حفل ثقافي في سيدني وتوقيع كتابين للأمين ادمون ملحم
شهدت مدينة سيدني، يوم الأحد في 30 نيسان 2023، حفل ثقافي، بدعوة من منفذية سيدني في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حيث وقّع رئيس الندوة الثقافية المركزية في الحزب الأمين الدكتور ادمون ملحم كتابيه الجديدين: “الفلسفة الرواقية من زينون الى سعاده” وكتابه باللغة الانكليزية Antun Sa’adeh – A man ahead of his time “أنطون سعاده رجل سابق لزمانه”.
حضر الحفل جمع من القوميين الاجتماعيين والمواطنين الأصدقاء وفعاليات أدبية وإعلامية وصحافية وممثلين عن مؤسسات ثقافية وتيارات حليفة وبعض المسؤولين الحزبيين في المنفذية وفي مقدمتهم المنفذ العام الرفيق مهدي نزها والأمناء عادل موسى، فؤاد شريدي، محمود الساحلي واحمد الأيوبي.
استُهلّت الكلمات، بكلمة للدكتورة نجمة خليل حبيب، التي اعتذرت عن الحضور بسبب المرض، فألقت كلمتها الرفيقة نهى خوري فرنسيس. وجاء فيها:”
– ما أحوجنا في زمن تَعودُ به شعوبُ الأرضِ قاطبة إلى غرائزها، إلى صوتٍ عقلاني يصحح اعوجاج التاريخ، ويَعودُ به إلى عصر زينونَ، عصرِ الحقيقة والعقل والمنطق السوي.
– ما أحوجنا نحن أبناءَ سوريا والعروبة، إلى يقظة قومية توحّدُنا في وجه الهجمة الكولونيالية البشعة التي تلعب على تناقضاتِنا الطائفية والمذهبية والعرقية والمناطقية، لننشغل بها عن قضايانا المصيرية الكبرى!
– ما أحوجنا إلى باحثين جادين يُرشِدونَنا إلى ما في تاريخنا من عقولٍ وهاجةٍ قادتْ الإنسانيةَ إلى خيرها وسعادتـِها قبل أن تفطنَ إلى ذلك نظرياتِ العصر الحديث من مجتمعية واشتراكية بمئات السنين.
– ما أحوجنا إلى كتاب قيم يغيـِّر ما فينا من غرور وعنف وكراهية
نعم! لقد جاء كتاب دكتور ملحم “الرواقية من زينون إلى سعاده” ليسدَّ هذه الثغرات، وليعرّفَنا على ما كان لأجدادنا من مساهماتٍ فاعلة في الفكر الفلسفي التنويري. وأضافت:
لقد كان الدكتور “إدمون ملحم” في هذا الكتاب، “الرواقية من زينون إلى سعاده”، الباحثُ المتمكنُ القادرُ على إيصال المعلومة بأسلوبٍ علميٍّ مُقْتَصِد وموثِّقاً لها في أكثرَ من مرجع. ودكتور ملحم في كتابه هذا، لم يتوجه إلى الخاصة من الأكاديميين الذين يتداولون المعرفة في غرف مغلقة مستخدمين لغةً لا يفهمُها غيرُهم، بل قدّمّ مادتَهُ بأسلوبٍ سلسٍ ولغة قريبة إلى أذهان الناس، هي لغة السهل الممتنع.
شكراً دكتور “ملحم” على هذا الكتاب التنويري الذي يحفر في نفوسنا ويغيّر حياتنا نحو الأفضل. وشكراً لمنحك لي فخر شرف تقديمه في هذ الحفل الكريم.”.
أمّا الدكتور برّو فقال إنّه قرأ الكتاب “باهتمام شديد واعتبره محاولة جدّية للبحث العلمي بروح نقدية موضوعية حاول الدكتور ملحم أن يلتزم بها عبر فصوله المتّصلة ببعضها البعض”. وعن جهد الكاتب، قال: “في مقاربته للموضوع، بذل الدكتور ملحم جهداً كبيراً للابتعاد عن أمراض الكتابة السردية، التقريرية، معتمداً أسلوب البحث الأكاديمي المتواضع، فبحث في فلسفة زينون الرواقية وآثارها على المجتمع آنذاك، كما تعمّق في فلسفة سعاده التي تصب في عملية تطوير الحياة وتحريرها من الجمود، مجتهداً أن تكون لخلاصاته الفكرية وظيفة عملية تحررنا من الصنمية النقدية وتنقلنا إلى رحاب الفكر النيّر”.
وبعد ما نوّه بالمجهود الجليّ وبالنقاط المضيئة في الكتاب (وهي كثيرة) “ومنها المقاربة المباشرة بين سعاده وزينون الرواقي، حيث نجح الدكتور ادمون ملحم في إيضاح الأفكار المشتركة وتفسير الأبعاد المنهجية والمنطلقات الفكرية للفيلسوفين العظيمين”. وتوجّه بعدها للكاتب بالقول: “أمّأ أنتم يا حضرة الأمين الدكتور ادمون ملحم، الآتي إلينا من ملبورن، لتحلّ بين أهلك والرفقاء والأصدقاء حاملاً معك نتاجك الفكري – البحثي، فالحق يقال أنكم اجتهدتم اجتهاد المتمكن فحلّقتم بعيداً في أعماق الوجود وفناءات الكلمة وعطر الفلسفة تعبيراً عن القيم الحقيقية والامكانيات المعرفية للفيلسوف زينون وللزعيم سعاده. وإذا كان الأدب عصارة الفكر البشري، يخاطب العقل ويلامس الوجدان ويلج أسرار الحياة ويعالج مشاكلها، توقاً إلى الأفضل والأمثل.. فمن حقنا أن نتباهى بإصدارك “الفلسفة الرواقية من زينون إلى سعاده”، كما من حقنا أن نتباهى بإصدارات الرفاق في الحزب السوري القومي الاجتماعي الفكرية والأدبية والنقدية لإغناء المكتبة القومية”.
بدوره، تلا منسّق تيار المردة في سيدني، الأستاذ سركيس كرم، قراءته بالإنكليزية لكتاب “سعاده رجل سابق لزمانه” وقال: “يسرني أن تتاح لي الفرصة لمناقشة كتاب آخر رائع للدكتور ادمون ملحم الذي أخذ على عاتقه مهمة الترويج لأفكار أنطون سعاده وإرثه ورؤيته، خاصة باللغة الإنكليزية العالمية”. وأضاف كرم: “بعد أن قرأت كتاب الدكتور ملحم الأول “أنطون سعاده فيلسوف قومي” وكتابه الثاني “الحب المدرحي”، أعترف مرة أخرى أن كتاب ادمون ملحم منحني الفرصة ليس فقط للتعرف على فكر أنطون سعاده، ولكن ايضاً لاكتشاف المزيد من بعده الفلسفي وإلقاء نظرة شاملة على سيرته الذاتية من منظور مختلف. وأضاف: أن الدكتور ملحم أوضح في كتابه كيف أن سعاده اختار أن يحيا حياة من اليقين.. حياة هادفة ومرضية غايتها خدمة شعبه والإسترشاد بأحلامه وتطلعاته، وأن سعاده كان قادراً على تجسيد رؤيته وترجمتها إلى واقع وكان قادراً على الهام الآخرين للقيام بمهام قد تبدو مستحيلة في حياتهم. وأضاف: ان سعاده كان لديه بالتأكيد إيمان بالإمكانيات الموهوبة للأجيال الشابة ورأى أنها الطريقة الأكثر جدوى نحو مستقبل مشرق وهو الذي خاطب أجيالاً لم تولد بعد. وأضاف كرم: أنه لم يكن أمراً مفاجئاً أن يولي سعاده قيمة عليا للتربية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتنوير العقول وفتح الأبواب أمام آفاق واسعة من الإبداع غير المحدود والحرية المنتجة. وبالتالي كان مصمماً جداً في سعيه لتشجيع التعليم وتعزيز اكتساب المعرفة”.
أمّا عميدة الثقافة في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتورة فاتن المر، فألقت كلمة عبر تطبيق “زووم” تحدّثت فيها عن الكاتب وعن دور الثقافة وأهميتها في صقل العقل للجيل الجديد وتوجهت بالشكر لمنفذية سيدني لتنظيمها هذا الحفل الراقي ولإتاحة الفرصة لنا للتعبير عما نكنه للأمين إدمون ملحم من تقدير. ومما جاء في كلمتها:
“تساءلت في البدء على أي ناحية من شخصية الأمين إدمون سأتكلم. أعن رئيس الندوة الثقافية المركزية الذي لا يكل ولا يمل ولا يشتكي من كثرة الأعباء، بل هو، إذا اشتكى، يعترض على تباطؤ وتيرة العمل؟ أم أتكلم عن الباحث الذي يسهر الليالي، ويقرأ عشرات المراجع ويغوص فيها قبل أن يكتب حول الموضوع الذي اختاره؟ أم أصف المثقف الذي يحمل هم بث الثقافة كإشعاع يطال الجميع ولا يكون حكراً على مجموعة من المثقفين المنعزلين عن مجتمعهم؟ كل هذا وأكثر، وبشكل أكثر تحديداً، أود أن أتحدث عن الأمين إدمون الإنسان. أبحث عن كلمة ألخص بها كل الصفات التي أراها أمامي حين أفكر في الدور الذي أصبح له في حياتنا الحزبية، فتلمع أمامي صفتا الطيبة والتسامح، وهما صفتان نحن أحوج ما نكون إليهما إن كان في حياتنا الحزبية أو في الحياة الاجتماعية بشكل عام. ففي الأزمات، إذ يضيق الإنسان ذرعاً بالكم الهائل من المشاكل والصعوبات التي تعترض يومياته، يميل لأن يكون قاسياً مع من يخالفونه الرأي، غير متسامح حتى مع الهفوات الصغيرة، مغتاظ امن الجميع حتى من نفسه، رافعاً سوطه في وجه الكل ومحترفاً جلد الذات. في الأزمات، نحتاج دائماً إلى من يشكل لنا مثالاً إيجابياً نقتدي به. هذا هو الدور الإنساني الأهم الذي يؤديه حضرة الأمين بيننا، فهو، بابتسامته الطيبة، وبلطفه يذكرنا أن كل المعوقات والأخطاء والاختلاف في الرأي لا يجب أن يمنعوا التواصل الهادف إلى تأمين المصلحة الحزبية، والانفتاح الذي يشكل غنى، والاحترام المتبادل الذي يجب أن تبنى عليه كل العلاقات الحزبية والاجتماعية. هكذا هو رئيساً للندوة الثقافية المركزية، عضواً في الهيئة الإدارية لمؤسسة سعاده، رفيقاً لكل القوميين الاجتماعيين على اختلاف أعمارهم وأطباعهم.
شكراً حضرة الأمين على كل ما تقدمه لنا كل يوم من جهد وتفان قل نظيرهما، وشكراً على المنتجين الفكريين الأخيرين اللذين سيغنيان مكتبتنا الحزبية”.
وفي الختام ألقى الأمين إدمون ملحم كلمة تضمنت كلمات شكر وامتنان ووفاء لكل الحاضرين ولكل المتكلمين والمتكلمات مثنياً على كلماتهم الراقية التي اعتبرها أوسمة على جبينه يفتخر ويعتّز بها. وبعد أن توجه بالشكر لمنفذية سيدني لتنظيمها هذا الحفل الراقي ولمؤسسة سعاده للثقافة لمبادرتها الجميلة بتبني طباعة كتاب الفلسفة الرواقية ونشره بدافع رسالتها الهادفة لنشر فكر سعاده وتفعيل الإنتاج الثقافي النوعي بُغْية الإسهام الفاعل في تحقيق الوعي القومي لدى ابناء شعبنا، تحدّث عن الأسباب التي دفعته للكتابة عن الفيلسوفين العظيمين أنطون سعاده وزينون الرواقي. وقال:
“نحن نؤمن بقضية تساوي وجودنا من أجلها نقف معاً ونصارع بإرادة واعية للإرتقاء بالأمة وتحسين حياتها لأن غايتنا الأخيرة هي حياة الأمة وحريتها وجمالها وخيرها ورقيها… وانطلاقاً من إيماننا بقضيتنا، نحن نعمل بعزم وتفانِ وإخلاص.. نزرع الأرض حباً ووعياً وقيماً ودماء، ونعطي دائماً بصدق وسخاء ولا نتلكأ عن واجب لأن الواجب مبدأ أساسي من مبادئنا الأخلاقية.
