محاضرات في التربية والتعليم
في سورية نزعة ترمي إلى إحلال اللغة الفصحى محل اللغة العامية، تقابلها من جهة أخرى النزعة الرامية إلى التأليف باللغة العامية واعتبارها لغة الشعب.
وقد أطلعنا أحد الأصدقاء على كتاب صغير جمعت فيه المحاضرات التي ألقاها السيد واصف بارودي، المفتش في دائرة معارف الجمهورية اللبنانية، في موضوع التربية والتعليم، فوجدنا أنّ مؤلف المحاضرات يؤيد النزعة الأولى ويضع برنامجاً عملياً دقيقاً يطلب من المعلمين والمعلمات تنفيذه، ليكون الخطوة الأولى نحو إحلال اللغة الفصحى محل اللغة العامية.
ونحن نؤيد السيد واصف بارودي في كل ما ذهب إليه من هذه الوجهة ونودّ أن يتحقق برنامجه بسرعة لكي نشعر بالتقدم المحسوس نحو دقة التعبير وصفاء العبارة الضروريين لارتقائنا الفكري والعملي. فقد كان من وراء بعد الشقة بين اللغة الفصحى واللغة العامية، وغلب هذه على تلك، أنّ الارتقاء الفكري كان بطيئاً جداً لأن الناس كانوا يجدون صعوبة كبيرة في تتبع الكتب الغنية بتعابيرها النفسسة والأدبية والعلمية لما أنهم كانوا يستعملون اللغة الفصحى نادراً.
ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى التقدم الواضح، في المحادثات العامة بين أهل الطبقة المتعلمة نحو الاعتماد على التعابير الفصيحة بدلاً من التعابير العامية، ونأمل أن يزداد هذا التقدم بمناصرة المعلمين والمعلمات وسلك طرق جديدة كالطرق التي يشير إليها السيد واصف بارودي. بقي أنه وردت في المحاضرات التي نحن بصددها أغلاط لغوية لا تقلل شيئاً من أهمية الكتاب وشأن الموضوع، ولكنها ليست من الأغلاط التي يجوز صدورها عن مفتش في دائرة المعارف كاستعمال حرف «الباء» بدلاً من حرف «في» و«اللام» بدلاً من «إلى» ولعلها ناتجة عن عدم تدقيق من المحاضر. فنهنىء السيد البارودي بنجاحه في معالجة موضوع تعليم اللغة الفصحى.
أنطون سعاده
المجلة، بيروت
المجلد 8، العدد 1، 1/3/1933