إنشاء كتيبة «عربية» في إيطالية
في برقية لشركة «ترانس أوسيان» عن روما بتاريخ 6 يوليو/تموز الحاضر أنّ فكرة إنشاء كتيبة «عربية» لمحاربة الإنكليز في إفريقية الشمالية قد لاقت إقبالاً جيداً من «ألوف العرب» الموجودين في إيطالية.
وتزيد البرقية أنّ تلبية الفكرة كان بالأكثر بين الطلبة وغيرهم من الشباب المنتمين إلى «المنظمة العربية» أو إلى «اتحاد الطلاب العرب» في إيطالية، وأنّ هؤلاء قد شكّلوا جماعات غرضها تنشيط التجنيد وتأييد هذه الحركة.
وتقول البرقية المذكورة إنّ الفكرة المشار إليها آنفاً تلاقي قبولاً عند «العرب» النازلين في أقطار أخرى، وإنّ «المركز العربي» في روما يتسلم يومياً طلبات انضمام من المجر ورومانيا واليونان وبلغاريا.
وإنّ الإقبال على التجنيد يجري خصوصاً من قِبل العرب الخارجين من العراق وسورية ومصر.
تشير البرقية إلى أنّ من أهم أسباب نشوء حركة التجنيد الانتصارات الحربية المحورية.
وفي البرقية إشارة إلى ابتداء بحث القضايا المتعلقة بإنشاء الكتيبة كمسألة القيادة، ومسألة الثوب الرسمي والمعدات والراية وما شاكل.
الزوبعة ــــ نعتقد أنّ هذه البرقية من قبيل الدعاوة السياسية البحتة.
وإذا كانت هذه الكتيبة ستوجد فعلى مسؤولية من وجودها؟ ونذكّر الرأي العام أنّ الحلفاء أخرجوا مثل هذه الفكرة إلى حيّز الفعل في الحرب العالمية الماضية وأرسلوا إلى أميركا لجاناً وعمالاً سوريين أنفقوا عليهم للإذاعة عن التجنيد، فجاءت اللجنة المعروفة بلجنة لكح ومردم، والعضو الثاني فيها كان السيد جميل مردم (بك) نفسه الذي صار فيما بعد في مقدمة رجال «الكتلة الوطنية» ورجال الحكم في الشام، ومن الذين عملوا للتجنيد وتأييد الحلفاء في الحرب الماضية السيد أمين الريحاني، عدا عن الصحف السورية العديدة التي اشترى أصحابها الحلفاء.
كانت نتيجة تلك المساعي أنه تألفت كتيبة سورية عُرفت بالفرقة الشرقية وجاءت سورية مع «جيش الشرق» الفرنسي، ولكن ماذا استفادت سورية من تأليف تلك الفرقة؟ كانت تلك الفرقة السيئة الطالع واسطة لخدع السوريين والتغرير بهم ليصدقوا أنّ الحلفاء ينوون مساعدتهم على الاستقلال وبناء جيشهم.
لا نعتقد أنه يوجد في إيطالية هذه الألوف من «العرب» ولا هذه الجماعات «العربية» الكبيرة في المجر ورومانيا واليونان وبلغاريا.
وإذا كان يوجد في إيطالية وألمانية الحاج أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني، وأفراد قلائل غيرهم، فهؤلاء أفراد غير مسؤولين، لأنهم لا يرأسون ولا يمثّلون أحزاباً قومية منظمة لها مبادىء وقوانين يحاسب بموجبها الأفراد العاملون. فجميع حركات هؤلاء الأفراد عائدة إليهم ويقومون بها من تلقاء أنفسهم بالاستناد إلى نفوذهم الشخصي وليس إلى سلطات حزبية دستورية.
إنّ هؤلاء الأفراد اشتهروا «بالوطنية» والحاج أمين الحسيني قد جاهد اليهود جهاداً كبيراً. ولكنه كان جهاداً اعتباطياً خالياً من الفن السياسي والإداري. والوطنية وحدها لا تكفي للقيادة والتنظيم.
إنّ الدول المخلصة لسورية واستقلالها تعلم أنّ في سورية اليوم منظمة عظيمة، هي المنظمة القومية الحقيقية الوحيدة التي تعمل بعقيدة واضحة ونظام ويشمل عملها الأمة السورية كلها، وأنّ الكلمة الأخيرة في شؤون سورية هي التي تلفظها الحركة السورية القومية الاجتماعية، وليست هي الكلمة التي تلفظها الدعاوة السياسية الحربية الأجنبية، ولا التي يلفظها أفراد «وطنيون» يسوقون أفراداً من الشعب السوري إلى الموت بدون مبرر قومي ــــ سياسي ولا خطوة مرسومة تقرّها سلطة دستورية.
ونظن أنّ المغتربين السوريين في الأميركتين، الذين تأكدت لهم متانة الحركة السورية القومية الاجتماعية ودقة نظامها سينتظرون ما تعلنه هذه الحركة ليتخذوا الموقف النهائي في هذه الحرب وما يتبعها.
إنه قد صار للشعب السوري قيادة قومية مقتدرة ومخلصة. وبناءً على هذه الحقيقة ننتظر المستقبل متفائلين ومبتسمين في أشد الأوقات عبوساً.
أنطون سعاده
الزوبعة، بيونس آيرس،
العدد 48، 15/7/1942