‏الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقبل المثالب

من الحقائق التي هي في علم العموم أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حركة تجديدية في المناقب والأخلاق، كما فى النظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فهو ليس حزباً اعتياديًّا غرضه إكثار عدد أعضائه، وربح معركة انتخابية، وتحقيق منافع لكبرائه، وبعض المطاليب المحدودة التي لا تغيّر حالة الأمة ووجهة سيرها. ومع ذلك فقليلون من أبناء التربية اللاقومية، أو من أبناء الفوضى البعيدة عن أية تربية يدركون خطورة هذه الحقيقة ويهيئون أنفسهم للتجدد الروحي، حتى حين يقبلون على الحزب ويعلنون رغبتهم في الانضمام تحت لوائه وقيادته.

أدرك الزعيم الخبير بنفسية شعبه، هذه الحقيقة المؤلمة منذ بداية معالجة قضية أمته وحياتها ونهوضها، وكان منذ البدء موطداً العزيمة على قطع كل تسرب للمثالب اللاقومية إلى صميم هذه الحركة العظيمة التي جمعت شتات الأمة السورية، وأيقظت أمم العالم العربي وسائر الشرق الأدنى، وكانت قدوتها في التفكير والشعور القوميين الصحيحين.

يدلّك على إدراك الزعيم حقيقة أدواء شعبه النفسية ومثالب عهد انحطاطه توجه برسالته إلى النشء الذي له تتمكن منه تلك الأدواء، ولم تتأصل فيه هاتيك المثالب. فأسس الحزب السوري القومي في نفوس طلبة من الجامعة الأميركانية من أصفاهم نفوساً وأكثرهم أهلية واستعداداً لقبول الروح الجديده التي حملها الزعيم إليهم والتعاليم التي جعلتهم رجال نهضة أمة بكل تفكيرهم وكل شعورهم، فاضطرمت نفوسهم بهذا النار المقدّسة وكانت هذه الشعلة القومية التي أضاءت أرجاء الوطن، وأعلنت إرادة أمة متجددة في الحياة والارتقاء.

ويدلّك على حرصه الشديد على حياة الروح الجديدة ونموها وعظم عنايته بصيانتها ورعايتها أنه فى كل مكان وزمان، وكلما تسرب شيء من مثالب النفسية العتيقة الفاسدة إلى ما بين القوميين الاجتماعيين كان يقف في وجهها ويصدمها ويردّها على أعقابها. لا يعرف في ذلك هوادة ولا يأخذه كلال مهما كلفه الأمر من المتاعب والعناء. بل جعله حرصه وعنايته يجعل من جسده ترساً للحركة يقيها به الدسائس والمؤامرات. فكان يرفض الثورة المبتسرة ويفضّل أن يسلّم نفسه لأعداء النهضة على أن يعرّضها لهدر الدماء إنقاذاً لنفسه من توقيف أو سجن.

كل فئة دخلت الحزب السوري القومي الاجتماعي وأتيح لها الاتصال بشخصية الزعيم تمكنت من تحقق هذه الصفات البارزة فيها واختبار فاعليتها.

ومن أبلغ مواعظ الزعيم للذين انضموا من عهد قريب إلى الحركة السورية القومية الاجتماعية في مدينة توكومان قوله لهم في أحد الاجتماعات الأولى، في عرض خطاب: “لا تظنّوا أني أؤخذ بالمظاهر، أو أستغني بها عن الحقيقة، ولا أني أفرح بكثرة عددكم أو أحزن لقلّته. فأنتم فئة حديثة العهد بالحركة القومية الاجتماعية ومطالبها المناقبية والأخلاقية والنظامية. وإني لا أفرح بكثرة إلا إذا كانت صحيحة المناقب والأخلاق القومية الاجتماعية. كما أني لا أحزن لقلة إلا إذا كانت نتيجة فَقْدِ ذوي المناقب والأخلاق القومية الاجتماعية. إنّ فرحى بكثرتكم لن يكون إلا بعد أن تجتازوا الامتحانات مبرهنين على أهليتكم لحمل إسم نهضة أمتنا والتمسك بعصبية قوميتنا. ولن أحزن لفقد أي واحد منكم لا يكون أدّى هذا البرهان”.

مما لا شك فيه أنّ قليلين وعوا هذا الكلام كل الوعي. والمؤسف أنه كان أن تمرّ كل فئة جديدة في اختبارات شبيهة بالفئة التي تقدمها، وقليلون هم الذين وعوا القضية وروحيتها ومطالبها واعتبروا باختبارات الذين تقدموهم وما لاقاه تقدم الفكرة القومية الاجتماعية وروحيتها بين السوريين المغتربين في الأرجنتين من الصعوبات النفسية. وما صاحب ذلك من الضجات البعيدة عن الأخلاق الصحيحة والمناقب الجميلة كان شيئاً كثيراً، ونعتقد أنّ حوادثه من أكثر الدروس وضوحاً في صدد جهاد الزعيم وما تعرض له من مثالب الجيل الذي يحارب الروح الجديدة بأشد الأساليب لؤماً وأكبر الأسلحة عاراً وخساسة.

إنّ الذين يعصون التعاليم القومية الاجتماعية، ويرفضون تطهير نفوسهم من مثالب حالة الفوضى التي كانت الأمة آخذة في الاضمحلال والتلاشي فيها، لا يجدون عاراً في مثلبة ولا حطة في استعمال أشد الأسلحة شيناً.

