عيد العمل
أيها السوريون القوميون الاجتماعيونأيها المتجذرون في الأرض كشرايين الأمة تستقون من أديمها حق وجودكم وحريتكم ونهضتكم، وما من بيت من بيوتكم إلا وفيه عامل ومنتج.
أنتم، أبناء الأمة الهادية للبشرية جمعاء، منذ فجر التاريخ حيث بزغت الحضارة في أرضها وقدمت للبشرية أولى صنائع الإنسان فكانت الزراعة الأولى بل المدنية الأولى إبداعًا واختراعاً وتقدماً فكان لها اليد الطولى والريادة مهداً وتمهيداً لقيامة شعبها وقيامة الأمم.
أولئك هم أجدادنا الذين نحت الدهر على قسمات وجوههم أخاديد الصمود وازدانت جباههم بعطر عرقهم لتنزف راحات أياديهم دم البيادر نقياً مقدساً فكانت أكفهم كحجري الرحى تطحن الزمن لتطعم جياع الأرض، دمهم الذي ارتوى منه التراب فأينع حقاً وخيراً وجمالا.
ونراه أيضاً، يوم استبد به الغزاة والمستعمرون على مر العصور ثم استنزفه الاقطاع مبدداً ثروات الأمة لصالح الفرد على حساب الجماعة، حتى عقد حزبكم العزم على نيل الحرية ليلغي الاقطاع وينظم الاقتصاد القومي على أساس الانتاج داعياً لإنصاف العمل في سبيل صيانة مصلحة الأمة والدولة القوميين.
وها نحن، بعد عقود من الصراع، نرى ذاك التنين الجائع ما زال يمعن في التهام حقوق الشعب إما لمصالح فردية أو إنفاذاً لنفوذ الخارج عبر أعوان الداخل، فبُدّد الانتاج وسلبت الحقوق وارتهن الوطن وفقد جلُّ الشعب ثقته بنفسه ووطنه وبات العامل والمواطن رهينة جشع المقامرين واستيلاء الأجنبي على القرار الوطني، قرار لا حق لأحد فيه إلا أنتم، فما أنتم فاعلون؟
ها نحن نشهد إلى أي حدٍّ وصل حال العامل في بلادنا، فلا أجور قادرة على تأمين حياة كريمة، ولا ضمانات اجتماعيّة ممكنة لتحميه من التسوّل على أبواب المتنفذين… القطاع العامّ يعاني ما يعانيه من الإهمال والفساد، وبالتّالي الظلم بحقّ الموظّف، والقطاع الخاصّ يحيط رؤوس الأموال بتحصين للأرباح، في مقابل انسحاب الظلم على العاملين فيه؛ وفي ظلّ هذا وذاك، لا سياسات تسعى إلى تحسين الواقع المعيشيّ الاجتماعيّ للمواطن؛ خصوصاً مع الإمعان في ضرب المدرسة الرسمية والجامعة الوطنيّة، ما يخلق حملاً إضافياً على كاهل الشعب الذي بات في معظمه تحت خط الفقر، وفي ضرب القطاع الصحي وزيادة تكاليفه، ما يضاعف العبء عليه. وذلك كلّه مع سعي من قبل المتمولين والقيمين على الأموال إلى تعويض خسائر القطاع المصرفيّ من أموال المودعين المنهوبة، ومن قبل السياسيين إلى ربطنا بمخططات صندوق النقد والبنك الدوليين لتدمير ما تبقى من مقومات العيش، وما تبقى من عوامل السيادة في مجتمعنا.
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون
هبّوا إلى الانتاج، على مختلف الصعد ولا تنتظروا الحلول على موائد الضباع من سياسيين وغيرهم، ثقوا بأنفسكم وبلادكم، واعلموا، كما علّمنا سعاده بأن على كل عضوٍ في دولتنا القومية المنشودة أن يكون منتجاً بطريقةٍ من الطرائق، فلا بنك دولي يغني خزائن شعب، ولا دولة مفلسة تغني عن جوع.
اليوم، وفي يوم العمل، بل يوم المنتجين للعمل، نقول:
كما الأرض، لا يصونها إلّا المقاتل، تشهد الأفعال لقيمة الفاعل، فكونوا على قدر المسؤولية ناهضين لعز بلادكم لتبقى لنا جميعاً، لدولة قومية لن نتنازل عن شرف قيامها، ولن نتأخر في الدفاع عن حقها في الوجود والحياة.
عمدة الإذاعة
01/05/2023