رحلة الزعيم إلى دمشق 15/3/1948

كان الزعيم قد عزم على زيارة مفاجئة لمنفذية دمشق العامة للاطلاع على أعمالها ومدى نشاطها وسهرها على مصلحة الحزب في منطقتها. ولكن حدث ما استوجب تأجيل الزيارة التي كانت تقررت لليوم الرابع من مارس/ آذار.

بعد ذلك قَدِمَ بيروت منفّذ دمشق العام وقابل الزعيم ووقف منه على عزمه على زيارة منفذية دمشق زيارة خصوصية وأطلع الزعيم على أنه سيقوم قريباً بالزيارة التي تأجلت. ثم إنّ الزعيم عدل عن السفر يوم الجمعة الواقع في الثاني عشر مارس/ آذار وكلّف حضرة عميد الداخلية أن يسبقه إلى هناك تمهيداً للنظر في ما يريد الزعيم النظر فيه. وفي صباح اليوم المعيّن سافر الزعيم باكراً نحو الساعة السابعة، فبلغ دمشق نحو الساعة التاسعة والنصف فعلم أنه، بناءً على رغبة متبادلة بين المنفذية وحضرة وزير الدفاع في الدولة الشامية السيد أحمد الشراباتي، ضُرِب موعد لاستقبال حضرة الوزير في دار السيد نسيب سكر، والد الرفيق رياض سكر، حيث حل الزعيم ضيفاً.

في الموعد المعيّن، الساعة الحادية عشرة، أقبل حضرة الوزير فاستقبله الزعيم بترحاب ثم إنّ الزعيم والوزير اختليا لمحادثة استغرقت نحو ساعة جرى فيها استعراض للقضية القومية والعلاقات فيما بين الأمم العربية وللمسألة السورية والمسألة “العربية” أو العروبية وللعلاقات بين الحزب والحكومة الشامية.

جلت المحادثة الكثير من المسائل التي كانت مشوشة بالأخبار الملفقة أو الناقصة أو المتحاملة. ومن المسائل التي وافق الزعيم والوزير على جلائها أنه ليست للحزب السوري القومي الاجتماعي أية مصلحة عدائية لشخصية فخامة رئيس الجمهورية الشامية [شكري القوتلي] ولا أي قصد لتعكير مجرى الأمور وأعمال الحكومة وأنّ الحزب أظهر تعاوناً وتضامناً في جميع المواقف التي رأى فيها ما يساعد على توطيد الأمن، وأنه ليست للحكومة الشامية أية مصلحة عدائية أو مقاومة لقضية الحزب وعمله وأنه بعد جلاء المسائل التي كانت موضع شك وقلق من الجهتين الحزبية والحكومية، الذي تمّ في المقابلة، يمكن الوصول إلى الترخيص للحزب بالعمل في الجمهورية الشامية.

وقد كانت المقابلة موفقة للجهتين. وأظهر الزعيم تقديره للخطوة الطيبة التي قام بها حضرة الوزير، ودلّت على رجاحة رأي وحسن بادرة. ويجدر بالذكر الوصول إلى التفاهم الشخصي في صدد القضية القومية والعمل في العالم العربي وكان شرح الزعيم لوضع سورية ووضع العالم العربي والمرامي العملية مساعداً كبيراً للوصول إلى التفاهم المذكور.

ولما كان الزعيم قد نفى للوزير وقوف الحزب السوري القومي الاجتماعي في جانب أية شخصية شامية أخرى ضد شخصية رئيس الجمهورية الحاضر، وأكد له أنّ قضية الحزب هي قضية غاية عظمى لا تدخل في نزاع الأشخاص وأنّ الحزب لا يرى، لذلك، أية مصلحة في محاربة الرئيس الحاضر شخصياً أو في تفضيل أحد من رجال الوضع الحاضر عليه، خصوصاً وأنّ للزعيم معرفة شخصية وصلة طيبة سابقة بشخص فخامة الرئيس، فقد أثبت الزعيم هذا الموقف في تصريح سريع لبعض الصحافيين الذين قابلوه وهذا نصه. نقلاً عن جريدة القبس.

قَدِم دمشق الأستاذ أنطون سعاده رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وقد اتصل به مندوب القبس وسأله بضعة أسئلة أجاب عليها بصراحة.

فقد سأله عن الغاية من زيارته لدمشق فقال إنه قَدِمها لتفقد شؤون فروع حزبه في الداخل.

ثم سأله عن رأيه في إعادة انتخاب فخامة رئيس الجمهورية فقال:

إنني لا أرى أي مانع من إعادة انتخاب فخامة الرئيس القوتلي دستورياً فإني أعرفه شخصياً وأعرف أهليته، وأقدّر أعماله. إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يتدخل في مسألة تفضيل شخصي لأجل الأشخاص، إنّ التفضيل عندنا هو على أساس تسهيل حرية العمل للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو نهضة قومية اجتماعية للأمة لتحقيق الوعي القومي والإصلاح الاجتماعي، نحن حزب قضية لا حزب أشخاص.

ثم سأله عن رأيه في الانفصال النقدي والاقتصادي بين سورية ولبنان، فأجاب: إننا لا نرى أية مصلحة في الفصل المادي ووالاقتصادي بين لبنان والشام، إنّ ما يبدو مصلحة للبعض من الطرفين ليس سوى عارض وقتي يترك خيبة ورد فعل سيّئاً في المستقبل.

وقد دعا الوجيه السيد نسيب آغا سكر الأستاذ سعاده إلى مأدبة غداء حضرها بعض الشخصيات الرسمية وتخللها بحث شؤون الساعة.

 النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية،

بيروت، المجلد 1،

العدد 7،30/3/1948

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى