من تكمان لضهور الشوير تحية الزعيم من المهجر للمحتشدين في يوم الإصلاح

“إنكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ

أيها القوميون الاجتماعيون،

من هذا البعد السحيق – من هذه البلاد الكريمة الحسنة الضيافة، من هذا الأسر الطويل فى نزالتنا التى نفت نفسها نفياً إلى هذه الأرض، أرسل إليكم سلامي القومي وأهنئكم وجميع الشعب بنتائج جهادكم، وبهذه الثمرة الأولى من ثمارعملكم القومي الاجتماعي.

وأهنىء رئيس الجمهورية اللبنانية وحكومته وجميع فئات الشعب في لبنان

الذين صاروا وإياكم يداً واحدة على إرادة الاحتلال الفرنسي.

أيها القوميون الاجتماعيون.

أنتم أول فئة وقفت في هذه الأرض لتعلن بعزيمة ماضية أنها ترفض الأمر الواقع الذي فرضته الإرداة الأجنبية على أمتنا ورمت إلى تثبيته نهائيًّا.

إن حزبكم القومي الاجتماعي هو الحزب الذي أيقظ الأمة إلى حقيقتها، وأوضح لها قضيتها بجميع فروعها، ونشر علم الزوبعة راية الجهاد القومي المقدس ضد المطامع الاستعمارية الأجنبية، وجهر برفض ذلك الاستقلال الوهمي السخري الذي أعلنه قائد الجيش الفرنسي المحتل بعد أن كانت سلطة ذاك الاحتلال قد قبضت على أعضاءمجلس إدارة لبنان المتنخبين من قِبَل الشعب ونفتهم إلى جزيره كورسكة الفرنسية، دائسة المبادئ الديموقراطية التي كانت تتبجح بها وهازئة بإرادة الشعب ونوابه.

إن حزبكم القومي الاجتماعي هو الذي حارب الإرادات الأجنبية الطامعة فينا جميعها وقاوم غاياتها مقاومة فاهمة، بينما كانت جميع الفئات السياسية والمؤسسات القديمة والرجعية تتسابق بلا استثناء لاكتساب رضى القوى الأجنبية المحتلة ولنوال الحظوة في عينها.

نحن الحزب الوحيد الذي قال للشعب في لبنان إن لبنان قد فصل عن الداخل ولكنه لم ينل استقلالاً، بينما الشركات السياسية والمؤسسات اللاقومية كانت تنادي أنّ لبنان مستقل فعلاً وتدعو الناس إلى التعييد لذاك الاستقلال الوهمي، وتقول فينا إننا كفرة بلبنان و”بنعمة”» لبنان لأننا أعلنّا وجوب تغيير تلك الحالة السيئة، ولأننا أعلنا الجهاد وباشرنا العمل البنائي لإنشاء استقلالنا القومي الصحيح، وإزالة ذاك الاستقلال الاحتلالي المشؤوم عن أرضنا القومية بجميع أشكاله وألوانه.

بينما كانت جميع الشركات السياسية المحدودة والمغفلة، المنتشرة في طول بلادنا وعرضها تضلل الشعب لمخرقاتها وشعوذاتها الوطنية، وتزيد الأمة تفسيخاً وتمزيقاً بنكاياتها الشخصية وغاياتها الطائفية المتنافرة، كنا نحن عاكفين في الأمكنة المكتومة التي كنا نجتمع فيها، على تكوين حياتنا القومية وعلى تحقيق الاصلاح الذي نصت عليه مبادىء نهضتنا.

ووسط السجون والاضطهادات والتشريد تابعنا نشر الوعي القومي وأعمالنا الإصلاحية، وامتدت دعوتنا في جميع مناطق وطننا وتغلغلت في جميح أوساط الأمة، وفي ذلك العراك العنيف كم سمعنا قهقهة هزؤ القائلين: أأنتم تريدون زحزحة فرنسة عن هذه الأرض. فكتمنا آلامنا من هذه الجهالة الصارخة وتابعنا جهادنا وعملنا بالاطمئنان المستمد من إيماننا القومي ويقيننا بالنصر.

أخيراً، – سقطت فرنسة في الحرب العالمية الأخيرة بظلمها وفساد حياتها وضعف سياستها، فأدرك جميع المشككين أنّ عملنا لتوحيد أمتنا ودعوتنا إلى الاعتماد على أنفسنا هما عمل إيمان صحيح ودعوة حق مبين.

لقينا أخيراً أول نتيجة محسوسة مزدوجة لإيماننا بقضيتنا وصبرنا على الشدائد، لقينا توحيد المجهود ضد المطامع الأجنبية بين لبنان والشام، ولقينا “الإصلاح الدستوري في لبنان يتبع الإصلاح الشعبي الذي حققنا شيئاً كثيراً منه.

‎ إنّ الحقيقة والتاريخ يشهدان لكم أمام العالم كله أنه لم يقم في لبنان أصدق ‎ فئة لخير شعبنا، ولا دعوة فيه وفي الشام وفلسطين وشرق الأردن أصح من دعوتكم، ولا في العالم العربي كله منهاج لتعاون الأمم للعربية تعاوناً عمليًّا ناجحاً أصوب من منهاجم.

‎ فإذا تمسكتم بإيمانكم القومي الاجتماعي الذي هداكم إلى الحق كل التمسك الذي لزمتموه حتى الآن، وصبرتم على الشدائد والمكاره كل الصبر الذي يحتمله طيب عنصركم فإنكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ.

أيها القوميون الاجتماعيون،

ما أعظم رضاي عنكم، وما أشد اعتزازي بكم، وما أروع الانتصار الأخير الذي أسير بكم إليه.

فليس هذا الإصلاح آخر إصلاح نريده، وليس هذا الاستقلال كل الاستقلال الذي نبتغيه. إن نفسي تبارككم، وأرجو أن أكون قريباً معكم ووسطكم بجسدي، كما أنا معكم ووسطكم بروحي، لنتابع إنشاء تاريخنا وتغيير وجه هذه الأمة ووجه العالم العربي.

صدى النهضة، بيروت،
العدد 132، 2/9/1946

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى