أيضًا وأيضًا: لا للتطبيع

كتب الأمين وليد زيتوني

يبدو أنّ السّرديّة الّتي ساقتها السّفارة اللّبنانيّة في باريس لدعوة “عائليّة” بغية جمع الجالية اللّبنانيّة، تصلح ستارًا لفتح قنوات غير مباشرة مع الدّولة اليهو-ديّة الزّائلة عبر الجالية “اللّبنانيّة” بالاسم و”الاسرائيليّة” فرنسيًّا باعتبار أنّ الانتداب الفرنسيّ من صنفها كطائفة بهذا الاسم ضمن الطّوائف اللّبنانيّة.

ويبدو أيضًا أنّ سعادة السّفير رامي عدوان كان دائم الاتصال بهذه الجالية حسب ما جاء في السّرديّة المرفقة بالدّعوة.

بالواقع لم توضح السّرديّة إذا كان الاتصال جهد شخصيّ لسعادة السّفير، أم أنّه بناء على توجيهات الإدارة في وزارة الخارجيّة اللّبنانيّة، أو سياسة الحكومة الجديدة؟

طبعًا لن ندخل في التّخمينات والتّقديرات، إنّما سنتكلم عن خطورة هذه الدّعوة وعدم صوابيّتها ودحض التّبريرات الّتي عرضها المنشور الموزَّع مع الدّعوة.

في الحقيقة، إذا كانت الحكومات المتعاقبة في لبنان استنكفت عن القيام بهكذا عمل منذ العام 1943 فما هي المبررّات الّتي تجعلها تُقدِم عليها في هذا التّوقيت بالذات؟ مترافقة مع موجة التّطبيع العلنيّة والسّرّيّة لبعض دول َكيانات أمم العالم العربيّ. ومع موجة المؤتمرات، من “الاتّحاد الابراهيميّ” لمؤتمر أربيل، ومع موجة التّطبيع الاقتصاديّ عبر معرض “اكسبو دبي”، ومع عمليّة استجرار الطّاقة من كهرباء وغاز من الكيان المحتلّ للكيان اللّبنانيّ عبر دول وسيطة من أمم العالم العربيّ.

أمّا ما هو أسوأ، فهو التّبرير الّذي ساقته جريدة النهار اللبنانية واستند إلى أنّ الدّولة اليهوديّة الزّائلة تستضيف حوالي 3000 لبنانيّ ولبنانيّة على أراضي فلسطين المحتلّة، وبالتّالي يجب المعاملة بالمثل ، لترسيخ وجه لبنان الحضاريّ والتّسامحيّ ووحدة لبنان ك”نموذج للتعايش”.

لقد نسي الجهبذ أو تناسى أنّ هؤلاء الأنفار هم من الطّفّار، فلول جيش لحد الّذي كان يقاتل إلى جانب العدوّ ضدّ لبنان ومصالحه، وبالتّالي هم بمنأى عن العدالة تحت حماية العدوّ، وأنّ العدو استخدم قسمًا منهم في الحرب على العراق، وفي الحرب على الشّام. كما ترسل لنا بين الفينة والأخرى أفرادًا منهم بجنسيّات مختلفة للاستطلاع والرّصد وبذر الفتن (من أجل الوحدة الوطنيّة).

وهنا يتبادر لذهننا عدد من الأسئلة؛ هل الّذين سيجتمعون مع سعادة السّفير هم مع لبنان ضدّ كيان الاحتلال؟ هل هم يقدّمون مصلحة لبنان على مصلحة عدوّه؟

صحيح أنّ هناك صها-ينة أكثر من اليه-ود، لكنّ هذا اليهو-ديّ المؤمن بالتّوراة وما جاء فيها، وبالتّلمود نهجًا ومسلك حياة، ألا يعتبرنا نحن “غويم” ويجب معاملتنا على هذا الأساس؟ ألم يقل بالأمس القريب أحد الوزراء في الدّولة المصطنعة أنّ “الحكّام العرب لا يصلحون الّا للركوب”؟

ألم يسمع سعادة السّفير ما قاله الكاتب اليهو-ديّ شاي غولدبيرغ: “عندما تخون، أنت كعربيّ، أبناء شعبك بآراء عنصريّة صهيونيّة، فنحن نحبك مباشرة… لكنّ حبّنا كحبّنا للكلاب… لهذا يمكنك أن تختار: إمّا كلب محبوب أو مكروه محترم”. وصدق عندما ختم بالقول: “حتّى الأعداء لا يحبّون الخونة”.

هل يعلم سعادة السّفير أنّ عدد من يحاول لم شملهم العائليّ لا يعادل عدد شهداء عدوان تمّوز 2006؟

لا يا سعادة السّفير! لا نريد فتح جسور مع هذا العدوّ توصل إلى التّطبيع، لأنّ التّطبيع استسلام للأمر المفعول وإن سكتت عنه الأكثريّة.

إنّ كسر إرادة القتال في شعبنا هي استسلام وهذا هو منطق الحرب.

أمّا نحن فاتصالنا بالعدوّ اتصال الحديد بالحديد واتصال النّار بالنّار، وإنّنا نفضّل الموت شرفاء على الحياة أذلّاء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى