الهُويّة السوريّة “إشكاليّة العروبة والإسلام؟”

نزار سلوم

مقدّمة

يتمّ راهنًا، استعادة الخطاب الاستعلائيّ للتيار “العروبيّ الإسلامي”، في تجاوز غير مفهوم للوقائع التاريخيّة والأحداث التي وقعت ونتائجها، والتي كان هذا التيّار نفسه مسؤولًا عن وقوعها وعلى نحوٍ مباشر، في مِنَصّة الهلال الخصيب من شرقها إلى غربها!

سنقوم في مقالات متتابعة بمقاربة إشكاليّة المنظومة السياسيّة/ العقائديّة للتيار “العروبيّ الإسلاميّ”، وهو تعبير نستخدمه بدلالته الّتي تُشير إلى منظومة سياسيّة تزاوج العروبة بما هي دعوة هويّاتيّة لعالم يمتدّ من الحدود مع إيران شرقًا وصولًا لشاطئ المحيط الأطلسيّ غربًا، والإسلام وفق سرديّته التاريخيّة، التي تتبنّاها العروبة، كدعوة دينيّة أنتجت دولتها / خلافتها، ولا يمكن أن توجد دونها أو تتشارك مع غيرها.

الإشكاليّة الرئيسيّة هنا، تتمثّل في محتوى الهُويّة، وفي ذلك “التنمّر الفكرويّ” على الهُويّة السوريّة وتاريخها، والعلوم الاجتماعيّة والحفريّات الآثاريّة وتاريخ الحضارات. كما تتمثّل في جانبها الآخر، في ذلك (العِناد) الذي يتشهّى دائمًا إنتاج “الغزو المستمرّ” منطقًا وأسلوبًا.

أولاً – إطار تاريخيّ عام

خطأٌ شائعٌ، يُتخم فاتحة السرد التاريخيّ لأحداث القرن العشرين التي توالت على أمتنا. خطأٌ مُعَمَّمٌ في الكتب المدرسيّة والجامعيّة، كما في السرديّات الإعلاميّة.

يتمثّل هذا الخطأ في ذلك الوصف لما فعلته اتفاقيّة سايكس – بيكو 1916، بأنّها أدّت إلى تجزئة “الوطن العربي”! والذي كمصطلح يعود إلى الأدبيّات الأيديولوجيّة لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وغيره من الحركات المنضوية تحت يافطة التيّار القوميّ العربيّ. يعني المصطلح بوضوح تلك الجغرافيا الممتدّة من جبال البختياري شرقًا إلى المحيط الأطلسيّ غربًا، والذي يتكوّن في واقعه الراهن من 22 دولة تشمل جزر القمر والصومال وجيبوتي.

الخطأ الذي نقصده هنا، لا يتناول “طبيعة” فعل الاتفاقيّة “التجزئة”، بل “مجال ومكان” هذا الفعل، حيث أنّها – أي الاتفاقيّة – تعاملت مع جغرافيا سياسيّة تُعرف تاريخيًّا بِاسم: الهلال الخصيب، الذي يُطابق مرتسم سورية الطبيعيّة ومعناها. ومن المؤكّد ألّا مجال في قراءة الاتفاقيّة على غير هذا النحو، وألّا مجال لتأويل كلام واضح وخرائط سياسيّة مُحدّدة بالخطوط والألوان، ومع ذلك… الخطأ موجود ومُعَمَّمٌ ومستمر!!

يشكّل استخدام مصطلح “الوطن العربي” في هذا المجال، وعلى هذا النحو المتعمّد، نوعًا من التعدّي الأيديولوجيّ على واقع تاريخيّ واضح وصريح، في محاولة دائمة لإشاعة مُناخ مُضلّل لمعنى الهُويّة الذي يقع أسير اختلاطات، يُستهدف منها فرض محتوى محدّد وعلى نحوٍ استبداديّ، عادةً ما يتوسّل “الدين” المدجّج بحمولات مقدسة، لتكريس “هيمنة أيديولوجيّة”، ستقدّم نفسها بتشاوف واستعلاء بكونها ذلك الوضع الذي يدمج ويوالف ما بين “العروبة والإسلام”، والتي ستشهر أسلحتها الرادعة لأيّ سؤال يخصّ حقل الهُويّة ومعناها، باعتبارها “يقينًا مقدّسًا” خارج الأسئلة والتساؤلات والعلوم ونسبيّاتها والقياسات ومنطقيّاتها!

