حديث الزعيم إلى مجلة الجمهور

(في جو يغمره الضباب كان مندوب الجمهور يستقل السيارة في طريقه إلى أعالي الجبال في مكان ما من لبنان، وكانت أطياب الربيع تخفق طوال الطريق على الرغم من تكاثف السحاب الذي يمسح الخضرة والأفياء، ذلك أنّ الجمهور رأت أن تستطلع حضرة زعيم القوميين الاجتماعيين الرأي في بعض شؤون الساحة الحميمة الصلة بالأزمة القائمة بين الحكومة والحزب، فلما وصل مندوب الجمهور طرح على الأستاذ سعاده القضايا التالية):

س –الأزمة القائمة بين الحكومة والحزب حول مذكرة التوقيف، والحل الصائب لها، وهل يُمثل الأستاذ     سعاده أمام محكمة لبنانية فيما لو أحيلت القضية نهائيًّا إلى المحاكمة، وسبب عدم تلبيته طلب الأمن العام عند الدعوة الأولى.

ج – الأزمة خلقتها الحكومة اللبنانية بدون أدنى مبرر بتكليفها إدارة الأمن العام التحقيق في خطاب ليس في أي جزء من أجزائه ما يوجب فتح أي تحقيق أو استيضاح وقد جرت – والتدخل الحكومي في أوله – مفاوضات بين الحزب والحكومة كادت في الظاهر تؤدي إلى حلّ مرضٍ للجانبين، ولكن الحكومة قطعت المفاوضات بدون إعطاء أي إيضاح أو الإدلاء بأية وجهة نظر نهائية من قبلها، وعلى الأثر حوَّلت المسألة إلى القضاء الذي بلغني أنّ قاضيي التحقيق في قصر العدل بيروت رفضا توقيع مذكرة توقيف لاقتناعهما بأنه لا توجد دعوى تتطلب مثل هذا التدبير، واستدعى بعد ذلك مستنطق طرابلس الأستاذ نجيم ليقوم بما أبى مستنطقا بيروت القيام به. إنه لواضح جدًّا أنه لا توجد مسألة قضائية من أي نوع فيما يتعلق بخطابي وموقفي فالمسألة كما يظهر من معالجة الحكومة لها هي مسألة سياسية بحتة تتعلق بالمرامي السياسية التي اجتمعت الحكومة الحاضرة عليها، والحل الذي أرتئيه هو استرداد مذكرة التوقيف لعدم وجود أسباب قضائية صحيحة لإصدارها. والحكومة لا تخسر شيئاً من هيبتها وكرامتها بالتخلي عن تدخلها السياسي في المسائل القضائية البحتة. وإذا انتهى الأمر إلى القضاء فسأتخذ الموقف الذي يقتضيه الحال.

وعدم مثولي أمام الأمن العام لدى أول طلب هو لسببين: لعدم وجود أسباب صحيحة، وثانياً لأن تدخّل الأمن العام اتخذ شكلاً لا يدل على نية حسنة، فقد أوعزت إدارة الأمن إلى رجالها بالبحث عني ليلاً وبمراقبة دار الأمين نعمة ثابت لمعرفة هل موجود هناك أم لا، وكل هذه التدابير تدل على أن المسألة متخذة شكل ملاحقة وليست مسألة استيضاح بسيط كان يمكن أن يجري بغير واسطة الأمن العام لو كانت النية حسنة والنظرة إلى الموضوع خالية من التغرض.

س – النشاط القومي الانتخابي، وعدد الناخبين القوميين والمؤيدين.

ج – النشاط القومي الانتخابي يجري بدون صعوبة أو عرقلة على الرغم من الحالة الحاضرة والقصد منها عرقلة مساعي الحزب القومي السياسية والانتخابية وعدد الناخبين الذين يؤيدون القوميين، وقد نشرته جريدة النهضة، يتضمن في بعض المناطق عدد المؤيدين لا القوميين وحدهم.

س – وجهة نظر الحزب في قضية فلسطين.

ج – ينظر الحزب القومي الاجتماعي إلى فلسطين جزء هام من قضيته العامة، ويعتقد الحزب أنّ حل قضية فلسطين لا يكون تامًّا إلا ضمن القضية القومية العامة، وأن حلّ قضية فلسطين يقتضي مجهود جميع السوريين الموحد في جميع الكيانات السورية.

س – هل يُعدّ الحزب خطة سلبية لمواجهة الموقف؟

ج – إنّ الحزب القومي الاجتماعي قد بذل ويبذل كل ما بوسعه لمنع تحوّل الموقف إلى حالة مشادة رعناء، وأعتقد أنه يمكن، ويجب التغلّب على صعوبات الموقف الحاضر بالرجوع إلى الحق وإظهار “الغلطانين” شجاعة أدبية كافية للرجوع عن غلطهم.

س – مدى انتشار الدعوة القومية في المهاجر.

ج – الحركة القومية الاجتماعية في المهاجر تنتشر انتشاراً جيداً وقويًّا، وقد حالت حالة الحرب الأخيرة دون امتداد هذا الانتشار بسرعة كبيرة، والآن النشاط يزداد والأخبار الأخيرة الواردة إلى مركز الحزب تدل على أنّ انتشار الفكرة القومية الاجتماعية يمتد بسرعة وستظهر إلى الوجود في بعض المهاجر صحف جديدة تحمل الفكرة القومية الاجتماعية إلى المهاجرين، وتدعوهم إليها.

الجمهور، بيروت نيسان/أبريل1947

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى