النزالة السورية تجاه حوادث الوطن المحزنة
فاجأت حوادث الوطن الأخيرة التى أصبحت في علم العموم، النزالة السورية كما كنا نعلم أنها ستفاجئها، أي أنها باغتتها وهي في انقساماتها الصغيرة وحزبياتها الشخصية الحقيرة، وفي نومها على وعود الدول الأجنبية واطمئنانها إلى ما تقرره الإرادات الأجنبية. وفي غفلتها عن الواجب القومي وفي غرقها في المسائل التجارية والأسباب المادية.
ولكن هذه المفاجأة كانت شبه صفعة شديدة أصابت وجه النزالة، ونعتقد اعتقاداً راسخاً أنها أصابت جميع النزالات السورية في جميع أقطار أميركة، فآلمتها وأيقظتها فذعرت لها ذعر المتضعضعة أموره الفاقد زمام أموره. وكان الموقف يتطلب رد فعل عام وجواباً صريحاً، ولكن النزالة المفسخة لم تكن فى حالة تمكنها من إتيان إتيان رد الفعل اللازم وإعطاء الجواب العمومي السريع الصريح المطلوب.
تجاه هذه المباغتة المؤلمة حدثت انعكاسات أولية هى أيضاً، في ذاتها مؤلمة مضحكة، وشر البلية ما يضحك!
في الحال برزت الصحف ذات السوابق تُنصِّب نفسها مراجع للأعمال والاتجاهات، طالبة من النزالة، كما كانت تطلب من قبل، التبرع بالمال وإرساله الى إدارتها هي، لكي ترسله هي إلى الهيئات التي تختارها أو إلى الحكومتين الشامية واللبنانية فتكسب ثناءهما
ومنزلة عندهما، أو إلى ل حيث ذهبت أموال سابقة لم تشرف عليها مؤسسات قائمة على أساس المسؤولية ولا تسلمتها مؤسسات مسؤولة.
وفي الحال تحركت الجمعيات المائتة في بوينُس آيرس والداخلية التي تنتظر مثل هذه الأحداث لتثبت وجودها وكل واحدة منها تريد أن تدعو وأن توجه الناس بطرق فرضية واستبدادية بحتة.
وفي الحال برز عدد من الاشخاص الانتهازيين الذين شأنهم استغلال المواقف الشبيه بالموقف الحاضر للإعلان عن أنفسهم وغيرتهم ووطنيتهم التي لم تقدر أن تبرز في عمل منظم أو مسؤول.
وقد حدثت المباغتة ونادي “شرف ووطن” المشهور أمره يتأهب ليدعو البعثة الفرنسية الثقافية الموجودة في بوينُس آيرس إلى عشاء مرسحي يشبه الولائم الكثيرة التي أقيمت وتقام في النادي المذكور بسبب وبغير سبب عمومي، لتوسيع نطاق علاقات أصحابه الشخصية على حساب إسم النزالة. والبعثة الإكليريكية المارونية كانت على ما بلغنا، تتأهب لتحذو حذو نادي “شرف ووطن” أو لتسبقه إلى الاحتفاء بالبعثة الثقافية الفرنسية والإشادة “بالصداقة التاريخية” المشؤومة مع فرنسة. وبعد لأْيٍ توقف النادي الذكور عن تحقيق الليلة المرسحية وتوقفت البعثة الاكليريكية المارونية عن مثل ذلك.
لم يطل الوقت حتى ورددت أخبار من مدن الداخلية عن تحرك جمعيات وأشخاص للتظاهر وجمع المال مدفوعة بدافع طلب الشهرة أكثر مما لدافع الغيرة الحقيقية على حالة الأمة وصراعها الأخير مع القرارت الفرنسية.
ولعل ما حدث فى توكومان ووصلت إلينا أخباره بالتناقل كان من أقوى أدلة فشل النزالة وتضعضعها تجاه العوامل التى هزتها. فقد صدرت جرائد تلك المدينة الأرجنتينية في أول يونيو/حزيران حاملة خبرين متناقضين الواحد في جريدة الغازيته وهي أهم صحيفة في شمال الأرجنتين مفاده أنّ المتاجر الشامية واللبنانية ستقبل نصف نهار في ذلك اليوم احتجاجاً على تدابير فرنسة الجائر.. والثاني في جريدة لاأنيون الراديكالية، التي عادت مؤخراً إلى الصدور بعد احتجابها، وفي غيرها وهو إعلان من قِبَل “الجمعية السورية اللبنانية” يوجه دعوة إلى التجار الشاميين واللبنانيين ليقفلوا محلاتهم في اليوم التالي! وقد أصدرت تلك الجمعية إعلانها من غير دعوة نظامية لتقرير الخطة، الأمر الي أدى إلى استياء بعض أعضائها المقدمين!
وسط هذه الفوضى تحركت الفئات السورية القومية الاجتماعية النظامية لتحاول المحاولة الوحيدة لجمع كلمة النزالة على موقف واحد. وكانت مديرية فرقمينة أولى فئات الحركة السورية القومية الاجتاعية في التحرك، فاتصل مديرها الرفيق محمد حسن تلفونيًا بالزعيم وأظهر له استعداد الرفقاء للقيام بكل عمل يشير به الزعيم، ويستأذن في إعلان احتجاج على تعديات فرنسة الدموية في وطننا، فأذن الزعيم وأشار على المدير بالاتصال بمنفذية بوينُس آيرس للقيام بكل عمل مشترك أو عام.
وتحركت العناصر القومية الاجتماعية في مدينة كوردبة للعمل الموحد المجهود في تلك المدينة ونتج عن تفاعلها مع بقية الفئات السورية التي تأثرت بأخبار الوطن المحزنة تكوّن لجنة مركزية أسندت رئاستها إلى القومى المحبذ المناصر السيد عبود سعاده، وكان من أفرادها البارزين مدير مديرية الحزب السوري القومي ورئيس لجنة مساعدة النهضة السورية القومية في ولاية كوردبة الرفيق يوسف العيط وغيرهما من العاملين والمحبذين وذوي الغيرة الوطنية.
عقب ذلك اتصال رئيس الجمعية السورية الثقافية في بوينُس آيرس الرفيق خليل الشيخ تلفونيًّا بالزعيم وعرض على الزعيم فكرة دعوة الفئات والعناصر السورية في بوينُس آيرس إلى عمل موحد أو مشترك يتمركز في هذه المدينة ليظهر النزالة بمظهر واحد عام، فاستحسن الزعيم هذه الفكرة التي تُظهر روحية الحزب وغايته وتبنّاها وأشار على الرفيق الشيخ أن يعرض على المواطنين مشروعين يصير الاتفاق على أحدهما وهما: إما أن يجري اجتماع لأشخاص وعناصر يجمع من القوة ما يكفي لاكتساب صفة تمثيل المجموع السوري في عاصمة الأرجنتين وبالتالي ثقة المجامع والعناصر في داخلية هذه البلاد، وإما أن يجري اجتماع يمهل الجمعيات والأحزاب فتجمع على عمل مشترك تنضم إليه الجمعيات والمؤسسات المنتشرة فى هذا القطر.
في الحال ابتدأ رئيس الجمعية السورية الثقافية الرفيق خليل الشيخ٠ اتصالاته الشخصية لتهيئة المشروع فاتصل أولاً بالسيد قاسم أبي الريش العامل في الجمعية الخيرية الإسلامية، فوافق السيد أبي الريش على الفكرة، ثم اتصل الرفيق الشيخ بالسيد إبراهيم هاجر الأرجنتيني المولد واللغة الذي يتخذ صفة ناموس أو رئيس “اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي”فرفض السيد المذكور الفكرة، وفي اجتماع بينه وبين الرفيق الشيخ في فندق طربوش، بحضور ناظر الإذاعة في منفذية الحزب والسيد قاسم أبي الريش، أعلن السيد هاجر رفض الفكرة قائلاً: إنّ “لجنة المؤتمر العربي” لها حق التمثيل وإنّ على الراغبين في العمل الانضمام إلى “اللجنة المذكورة. وكان في المكان عدد من الأشخاص غير الذين ذكرنا أسماءهم فاستنكر الجميع موقف السيد إبراهيم هاجر وأيدوا فكرة الرفيق خليل الشيخ. فتابع هذا الرفيق اتصالاته يشترك معه عدا عن العاملين القوميين الاجتماعيين السيد قاسم أبي الريش، فزار السيد خيرالله عريضة من النادي الحمصي وعرض عليه الفكرة فوافق عليها، وجرى حديث مع رئيس نادي “الشباب العرب” السيد اسد الله طيبة بواسطة السيد قاسم أبي الريش نتج عنه موافقة هذا المواطن، وجرى اتفاق بين رئيس الجمعية السورية الثقافية وممثل منفذية الحزب السوري القومي في بوينُس آيرس والسيد قاسم أبي الريش بالنيابة عن الجمعية الخيرية الإسلامية ورئيس نادي “الشباب العربي” على عقد اجتماع تمهيدي، في دار النادي المذكور، لدرس توجيه دعوة عامة إلى الجمعيات والمؤسسات والأحزاب الموجودة في عاصمة الجمهورية. فأسرع نادي “الشباب العربي” إلى توجيه دعوة عمومية من قِبَله إلى الجمعيات وبعض الصحافيين. ولو كان يجب أن تنفرد مؤسسة بتوجيه الدعوة لكان من حق الجمعية السورية الثقافية التي بدر المسعى من رئيسها وكان صاحب المشروع والمحرك الأول لتحقيقه.
وقد وجهت الدعوة، على ما يظهر من غير كثير اعتبار أو تحقيق في الجمعيات والأشخاص الذين يجب دعوتهم، فاتسعت حتى شملت جمعيات مائتة أو لا صفة تمثيلية لها، وأشخاصاً لا شأن ولا مركز واضح لهم، وضاقت حتى أُهملت جمعيات ناشئة وأشخاص لكل منهم شأنه المعروف ومركزه الواضح فتخلّف عن الاجتماع عدد غير قليل الشأن.
في الاجتماع التمهيدي المشار إليه الذي انعقد في دار نادي “الشباب العربي” وحضره صاحب المسعى الأولي لعقده رئيس الجمعية السورية الثقافية وممثل لجنة تأييد النهضة السورية القومية في بوينُس آيرس وممثلو عدد محدود من الجمعيات المدعوة، حدث حادث يدل دلالة صريحة على نوع الأشخاص المجاز لهم حضور الاجتماع وحق إبداء الراي بلا شعور بالمسؤولية: كان بين الحضور مواطن قادم من البرازيل ذو منزلة اجتماعية في النزالة السورية هناك، دعاه خصيصاً إلى الاجتماع رئيس الجمعية السورية الثقافية بصفته ضيفاً زائراً مؤيداً للأعمال القومية الوطنية هو السيد جبرائيل يافث المعدود من أفراد الفئة الواعية ومن كبار تجار النزالة السورية في البرازيل. فلما طرحت مسألة اختيار رئيس يدير أعمال الاجتماع التمهيدي إقترح رئيس الجمعية السورية الثقافية أن تسند رئاسة ذاك الاجتماع إلى الضيف الزائر السيد جبرائيل يافث ليكون رمزاً لتضامن النزالة السورية في البرازيل مع مساعي النزالة السورية في الأرجنتين لعضد موقف الأمة تجاه اعتداءات فرنسة الجديدة عليها وتقديراً من المجتمعين لمشاركة السيد يافث لهم في الشعور. فما كاد يُصرَّح رئيس الجمعية السورية الثقافية برأيه ويدلي باقتراحه الدال على نظرة عالية في المسائل الاجتماعية والسياسية، حتى انبرى أحد الحضور المعروفة سوابقه ومغامراته المدعو روفائيل لحود فعارض هذه الفكرة بقوله إنه لا حاجة إلى ترئيس رجل من خارج النزالة في الأرجنتين لأنه يوجد في هذه النزالة رجال أكفاء للمنصب وغير ذلك الكلام الخارج عن الشعور بالمسؤولية البعيد عن فهم الروابط الاجتماعية والسياسية وكيفية توثيقها. فكان هذا الرأي الجاهل كافياً ليمتنع السيد يافث عن قبول الإلحاح بترشيحه لإدارة ذلك الاجتماع التمهيدي. ومع ثقتنا بسعة فكر السيد يافث فلا بد لنا من القول إنّ تدخلات المدعو روفائيل لحود الجاهلة كانت سيئة ومنافية لروحية الدعوة وغرضها.