حاول السوريّون الوقوف والعمل في سبيل عرقلة ووقف تنفيذ معاهدة سايكس – بيكو 1916، التي آلت إلى مقرّرات مؤتمر سان – ريمو (نيسان 1920)، حيث أقرّ مبدأ الانتداب والوصاية على خريطة جيوسياسيّة، ستُجرى عليها تلك الجراحة التي استولدت الكيانات السياسيّة التي أخذت شكلها النهائيّ مع منحها الاستقلال، لتتعثّر في حياتها وقدراتها وبناها السّلطويّة والتحديّات التي واجهتها، ولتصل إلى الواقع والهيئة التي هي عليها الآن.

تمثّلت المحاولة السوريّة هذه، بالمؤتمر السوريّ العام (1) وحكومته (حزيران 1919 – تموز 1920)، والتي انتهت مع دخول الجيش الفرنسيّ دمشق بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920.

يعطي المؤتمر وصفًا لهويّته، فهو (سوريّ)، ويتشكّل من أعضاء ومندوبين يمثّلون مناطق بلاد الشام: سورية الطبيعيّة ما عدا العراق، مع مطالبته الدائمة بالاتحاد مع العراق. وفي مختلف وثائقه، يكرّر وصف سورية بالأمّة، غير أنّه في القانون الأساسيّ – الدستور، الذي وضعه، يورد في المادة الأولى منه اسم (المملكة العربيّة السّوريّة) في تعبير مركّب، ليعود في المادة الثانية ليكتفي باسم (المملكة السّوريّة)، ثمّ ليعود للتعبير المركّب في المادة الخامسة مع تقديمه الصفة السّوريّة على العربيّة، الأمر الذي يشير إلى حضور “السّوريّة” كمحتوى للهويّة مع اختلاط بـ”العربيّة” أحياناً. فيما سيحافظ تعريفه لـ”الفرد” من (أهل المملكة السّوريّة العربيّة) على وصفه بـ”السوريّ” دون مرادفته بالوصف “العربيّ”.

وفي حين يُشير ذلك كلّه، إلى أرجحيّة المحتوى السّوريّ في معنى الهُويّة، إلّا أنّه، وبالمقابل، يُشير إلى بداية حضور للوصف “العربيّ” لهذه الهُويّة، وإن كان من مستوى ومنسوب ضعيف ومشوَّش.

المشروع العربيّ

يدين الفكر القوميّ العربيّ، إلى نجيب العازوري (1873 – 1916)، في اعتماد مصطلح “الأمّة العربيّة”، الذي يرد في عنوان كتابه (2) الذي وضعه باللغة الفرنسيّة عام 1905 “يقظة الأمّة العربيّة”، بالرغم من أنَّ المعنى الأيديولوجيّ السائد الآن لهذا المصطلح لا يطابق المعنى الذي قصده العازوري، حيث اعتبر أنَّ الإمبراطوريّة العربيّة الجديدة التي سوف تنفصل عن الدولة العثمانيّة، يجب أن تمتدّ حدودها الطبيعيّة (من وادي دجلة والفرات حتى برزخ السويس، ومن البحر الأبيض المتوسط حتى بحر عُمان). أي تتشكّل من “الهلال الخصيب” و”الجزيرة العربيّة”. ويحسم العازوري، بدايةً، إلى أنَّ (سلطاناً عربيّاً، سوف يحكمها حكماً ملكيّاً دستوريّاً متحرراً). غير أنّه يعود ليفصل ما بين “الهلال الخصيب” و”الجزيرة العربيّة”، فيهب الأول لأسرة الخديوي الحاكمة في مصر، ويقترح إقامة خلافة دينيّة يتولّاها خليفة من سلالة النبيّ في بلاد الحجاز.

ليس من المؤكّد، ما إذا كانت أفكار نجيب العازوري، هي من ساعدت الإدارة البريطانيّة على صياغة استراتيجيّتها الخاصّة بمواجهة الإمبراطوريّة العثمانيّة، خصوصًا بعد إعلان هذه الأخيرة دخولها الحرب العالميّة الأولى إلى جانب ألمانيا في 29 تشرين أول 1914، أو أنَّ العازوري هو من استمدّ أفكاره، في وقت مبكّر، من مصادر فرنسيّة وإنكليزيّة أثناء إقامته في باريس، وخصوصًا أنَّ الأوساط السياسيّة والأكاديميّة الأوروبيّة كانت، في ذلك الوقت 1905، تشهد نشاطًا معرفيًّا وثقافيًّا خاصًّا بما يمكن أن يكون مستقبل أوروبة، حيث تشير السرديّات الإعلاميّة إلى أنَّ هذا النشاط أثمر تلك الأفكار التي ظهرت في مؤتمر: كامبل بنرمان (3) – (نسبة لِاسم رئيس وزراء بريطانيا آنذاك) الذي عُقد في لندن في أيار 1907.

في أيّة حالة، ستشكّل “الثورة العربيّة الكبرى” التي بدأت في 10 حزيران 1916، الإطار الذي من خلاله سيبدأ “المشروع العربي” بالارتسام في سورية. حيث تمّ تصميمه في الإدارة الإنكليزيّة ووجد طريقه للتنفيذ بدايةً، عبر كتشنر – وزير الدولة لشؤون الحرب – ومن ثم مكماهون المندوب الساميّ في مصر الذي توّلى مراسلة (4) الشريف حسين لترتيب وتأمين انخراطه في إطار هذا المشروع، ومع إطلاق الشريف حسين أمير مكّة رصاصته الأولى، بدأت القيادة العسكريّة الإنكليزيّة المباشرة له، وسط انخراط السوريّين في جيشه، حيث رأوا فيه خلاصًا من الإمبراطوريّة العثمانيّة.

وما بَين 10 حزيران 1916، و2 تشرين ثاني 1917 (وعد بلفور)، تكون بريطانيا قد (دشّنت/افتتحت) في سورية مشروعَين متوازيَين: المشروع العربيّ والمشروع الصهيونيّ، وسيلتقي لاحقاً قائد المشروع العربيّ في سورية فيصل بن الحسين مع قائد المشروع الصهيونيّ في جنوبها: فلسطين، حاييم وايزمن، ليتوصّلا إلى وثيقة تفاهم تؤمّن التعايش بينهما.

سيجد “المشروع العربيّ” لنفسه مكاناً في القانون الأساسيّ، الذي وضَعه المؤتمر السوريّ، عبر استخدام تعبير المملكة العربيّة السوريّة أحيانًا، كما على نحوٍ خاص في نصّ المادة الخامسة التي حصرت المُلك في سلالة الملك فيصل الأول المُتَوّج على سورية بعد قرار الاستقلال الذي اتّخذه المؤتمر وأعلنه في 8 آذار 1920. وبالرّغم من التطوّرات المتلاحقة والسريعة التي أعقبت قرار الاستقلال، وصولًا إلى سقوط دمشق تحت سيطرة قائد قوّات الشرق الجنرال الفرنسيّ غورو في 24 تموز، إلّا أنَّ فيصل الذي غادر دمشق نهائيًّا، تمّ تتويجه ملكًا في بغداد بقوّة الانتداب الإنكليزيّ، الذي استولد أيضًا الكيان الأردنيّ (1921)، على شكل إمارة يحكمها الأمير عبد الله بن الحسين، والذي تُوّج ملكًا بعد منح الأردن الاستقلال عام 1946.

مع بداية حقبة الانتداب الإنكليزيّ – الفرنسيّ، وترسّيخ واقع التجزئة، الذي سيسمح للمشروع الصهيونيّ بتنفيذ خططه في فلسطين، ستُصاب “الهُويّة السوريّة” بتراجع في الوعي العام، وخصوصًا مع الإجراءات المتوالية التي تقوم بها الكيانات السياسيّة، والتي أصبحت أمرًا واقعًا مع “الاستقلالات الممنوحة” لها في تواريخ مختلفة، جنباً إلى جنب مع إعلان المشروع الصهيونيّ عن قيام دولته (إسرائيل) في أيار 1948.

هوامش

الصورة: تجمع الصورة الأمير فيصل بن الحسين والدكتور حاييم وايزمن باللباس العربيّ. وقد نشر هذه الصورة السياسي “الإسرائيلي” المعروف موسى بيلين مع مقال له في جريدة “هآرتس”، قام بترجمته ونشره على مدوّنته الدكتور عدنان أبو عامر في 12 كانون ثاني 1919. يتحدّث بيلين عن اجتماع حصل في أيّار من العام 1918، بين وايزمن والشريف حسين في العقبة، ثم يقول بأنَّ الحسين نشر في الصحيفة الرسميّة لمدينة مكّة المسمّاة: “القبلة”، إعلانًا مذهلًا بموجبه بارك عودة (إخواننا اليهود إلى أرض إسرائيل)، ومن ثمّ حصل الاجتماع الذي تمّ بموجبه التوصّل إلى ما يُعرف باتفاقيّة فيصل – وايزمن، في لندن بتاريخ 3 كانون ثاني 1919، على هامش مؤتمر السلام الذي كان منعقدًا في باريس. الصورة مأخوذة في دمشق عام 1918.

