أول مارس 1943
لا نعتقد أنّ الزعيم كان أكثر اغتباطاً بشيء، في التذكار التاسع والثلاثين لمولده ودخوله العام الأربعين منه بدلائل نشاط الحياة القومية الاجتماعية في المغترب السوري التي برزت بوضوح في الاحتفالات السورية القومية الاجتماعية في أنحاء عديدة من البلاد الأرجنتينية وفي أهم الأقطار الأميركية.
كان أبرز الاحتفالات القومية الاجتماعية في الأرجنتين الاحتفال الذي أعدّه أصحاب العقيدة القومية الاجتماعية ومحبذو الحركة السورية القومية الاجتماعية في مدينة كوردبة فقد اغتنم الرفقاء وجمهور من النزالة السورية في المدينة المذكورة، بينهم عدد غير قليل من وجهائها وأصحاب المراكز الاجتماعية والاقتصادية فيها وجود الزعيم وعائلته في «تكية سعاده» ضيفاً على الرفيق خليل سعاده بدعوة منه ومن والده، المفكر النابه والنابغة في الهندسة البنائية السيد عبود سعاده ليطلبوا إليه حضور الاحتفال بمولده، الذي عزموا على إقامته تعظيماً للفكرة السامية التي أوجدها الزعيم ومظاهرة له في جهاده الكبير، وإجلالاً لشخصه وتعزيزاً للحركة العظمى التي تعمل وتحارب منذ عشر سنوات ونيف من أجل تحرير سورية وتوحيدها وإنهاض الأمة السورية وشق الطريق لارتقائها الثقافي وتفوقها الروحي المرغوب فيه.
ومع أنّ جميع الفئات السورية القومية الاجتماعية في الأرجنتين أحيت احتفالاتها الخصوصية في كل مدينة، وجدت الحركة السورية القومية الاجتماعية سبيلاً إلى السوريين المغتربين فيها، فإن جميع هذه الفئات اتجهت بالرسائل والبرقيات والخطب إلى احتفال كوردبة الذي كان مظهراً فخماً من مظاهر استيقاظ الأمة السورية وتنبهها لحياتها ومستقبلها المعقودين على الحزب السوري القومي الاجتماعي وعقيدته ونظامه.
وقد أرسلت فروع الحركة السورية القومية الاجتماعية في أقطار أميركا الجنوبية والشمالية برقياتها المهنئة الزعيم بالتذكار التاسع والثلاثين لميلاده إلى بيونس آيرس. فوردت برقية من سان باولو، البرازيل، أمضاها، بالنيابة عن الرفقاء، الرفيق وليم بحليس، وبرقية من عاصمة المكسيك من المنفذ العام لفرع الحزب السوري القومي الاجتماعي في تلك البلاد الأمين عساف أبي مراد، ووردت رسالة من المنفذ العام للحزب السوري القومي الاجتماعي في أميركانية، الأمين الدكتور فخري معلوف، وبرقية من سانتياغو تشيلي، ورسائل كثيرة من أنحاء متعددة.
إنّ هذه البشائر المقوية الأمل بحسن مآل النهضة السورية القومية الاجتماعية وبفلاح القضية العظمى، هي خير ما يرتاح إليه قلب الزعيم في جهاده وتضحيته. فنهنىء الأمة السورية بهذه النعمة التي أنعمتها عليها العناية ونتمنى لهذه الحركة المباركة اطراد التقدم والنصر الأخير.
والمفرح، بمناسبة مرور هذا العيد القومي الكبير، أنّ الزوبعة، بعد أن توقفت عن الصدور مدة تزيد على ثلاثة أشهر، بسبب المعاكسة المقصودة في جميع المطابع السورية، قد خرجت من المعركة التي اضطرت لخوضها منتصرة انتصاراً كبيراً بيّناً، لتستأنف عملها القومي وتنير الشعب بالأخبار الموثوقة والآراء الصحيحة.
وإنها لمناسبة سعيدة أن يكون تغلّب الزوبعة على أهم الصعوبات الطباعية موافقاً لحلول العيد الكبير بمولد مؤسس نهضة سورية القومية وحدوث الاحتفالات العامة به، فيحمل أول عدد يصدر بعد التوقف أخبار هذه الذكرى العظيمة وفعلها في إيقاظ همم السوريين في هذه الأصقاع البعيدة عن الوطن الحبيب.
ويعود الفضل، في اجتياز أزمة طبع جريدة النهضة القومية الاجتماعية الحالي، إلى سعي القوميين الاجتماعيين ومناصري حركتهم في مدينة كوردبة، وإلى همة بعض رفقاء أميركانية الذين فكروا باكتتاب محدود فيما بينهم لمساعدة الزوبعة قبل أن يصل إليهم أي نداء بطلب المساعدة، فجمعوا بمناسبة عيد أول مارس/أذار مبلغ مئتي ريال أرسله الأمين الدكتور فخري معلوف بالبريد الجوي ووصل في وقت الحاجة الماسّة إليه.
أما كيفية حل الأزمة المذكورة فهي أنّ إدارة الزوبعة كانت قد خابرت في شهر مايو/أيار من السنة الماضية شركة «ناشنل فايفر» الأميركانية في مجموعة أمهات من حجم 14، لأن الإدارة كانت علمت أنها الأمهات الوحيدة الحاضرة للبيع. ولم يكن الثمن المطلوب مناسباً، ولم يكن حدث تلبية لمشروع المطبعة فأجّلت الإدارة مراجعة الشركة المذكورة مستندة إلى جواب الشركة الخطي، في شهر مايو/أيار السنة الماضية، فأجيبت أنّ المجموعة المذكورة مطلوبة من ذوي مصلحة آخرين ولكن البيع الفعلي مؤجل. وبعد أيام أخبرتنا الشركة أنّ البيع قد تم وعرضت علينا مجموعة من حجم 18 كانت عندها ولم يكن لنا بها علم. وتم اتفاقنا على شراء هذه المجموعة.
سعينا بعد ذلك للاتفاق مع مطبعة أجنبية عندها لينتيف، يمكن تشغيله بعض الوقت، بأمهات من الحرف العربي وتوفقنا في هذا المسعى. ولكن ظهر أننا سنحتاج لشراء مخزن الأمهات، لنأمن تعقّد التعبئة والتفريغ كلما أردنا العمل.
وفي هذا الأمر توفقنا أيضاً.
فخابرنا فرع كوردبة فجمع في الحال نحو نصف التبرعات التي جرى اكتتابها وذكرت في العدد الماضي فضممنا إليها حوالة المئتي دولار.
ولم يكفِ المبلغ فسعى الرفيق جبران مسوح في تغطية المطلوب بانتظار ورود التبرعات التي بلغنا أنها حدثت في سان باولو، البرازيل، منذ شهور وبعض هذا المبلغ الباقي يمكن تغطيته بالإعلانات الواردة لهذا العدد الممتاز.
يمكن القول الآن إنّ الزوبعة أصبحت على طريق الاستقلال في طباعتها وأمّنت، نوعاً ما، استمرار صدورها. ولكن الاستقلال الطباعي التام لا يزال على بعد قليل أو كثير.
فهذا الاستقلال يحتاج ليس فقط إلى أمهات ومخزن، بل إلى آلة لينتيف وآلة طباعة ومجموعة من الحروف الرصاصية من أحجام مختلفة للعنوانات وغير ذلك. ولكن ليس شيئاً مستحيلاً على تضافر الجهود القومية الاجتماعية وأمامنا رسائل تبشّر بقرب الوصول إلى غايتنا سنعلن عنها في الحين المناسب.
وإذا عمّت التبرعات في الأقطار الأميركية بين القوميين الاجتماعيين وأصدقاء النهضة السورية القومية الاجتماعية، فيمكن إنشاء مطبعة كبيرة متقنة تفي بجميع الحاجات الطباعية. فإلى الأمام يا أبناء الحياة!
أنطون سعاده
الزوبعة، بيونس آيرس،
العدد 61، 15/6/1943