هذا الحادث المحدود يمثّل بعض التمثيل نتائج الفوضى والتسرعات في المسائل العمومية. وهي فوضى وتسرعات حاول أصحاب فكرة الدعوة وسعاتها الأولون رئيس الجمعية السورية الثقافية بممثلو الحزب السوري القومي ولجنة تأييد النهضة السورية القومية والمشتركون الأول في تلبية الدعوة امثال السيد قاسم أبى الريش، فعل كل ما يمكن فعله للتغلب على صعوباتها ومشاكلها، حرصاً على الغاية العمومية المتوخاة. فتقرر في الاجتماع المذكور العمل على تحقيق الفكرة وتوسيع الدعوة وعقد اجتماع ثان في دار “الجامعة الوطنية اللبنانية” لانتخاب هيئة إدارية ثابتة وتقرير جدول الأمور التي يجب القيام بها.
جرى الاجتماع الثاني وحضره عدد أكثر من الاجتماع الأول وتمّ فيه تعيين لجنة لنص المشروع الذي يجب استخلاصه من الاقتراحات المتعددة التى طرحت على الاجتماع. وكان التعيين من قِبَل رئيس الاجتماع من غير تصويت، ولكن في الأخير سأل الرئيس هل من معترض على التعيين فلم يكن اعتراض (وهي طريقة عقيمة). وتقرر أن يكون الاجتماع المقبل في نادي “شرف ووطن”.
في اجتماع نادي “شرف ووطن” وضع على بساط البحث مشروع منهاج العمل. فلما وردت نقطة إرسال المساعدة المالية وإلى من يجب إرسالها وقف رئيس الجمعية السورية الثقافية وطلب إرسال المال إلى لجنة شعبية. وأوضح السبب فقال إنّ كل حكومة تنشأ تحت احتلال أجنبي من أي نوع فنشوءها يعني ضمنهما أنها موجودة برغبة أو برضى المحتلين، وأنها تستند إلى ذلك الرضى، ونحن نعرف عن سوابق رجال حكومة لبنان الحاضرة الذين كانوا قبل الحرب يتنافسون مع كتلة السيد إميل إده في طلب رضى فرنسة، ورجال حكومة الشام الذين وافقوا على سلخ لواء الإسكندرونة، وعلى إلغاء المعاهدة والعمل السياسي للدستوري حين إعلان الحرب، وقالوا إنّ انتصار فرنسة هو أهم عندهم من كل شيء. واقترح إرسال المال إلى أمثال نعمة ثابت المجاهد القومي من سنين، وسلطان باشا الأطرش المحارب المعروف والأمين أمين مصطفى أرسلان صاحب المواقف الوطنية المشهورة، وغيرهم من هذا الطراز. وأيد اقتراحه معتمد لجنة تأييد النهضة السورية لقومية السيد جواد نادر وصفّق كثير من الحضور لهذا الاقتراح خصوصاً حين ذكرت أسماء أبطال الجهاد القومي. ولكن الذين لا يميلون إلى البطولة ولا يقدّرون قيمة جهاد المجاهدين تمسَّكوا بنظرتهم الباردة وانقسم الحضور بين مؤيدين لفكرة اللجنة الشعبية من المجاهدين ومؤيدين لفكرة إرسال المال إلى الحكوميين، وتقرر أن يكون إرسال المال حسب الرغبات، أي أنّ الساعين يمكنهم أن يختاروا تخصيص من يريدون إرسال المال الذي جمعوه إليه، وبعد الموافقة على المشروع انتهى الاجتماع وأسرع رئيس الاجتماع السيد جورج خوري، خلافاً للعادة المتّبعة بالاستفحاص عمن يرغب تقديم قاعة جمعية للاجتماع المقبل، وقال بما أنه لم يعرض مكان آخر فهو يدعو الجميع إلى دار “الجامعة الوطنية اللبنانية” ثانية. فنهض رئيس الجمعية السورية الثقافية واعترض على ذلك، وقال إنه يقدم قاعة دار جمعيته الاجتماع، وبما اذ المقرر أن يصير عقد الاجتماعات بالتوالي والتداول في جمع دور الجمعيات إلى أن يتقرر خلاف ذلك، فمن الحق جعل الاجتماع في دار الجمعية السورية الثقافية، فأخذ الرئيس علماً بدعوة رئيس الجمعية السورية الثقافية ودوّن عنوان دار الجمعية على أن يصير الاجتماع فيها.
في السبت المقبل عقد الاجتماع، بشبه مؤامرة عنيدة، في دار “الجامعة الوطنية اللبنانية”. ولم يخلُ الأمر من مغزى لهذا الاجتماع. فإن شيئاً دبّر في الخفاء وهو:
بعد افتتاح الاجتماع برئاسة السيد جورح خوري أيضاً وتعيين لجنة من أصحاب “الجامعة اللبنانية” لفحص أوراق الاعتماد بينها شخص محايد هو الدكتور أنور عبيد نهض السيد جورج خوري وأخذ يجول فى أوساط الحضور متحدثاً إلى البعض تمهيداً لحدث اتفق ذوو غاية خصوصية على إعلانه، أي إخراج فرع الحزب السوري القومي باعتبار “أنه حزب سياسي وأنّ الاجتماع لا علاقة له بالسياسة”.
وجد جورج خوري اعتراضاً من البعض وسكوتاً وتأملاً من البعض الآخر، ولكن الجماعة المتلبننة والمتفقين معها كانت مصممة على إكمال مؤامراتها، فطرح رئيس الاجتماع أمر إخراج فرع الحزب السوري القومي فنهض ممثل الفرع وحمل على هذه الروحية القبيحة المنافية لغاية الاجتماع الأساسية التي كان الحزب السوري القومي صاحب الدعوة الأساسي إليها والقائم مع الجمعية للسورية الثقافية بالمسعى الأول لتحقيقها. ونهض رئيس الجمعية السورية الثقافية فأظهر خروج الاقتراح عن الغاية الأساسية وعن روح الحق والعدل والتضامن القومي. ونهض ممثلو عدة جمعيات وجهروا باستنكارهم الرأي المفرق المثير الفتنة. ولما رأت رئاسة الاجتماع أنّ الحيلة ستنفضح بادرت إلى طرح الأمر للتصويت. فرجحت كفة التفريق والفوضى في تلك البيئة بأكثرية مؤلفة من نحو إثنين وعشرين صوتاً على أقلية تبلغ نحو خمسة عشر صوتاً. فلما أعلن الرئيس هذه النتيجة تقدم ممثل فرع الحزب وطلب أوراقه وانسحب وأخذ رئيس الجمعية السورية الثقافية أوراقه وانسحب قائلاً: “إنّ هذه الأوراق شرف يزيد عليكم أنتم أصحاب “الأم الحنون”. ونهض عدد غير قليل من ممثلي الجمعيات الأخرى وانسحبوا احتجاجاً على روح التفرقة.
ومما يستحق الذكر أنه لم يحضر هذا الاجتماع ممثل النادي الحمصي، وأنّ وفداً من الجمعية الخيرية الدرزية قدم فقط ليحتج على إهمال دعوة هذه الجمعية وانسحب رافضاً البقاء.
وبعد انسحاب ممثلي الجمعيات المذكورة استفاق عدد من الباقين وأظهروا استياءهم ولكنهم لم يعرفوا ماذا يجب عليهم فعله في تلك الدقيقة فبقوا.
ولما خلا الجو لأصحاب هذه الفتنة القبيحة وزعوا أوراق مرشحيهم على الباقين وأجروا تصويتاً زانفاً عيّنوا فيه من أرادوه. وفي آخر الاجتماع أخرجوا مذكرة كانوا قد أعدوها لنرفع إلى رئاسة الجمهورية الأرجنتينية ليثبتوا مدى تفاصيل المؤامرة التي دبّروها ليتصرفوا بقضية عمومية ليسوا هم أصحابها ولا كانوا هم الداعين إليها.
وقد علمنا أنّ أصحاب الدعوة الأصلية وممثلي الجمعيات التي انضمت إليهم وأبت تأييد الشعوذة والباطل عقدوا، فور تخلصهم، اجتماعاً في دار الجمعية السورية الثقافية وقرروا فيه العمل للغاية النبيلة التي اتحدوا فيها وإذاعة بيان لإطلاع الجالية على حقيقة الحال.
وعلمنا أيضاً أنّ المساعي تبذل لتأليف عمدة رسمية والعمل الموحد، وقد انضمت عدة مؤسسات سورية إلى فكرة الجمعية السورية الثقافية وتألفت لجنة مؤقتة إلى أن يتم تأليف العمدة المركزية.
الزوبعة بوينُس آيرس،
العدد 85، 10/8/1945