بلاد العرب – معلومات خبير هامة

نشرت هذه المذكرات الخطيرة جريدة النهضة القومية، التي كانت تصدر في بيروت وعطّلتها الحكومة اللبنانية بالاتفاق مع المفوضية الفرنسية، ابتداءً من عددها الصادر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1937، وقد قدّمتها بالتعليق الآتي نصه:
»إنّ تغذية الدعاوة المقصودة لبلاد العرب وملوكها قد أدّت إلى رسم صورة خيالية عن حالة تلك البلاد النفسية والسياسية وكتمان المعلومات الواقعية التي تظهر حقيقة أحوالها وظروفها وإمكانياتها.
»وقد وضع السيد جمال باشا الغزي المعلومات الواقعية التي نبدأ بنشرها تباعاً فيما يلي. والسيد الغزي ثقة في معلوماته.
فهو قد شغل مناصب عالية في الدولة العربية السعودية وعاد من تلك البلاد بعد أن قضى عدة سنوات تمكن من خلالها من الوقوف على ما لم يقف عليه أحد غيره مما لا يزال محتفظاً بقسم هام منه.

»ولهذه المعلومات خطورة عظيمة لأنها ليست مكتوبة بقصد الدعاوة بل بقصد خدمة المعرفة والعلم. والقارىء يجد فيها بساطة شاهد عيان يسرد ما رأى وسمع وعرف باقتضاب وإيجاز، ولغة الجندي الصريحة وهي من هذا الوجه ذات قيمة عالية».

ومن هذه المقدمة التي وضعها قلم إنشاء النهضة يتبين أنّ صاحب هذه المذكرات قدّمها للنشر قبل أن صار رفيقاً قومياً عاملاً في الحزب السوري القومي فلم تنعته الجريدة بنعت «الرفيق».

وإننا لزيادة الإيضاح نقول إنّ الرفيق جمال باشا الغزي هو أحد القواد العسكريين الذين أنجبتهم سورية.
تخرج من المكتب العسكري السلطاني في اسطنبول وتعهدته بعنايتها البعثة العسكرية الألمانية التي كانت تشرف على كمال تخرّج الضباط الأتراك في الفنون والعلوم الحربية.
وفي الحرب العالمية الماضية كان أحد الذين دعتهم تركية إلى الصفوف وقاد الفرق وشهد الوقائع. وبعد الحرب التحق بمملكة إبن السعود، ثم بإمام اليمن حيث كان له شأن في تنظيم الجيوش العربي السعودية، وثم اليمنية.
وفي هذه الأثناء قرر تدوين مشاهداته.
ونظراً للحقائق المرة التي تصدع الواهمين «بالوحدة العربية» المطلقة لم يجد فرصة مناسبة لنشرها حتى ظهرت جريدة الحركة السورية القومية الاجتماعية النهضة ودعت إلى الحق والنظر في حقائق الأمور فقدّمها إليها.
وتابع اتصاله بهذه الحركة حتى اقتنع بصحة مبادئها وعقيدتها ونظامها فاعتنقها بحرارة قوية، وهو رجل محنّك جليل ابيضّ رأسه شيباً مع محافظته على استقامة الجندي وانتصابه.

كان للرفيق جمال باشا الغزي باع طولى في إدارة وضع التعليم القومي لتدريب أفراد الميليشيا القومية، وفي إعطاء هذه المتطوعة اتجاهاً عسكرياً متيناً. وكان تصرفه القدوة الأولى لكبار رجال الحركة السورية القومية الاجتماعية في كيفية السلوك النظامي وفي أصول التشريفات وغيرها.

في حوادث الاعتقالات التي تعرّض لها الحزب السوري القومي الاجتماعي في خريف سنة 1939، بعد نشوب الحرب الحاضرة، نفي الرفيق جمال باشا الغزي إلى اللاذقية حيث وضع في مكان إقامة إجبارية. وهذا كان آخر خبر ورد عنه.

في المذكرات الآتي نصها يجد القارىء حقائق هامة عن العُربة وأحوالها وإمكانياتها وعن الحالة النفسية الملازمة لبداوة أهلها.
ومنها يستخرج المدرك البراهين على عقم تفكير فئة جاهلة الأوضاع تظن أنّ تمدين العُربة شيء هيّن يكفي أن يحوّله محرّض سياسي إقطاعي شبه أميّ كفخري البارودي ليصبح حقيقة واقعة.
فليتأمل القارىء في هذه المذكرات المخلصة، الموضوعة بقصد واحد هو تنوير الأذهان. وواضعها لم تكن له أية صفة حزبية حين وضعها وهو بعد في بلاد العرب.
وإليكها1:

أنطون سعاده
الزوبعة، بيونس آيرس،

العدد 65، 1/9/1943

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى