعيم في تعاليمه الكثيرة الواسعة. فنشأت في دوائر الحزب العليا انحرافات كبيرة عن هذه الحقيقة الأساسية في السياسة والاتجاهات المختلفة الإذاعية والثقافية والإدارية المحضة، وفقدت الحركة القومية الاجتماعية تلك النظرة العالية، وهبطت إلى حضيض نظرة تعتبرها مجرّد عدد من الأفراد قد انتظموا صدفة في سلك نظامي يصلح تياراً لمختلف النزعات والأهداف مهما كانت متضاربة بعضها مع بعض ومع العقيدة القومية الاجتماعية.

إنّ الزعيم قد وضع رسالته أمانة في قلوب القوميين الاجتماعيين وعقولهم. وهي الرسالة التي عبّر بها ليس عن نظرته الشخصية الفردية إلى العالم وشؤونه، بل عن نظرة الأمة السورية إلى الحياة والكون والفن، ولذلك أصبحت هذه عقيدة القوميين الاجتماعيين وإيمانهم لأنهم وجدوا فيها التعبير عن نفسية أمتهم وخططها في التاريخ. والزعيم نفسه قد عبّر عن إيمانه العظيم بأمته وعن أنه ليس إلا معبّراً عن شخصيتها العظيمة ومواهبها السامية بقوله، في ختام كتابه الأخير الصراع الفكري في الأدب السوري: “إنّ ما دفعني إلى إعطاء هذا التوجيه هو محبة الحقيقة الأساسية التي وصل إليها تفكيري ودرسي وأوصلني إليها فهمي، الذي أنا مديون به كله لأمتي وحقيقتها النفسية”. (أنظر ج6 ص 362).

وقد عاد الزعيم اليوم ليتابع أداء رسالته العظمى المعبّرة عن فكر الأمة السورية وإرادتها ومُثُلها العليا – عن نظرتها إلى الحياة والكون والفن. فقبض على البلبلة التي كانت سارية في صفوف القوميين الاجتماعيين في صدد عقيدتهم من جميع وجوهها، وأعاد القضية إلى سيرها الأصلي، وصفّى في الدرجة الأولى، ما تعلّق منها بالعقائد والأفكار السياسية، وهو اليوم يكمل ما بدأه بعد عودته.

نظر الزعيم في هذه النشرة الداخلية للحزب القومي الاجتماعي، فوجد أنها تعرضت في أطوارها السابقة لبعض أنواع البلبلة والتيارات الفكرية الغريبة. فقرر رفعها من درجة نشرة غير واضحة المنزلة إلى مرتبة نشرة رسمية للحركة القومية الاجتماعية تضبط فيها الدراسات والمقالات والإذاعات على العقيدة القومية الاجتماعية وفلسفتها المدرحية (المادية – الروحية)، ولا ينشر فيها من الإذاعات أو البلاغات إلا ما يحمل صفة رسمية، فيجد فيها القوميون الاجتماعيون صفاء عقيدتهم وتوجهات حركتهم الصحيحة. وقد أصدر الزعيم مرسومه في هذا الصدد الذي يجده القارئ في مكان آخر من هذا العدد.

 النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية، بيروت،
العدد 1، المجلد 1، 15/11/1947

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى