استقبال فدوى قربان
جرت حفلة الاستقبال التكريمية للآنسة فدوى قربان، التي ذكرنا عنها في العدد الماضي، فكانت حفلة لطيفة رائقة إلتأم فيها عدد من الأُسر السورية ومن أعضاء الجمعية السورية الثقافية القائمة بالحفلة.
ووُجد ممثلون لبعض الجمعيات السورية في هذه المدينة نذكر منهم رئيسة جمعية المستشفى السوري اللبناني وإحدى الأعضاء، ورئيس الجمعية الخيرية العلوية، ورئيس الجامعة العلوية الإسلامية، ورئيس جمعية الرابطة العربية في نويفا فمفايا.
وحضر من فرقمينة خصيصاً للاشتراك في الحفلة رئيس مكتبة الثقافة السورية (مكتبة الإخاء العربي سابقاً).
عند الساعة السادسة عشرة والنصف ابتدأ المشتركون في الاستقبال يتوافدون على مكان الحفلة.
وقد وصلت المحتفى بها بصحبة لجنة من قِبل الجمعية السورية الثقافية.
وعند الساعة الخامسة تقريباً اكتمل عدد المدعوين إلا بعضهم، ووصل حضرة الزعيم وقرينته. وبعد السلام وإجراء التعارف مع الأشخاص الجدد أخذ المحتفون أماكنهم على المائدة.
ترأس المائدة معالي الزعيم وجلست المحتفى بها عن يمينه في مركز الإكرام على رأس المائدة.
وكان بين الجالسين على رأس المائدة، عدا من تقدم ذكرهما، قرينة الزعيم عن يساره، والرفيق جبران مسوح الذي ظهر لأول مرة في مجتمع بعد العملية التي اجتازها وزاد حضوره بهجة القوميين الاجتماعيين وغيرهم من مقدّري أدبه. ورُؤي الزوجان عظم، والسيدة مريانا صوايا خوري وكريمتها، والسيدة أسما صوايا عازار، والرفيقة إميليا يونس، والسيدة سلمى كيروز، والسيدة والنتينة قنسالس فودستا، والآنسة بياتريس فودستا قنسالس، والسيدة ألسا زين قنسالس إسفروني، والسيدة عائدة نعمة دوماس، والسيدة إملي عظم وقرينها والسيد كامل فضول «شاعر الميماس» ورئيس الجمعية العلوية الخيرية السيد وعائلات المير وبلان وحسن وطعمه وغيرهم، وعدد من الشبان والرجال يحفون بمحور الحفلة.
على المائدة جرى تعارف بين الجالسين وامتدت الأحاديث الاجتماعية في جو من الأنس والوئام.
وسط هذه الجماعة الأنيقة والابتهاج السائد وقف الزعيم وخاطب الحضور. فابتدأ بقوله:
«كل شعب يفقد محبة الجمال والفن ويتنازل عن حقه في مراقي الثقافة النفسية يحكم على نفسه بالموت ويقضي عليها بالانتحار».
تدرج الزعيم من هذه النقطة إلى الكلام على أهمية الشعور من حيث هو رابط اجتماعي لا غنى عنه، وعلى أهمية الفن في تقوية الشعور.
وقال إنّ من أهم أسباب تخبط الشعب السوري والتفكك الذي آل إليه انعدام الشعور الاجتماعي أو ضعفه الشديد.
شرح الزعيم نظريته بقوله إنّ المجتمع المتمدن لا يقوم بالفكر وحده ولا بالشعور وحده، بل يتلاحم الفكر والشعور.
فقد تُفَرِّق الأفكار الناس مذاهب فيجمعهم الشعور في وحده اجتماعية.
ولما كان الفن أبدع مظاهر الشعور وأقوى محركاته فالشعوب الراقية الشعور يُعرف رقيّها باشتغالها بالفنون وبعنايتها به.
وأوصل الزعيم الكلام إلى غرض الاحتفال، فقال إنه من المظاهر التي تثبت عناية الشعب السوري بالفن وأهليته لمجاراة أرقى الشعوب الحية في ضروب الثقافة النفسية.
وذكركم للآنسة فدوى قربان على هذا المظهر من الفضل.
وأطرى مناقب فنّانتنا السورية التي حملت وطنها في قلبها وأمتها في فكرها وشعورها، وجعلت مسارح أوروبا وأميركا تعرف شيئاً عن إمكانيات الفن في سورية وعن مواهب الشعب السوري الفنية.
فكان إسم سورية يدور على كل لسان ذكر فدوى قربان وفنها الغنائي الممتاز وصوتها النادر وحرارة شعورها.
وختم الزعيم كلامه بشكر الفنانة التي كان الفضل في إيقاظ الشعور الحي الدافع لهذا الاجتماع البهيج عائداً إليها.
على الأثر قُدّمت للفنانة سلة ورد جميلة من قِبل الجمعية السورية الثقافية. فنهضت الفنانة وشكرت الزعيم والمحتفين بعبارة واحدة وابتسامة لطيفة ووجهها طافح بالتأثر بالعاطفة الجميلة التي أحاطها بها الجمهور الحاضر.
بعد ذلك تقدم أحد أعضاء الجمعية السورية الثقافية من رئاسة الحفلة وأخبر أنّ السيد كامل فضول أعدّ قصيدة لهذا الاحتفاء.
فطُلب منه إلقاؤها وهي منشورة في مكان آخر من هذا العدد.
نهض الزعيم على الأثر ونهضت المحتفى بها وقام جميع الحاضرين وأخذوا يتفرقون.
ولما كان قد ذهب قسم غير يسير منهم ورفعت المائدة وأخذت قطعها، إذا بالمصور يبرز وقد جاء متأخراً ما يزيد عن نصف ساعة عن آخر موعده، لحادث اعترضه في الطريق، فلم يمكن أخذ صورة المائدة فاجتمع من كان باقياً في حديث مع معارفه وأخذت الصورة التي تظهر فيما يلي التي أعيد فيها تركيب قسم من رأس المائدة جلس إليه الزعيم
والفنانة عن يمينه وقرينته عن يساره وجبران مسوح إلى اليسار وبقية الموجودين وقفت بشكل جماعة وراء الكراسي.
ومن المؤسف أنّ المصور لم يصل والمائدة عامرة ليأخذ حالة من أجمل الحالات الاجتماعية في نزالتنا في هذه العاصمة.
أنطون سعاده
الزوبعة، بيونس آيرس،
العدد 53، 1/10/1942