ليست بعيدة تلك الضجة القبيحة التي أثارها النفعيون منذ بضع سنوات على الزعيم لأنه أعلن عزمه على الزواج. فقد رأوا في هذه الغاية النبيلة وجهاً لتأويل فاسد فساد أنفسهم فقالوا إنّ الزعيم بزواجه يتخلى عن القضية فلا يجوز له أن يبقى زعيماً للحركة!!!

وإنّ عقلية تبلغ هذا الدرك من الانحطاط لا يصعب عليها أن ترمي كل عمل آخر من أعمال الزعيم المثالية بأقبح التأويلات وأخس المطاعن.

منذ مدة قريبة أراد أحد المنضمين إلى الصفوف القومية الاجتماعية الاقتران، وأراد الرفقاء أن يقيموا له حفلة “وداع العزوبية” تقليداً لعادات المحيط. ولكن ذاك العروس تردد في قبول حفلة قومية اجتماعية بحتة. وجاءت بعض الأسباب مساعدة له على التملص من ذاك للموقف الحرج. ثم سنحت الفرصة لإقامة حفلة بعيدة عن الصبغة القومية أيّد صبغتها هذه بعض “الرفقاء” الذين يأبون إلا أن يفهموا القومية على هواهم ويرفضون قبول نصائح كبرائهم فى النظام القومي الاجتماعي. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى تقرير أولئك “الرفقاء” إقامة الحفلة في مطعم أحد المنقلبين على حزبهم الطاعنين فيه، ولم يجدوا فرية في الاقتراب بمثل هذا القرار إلى شخصية قومية مثالية كشخصية الرفيق جبران مسوح. ولما أنكر عليهم الرفيق مسوح هذا التصرف اللاقومي نقموا عليه، ولما لم يرجعوا عما عوّلوا عليه نقم الرفيق مسوح عليهم. ووقف في جانب الرفيق مسوح عدد قليل من الرفقاء ووقعت القطيعة بين الفريقين.

ولأن الزعيم لم يترك مهامه ويصرف وقته في زيارة فلان وفلان، وإرضاء خواطر الناقمين تحولت النقمة عليه!!!

وما قولك ايها القومي الاجتماعي الكريم بفئة لا قومية تدّعي “الوجاهة” وتنتفخ كبراً ورياء ترى صراعاً بين الخير والشر – بين الحق والباطل فلا تسرع إلى الوقوف في جانب الخير والحق، ولكي تغش الناس وتتظاهر بالعلم والعدل تقول: هذا أمر فيه نظر، وإننا جماعة تحب السلم والعدل، فإذا قبل الخير والشر – الحق والباطل – الاحتكام إلينا نظرنا في أمرهما وحكمنا لأحدهما وإذا لم يقبلا فإننا نعرض أن ندخل في الصلح بينهما!!!

وبعد كل هده الأمثلة تجد أصحاب هذه المثالب ينظرون إلى أنفسهم نظرهم إلى فلاسفة و”مجاهدين” لإحراز الحرية ويا ليتهم يتحررون من جهالاتهم، إذن لأدُّوا للحرية القومية أعظم خدمة!

دع الموتى يدفنون موتاهم [متى 8: 22].

حكمة خالدة قالها الناصري. والحركة السورية القومية الاجتماعية لم تنشأ لخدمة الموتى وإحياء المثالب، بل نشأت لإحياء المناقب الجميلة السامية وقتل المثالب لتحيا أمة عظيمة بأجيالها المتجددة بالتعاليم الجديدة المحيية.

من أجل هذه الغاية العظيمة نشأ الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يطأ المثالب التي تعترض سيره ويسحقها!

المؤسف المحزن أنّ كثيراً من أصحاب النيات السليمة الصالحين للحياة الجديدة يسقطون كل يوم فريسة المثالب وأصحابها المتربصين بهم. وهذا ما يجعل الحزب أشد صلابة في محاربة مرض المثالب الوبيل. وإننا نثق بأن أصحاب النفوس الشريفة سينقلبون، بلا ريب، على الذين خدعوهم وأضلّوهم ويقفون في جانب التجديد النظامي والأخلاقي والمناقبي الذي به وحده يقفون بين الشعوب الحية الحرة مفاخرين بأنهم أحرار من شعب حي بتعاليمه، حر بمناقبه وأخلاقه.

إنّ مناقشة كل الإشاعات الباطلة الخسيسة التى أ طلقتها ألسنة فئة الشر في أوساط السوريين المغتربين في هذه البلاد وغيرها، منذ قدوم الزعم إلى أميركة إلى الآن، تنزل بنا إلى أسفل دركات الفكر الانساني – إلى الدرك الذي يستوي فيه الإنسان والحيوان!

وإذا كان أصحاب المثالب قد وجدوا لذة عظيمة في وقوفهم عند ذلك الدرك من الفكر والمباهاة بإبراز مثالبهم فالحزب السوري القومي الاجتماعي يربأ بمركزه أن يتدهور إلى الحضيض الذي يأبون الصعود منه ويأبى الحزب النزول إليه!

 الزوبعة، بويُنس آيرس،
العدد 79، 12/8/1944

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى