ادعاءات مهاجر من مرمريتا
عاد إلى مرمريتا من البرازيل مؤخراً المدعو يوسف اليازجي. وهو أحد المهاجرين المقيمين في سان باولو البرازيل ويتعاطى فيها التجارة. وقد ساعدته ظروف الحرب العالمية الثانية، كما ساعدت الألوف غيره، على ربح كمية مالية لا بأس بها بسبب ارتفاع أسعار البضائع ارتفاعاً مستمراً. فأصابه الشيء الكثير من الغرور، الذي يصيب عادة حديثي النعمة، فصار يطمع في الوجاهة وفي المراكز العالية يتزلف إليها بالمال. واصحابه في سان باولو يعرفون عنه طمعه في استحصال وظيفة قنصل أو ما شاكل للدولة الشامية في البرازيل. وقد جعل همّه من زيارته لوطنه اكتساب رضى رجال الحكم في الشام، فقدم هدايا لفخامة رئيس الجمهورية الشامية وقرينته. وبذر كمية زهيدة لبعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية. ويقال إنه استحق وسام الاستحقاق الشامي!
في مرمريتا، وحيثما توجه المهاجر المذكور، جعل ديدنه القدح في الحزب القومي الاجتماعي وفي زعيمه. وقد زعم أنه هو أدخل الزعيم في جمعية سياسية سورية في البرازيل يعني بها جمعية “الرابطة الوطنية السورية”. فهذا الكلام هو اختلاق محض.
إنّ جمعية “الرابطة الوطنية السورية” هي جمعية سياسية أسسها الزعيم نفسه سنة 1924 في سان باولو البرازيل. وأرادها جمعية تنمو سراً وتمتد إلى الوطن وتجمع عناصر الشباب وتتجه إلى الأعمال الجدية والثورة. وبناءً على اقتراح أحد ملبّي الدعوة في اجتماعها الأول سمّيت في طورها الأول “معية الشبيبة السورية الفدائية”. وقد وضع الزعيم نفسه مبادئها وقانونها الأساسي وانضم إليها في من انضم المدعو يوسف اليازجي، ووقائع الجمعية محفوظة تشهد بذلك، وقد اطّلع عليها ونقل بعض وقائع جلساتها الرفيق أسد الأشقر، حين ذهب إلى البرازيل سنة 1938 ليرافق الزعيم في رحلته.
وكان في أثناء سير الجمعية السرية المذكورة أن نشبت في الوطن ثورة جبل حوران التي قام بها الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش، فكان نشوب تلك الثورة مدغدغاً حب الظهور في عدد من أعضاء الجمعية، فأخذوا يقولون بإعلان الجمعية لتتمكن من إرسال برقيات احتجاج إلى جمعية الأمم، فعارض الزعيم تلك الفكرة الاعتباطية، وقال إنّ الجمعية لم توجد للاحتجاجات التي لا قيمة لها، فهنالك مئات من الجمعيات في المغترب تقدر أن تقوم بهذا العمل العاجز. واضاف الزعيم أنه لا جدوى من إعلان الجمعية، في تلك الظروف، بالنظر إلى أنها لا تزال في طور التأسيس وعدد أعضائها لا يبلغ المئة أو هو دون ذلك بكثير. ولكن محبّي الظهور أصرُّوا على موقفهم وقد شكلوا أكثرية في الهيئة الإدارية. فترك الزعيم الجمعية، فاجتمع أصحاب فكرة الزهور وقرروا إعلان الجمعية باسم جمعية “الرابطة الوطنية السورية”. وبعد مدة من سيرهم عادوا فالتجأوا إلى الزعيم يظهرون له التقدير والاعتراف ليمثّل الجمعية في حفلتها الأولى. وبعد إلحاح شديد ومراجعات عيدة قبل الزعيم إعداد خطاب الجمعية الرسمي وألقاه في الحفلة. ولكن الأعضاء المذكورين عادوا بعد الحفلة إلى المخاتلة فنفض الزعيم يده منهم نهائياً. وحاول الزعيم بعد ذلك، تأسيس حزب جديد، فجمع فئة من الشباب والّف منهم حزباً سماه “حزب الأحرار” ولكنه اكتشف عدم فائدة العمل الذي يريده في المغترب فقرر العودة إلى الوطن.
هذه هي حكاية الجمعية السياسية في البرازيل التي ينتمي إليها يوسف اليازجي من مرمريتا، أو هي بعض حكايتها لأنّ ذيولها كثيرة. وقد رأينا نشر هذه الحقائق لكي لا يقع أحد في تضليلات المدعو يوسف اليازجي المذكور.
وقد أمّ مؤخراً اليازجي المذكور الشوير وتعرّف فيها إلى الأمين فريد صباغ فسأله: هل “الأستاذ سعاده” يقيم في الشوير؟ فأجابه بالإيجاب، فقال: “سمعت أنه تُبنى له بناية فيها فهل هو يبنيها أم الحزب يبنيها له”؟ فأجابه الأمين صباغ: “يظهر أنّ لك قصداً من هذا السؤال، فما هو قصدك ولماذا يهمك أن تعرف هل هو يبني أم الحزب يبني أو هو والحزب يبنيان؟” فسكت وانصرف!
مجموعة الأعمال الرسمية للحركة القومية الاجتماعية،
بيروت، يناير/ كانون الثاني 1949