لقد حتَّمَ عليَّ الواجب القومي الإضاءة على حلم سعاده المستقبلي ورؤيته الواضحة المشبعة بحب الحياة والممتدة إلى الآفاق البعيدة والساعية إلى تحقيق “حياة أجود في عالم أجمل وقيم أعلى” لذلك شرحنا في كتابنا باللغة الإنكليزية همُّ سعاده القومي وتصوره الجميل لمستقبل الأمة والإنسانية جمعاء وكيف وضع خطته الاستراتيجية المتجسِّدة بمبادئ الحياة الجديدة وبالمؤسسات القومية الصالحة والغاية السامية بهدف تحقيق حياة حرّة، شريفة، مليئة بالخير والحق والجمال والبحبوحة والعدل والحرية والسلام”.
وعن كتاب الرواقية، قال الدكتور ملحم:
“نهضتُنا العظيمةُ ولّدت في نفوسِنا الشعورَ بالمسؤوليةِ والواجبِ القوميِّ بضرورةِ الاهتمامِ بتاريخِنا الحافلِ بالإنجازاتِ الحضارية، ودرسِهِ لنفهمَ حقيقةَ نفسيتِنا السورية ومراميها، ولتتكوَّنَ لدينا المعرفةُ الصحيحةُ في ما يخصُّنا من تراثٍ فكريٍ أصيل.
وأضاف: ان الدافعَ الأساسيَّ الذي دفعني للكتابةِ عن زينون يكمُنُ في الشعور بالواجب القومي الذي يحثّنا على عدمِ إهمالِ تراثِنا الثقافيِّ والفكريِّ الذي يشكِّلُ ثروةً روحيةً للأمة، لا بل يدفعُنا للدِّفاع عنه والمطالبةِ به واستعادةِ ما نُهِبَ من آثارِنا وما نُسِبَ لغيرِنا من سوريين خالدين. إن الواجبَ القوميَّ يحتِّمُ علينا العودةَ إلى تاريخِنا القومي وإلى جوهرِ الأمةِ ونفسيتِها الحقيقيةِ الظاهرةِ في الإنتاجِ الفكري والعملي لنوابغها الكبار، وفي “ما خلَّده سوريون عظام كزينون وغيرُهُ من فلاسفةٍ وحكماءَ وعلماءَ وأدباءَ وشعراءَ وعباقرةٍ خالدين وذوي فضلٍ كبيرٍ على الإنسانية. من واجبنا أن نعرفَهم وأن نعيدَ المسروقين منهم ونضمَّهم إلى صانعي تراثِنا الثقافيِّ والفكري الذي نجدُ فيه جذورَ هويتِنا التاريخية.
وزينون الرواقي الذي ولد في موطن عُرف بكونه مهد الحضارة الإنسانية.. هذا الفيلسوف الكبير هو مثلٌ عن هؤلاء السوريين الخالدين الذين لهم فضل كبير على الإنسانية والذين سرقهم الغرب منا وطمس هويتهم الأصلية. هذا الرجل ذهب إلى أثينا حاملاً وقيد الفكر والعبقرية، وهناك استقر وراح يدرس على الفلاسفة إلى أن أنشأ مدرسته الخاصة التي ذاع صيتها فكان بتعاليمه معلم الحياة ورسالة الخلاص لذلك الجيل ولأجيال عديدة تلت”.