أهوارُ العراق: مهدُ الحضارةِ السّومريّة
تقع الأهوار جنوب العراق “ويُعتقد أنّ ساكنيها مُتحدّرون من السّومريّين” في الحوض الرّسوبي، وهي مناطق طبيعيّة لأنواعٍ عدّة من الطّيور المهاجرة في مواسم الشّتاء وأنواع عدّة من الأسماك المقيمة والمهاجرة الّتي تأتي لغرض التّكاثر في الصّيف خاصّة.
أُطلق عليها أسامي عدّة منها “ البطائح” (جمع بطيحة) لأنّ المياه تبطّحت فيها أي سالت واتّسعت في الأرض وكان ينبت فيها القصب.
بالإضافة إلى ذلك يعيش سكّان الأهوار في جزر صغيرة طبيعيّة أو مصطنعة، يستخدمون نوعاً من الزّوارق يسمّى بالمشحوف في تنقّلهم وترحالهم.
للأهوار تأثير إيجابيّ على البيئة وهي تُعتبر مصدراً جيّداً لتوفير الكثير من المواد الغذائيّة من الأسماك والطّيور والمواد الزراعيّة الّتي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الأرُز وقصب السّكّر.
وشهدت الأهوار على ولادة وتطوّر الحضارة السّومريّة ولم تكن طراز سكن فحسب إنّما أسلوباً تفاعليّاً مع البيئة وتطوّرات المناخّ.
تعود نشأة المسطّحات المائيّة في الأهوار الّتي تكوّنت من ترسّبات نهري دجلة والفرات، ومعها أسلوب بناء البيوت من القصب، إلى حوالي 5,000 سنة قبل الميلاد.
اكتشفت قنوات للرّيّ مرصوفة بألواحٍ خشبيّة الأمر الّذي يقود إلى فهم أسلوب التّعامل السّومريّ مع البيئة وتدبير شؤون المياه في حال ارتفاع منسوبها في نهري دجلة والفرات.
يساعد القصب المُستخدم في البيوت الطّيور في بناء أعشاشها بخلاف الأسمنت، ممّا ساهم في تعزيز النّظام الإكولوجي في هذا المتّحد الجغرافيّ وتكوّن المحميّات الطبيعيّة من أشجارٍ وطيورٍ وأسماكٍ.
حذّرت المنظّمات الوطنيّة في العراق من التّأهيل العشوائي لهذه المحميّات الطبيعيّة، مطالبةً باستعمال المواد الطّبيعيّة والنّاتجة من بيئة الأهوار كالقصب والبردي، مشيرةً إلى ضرر استعمال الطّابوق أو الأسمنت في أعمال إعادة التّرميم والتّأهيل لهذه البيوت الّتي تُعدّ من التّراث الحضاري.