  1. يُعتبر كتاب “المؤتمر السّوريّ العام” للسيّدة ماري ألماظ شهرستان مرجعًا مهمًّا للمؤتمر وسيرته وما قام به. يمكن مراجعة الصفحات من 245 وحتى 262، بشأن القانون الأساسيّ. الكتاب صادر عن دار أمواج في بيروت عام 2000.

  2. كتاب نجيب العازوري نُشر بالفرنسيّة تحت عنوان “Le réveil de la nation arabe”، وقامت “المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر” بنشره في العام 1978، بترجمةٍ من الدكتور أحمد أبو ملحم.

  3. يرد اسم مؤتمر “كامبل بنرمان” بوصفه تتويجًا لتحضيرات سياسيّة وعلميّة أكاديميّة واستراتيجيّة، شاركت فيها وفود من العديد من الدول الأوروبيّة، وجاءت أعمالها لتُجيب عن تساؤل رئيسيّ يتمثّل في الكيفيّة التي تمكّن من استمرار أوروبة متفوّقة ومسيطرة على السياسة العالميّة. يتمّ الحديث كثيرًا عن وثيقة صدرت عن هذا المؤتمر، ويتمّ التداول بمضمونها، غير أنّه وإلى الآن، لم ينشر أيّ مصدر هذه الوثيقة، كما لم تنشرها الحكومة البريطانيّة، أو لم تسمح بنشرها؟

  4. مراسلات (حسين – مكماهون)، اشتهرت بهذا الاسم في التاريخ السياسيّ، وهي كناية عن رسائل مُتبادلة ما بين أمير مكّة الشريف حسين، وهنري مكماهون المندوب السّاميّ البريطانيّ في مصر. ومن خلالها يتبدّى الوعد البريطانيّ بالعمل على إقامة دولة عربيّة في الأراضي التي ستجليها الإمبراطوريّة العثمانيّة، إنْ أعلن الشريف حسين الثورة عليها. كُتبت هذه الرسائل ما بين 14 تموز 1915 و10 آذار 1916، وقد بلغت 10 رسائل في مجموعها. ويُعتبر كتاب “يقظة العرب” لكاتبه جورج أنطونيوس، مرجعًا كلاسيكيًّا في هذا المجال، حيث يمكن مراجعة مختلف الوثائق الخاصّة بهذه الحقبة.

 (سقطت دمشق بيد الجيش الفرنسيّ، بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920، فانكفأ المشروع العربيّ الحجازيّ نحو مناطق الانتداب الإنكليزيّ، فارتسم في العراق والأردن حاكمًا، إلّا أنّه بدأ يتّخذ هيئة مختلفة ويعبّر عن نفسه من خلال جمعيّات وشخصيّات وأحزاب.

وإذا كان ساطع الحصريّ (1879 – 1968)، يُعتبر المفكّر العروبيّ الأبرز، الذي ظلَّ مخلصاً لـ”المشروع العربيّ”، مُعتبراً أنَّ القوميّة العربيّة وُلدت مع الثورة العربيّة الكبرى، فإنَّ جيلًا مختلفًا – غير عثمانيّ – بالأصل، كالحصريّ، سيبدأ بالحضور من مِثل قسطنطين زريق (1909 – 2000) وزكي الأرسوزيّ (1899 – 1968) وميشيل عفلق (1910 – 1989) الذين كانوا سويّة في “عصبة العمل القوميّ” ثمّ ليتفرقّوا، ولكن ليتفّرّد ميشيل عفلق بوضع الصياغة الأيديولوجيّة للتيّار العربيّ/الإسلاميّ، والتي سترتسم على هيئة حزب سياسيّ، سيؤسَس على مراحل ثلاث: 1941 – 1947 – 1952، ليصبح اسمه: حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ)

مِنَ المؤكّد أنَّ حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، شكّل الحالة الأكثر تعبيرًا عن التيّار العربيّ الإسلاميّ، وهو مع الناصريّة – تيّار الرئيس جمال عبد الناصر – سيكونان الأكثر تأثيرًا في تاريخنا المعاصر. فهو، أي البعث، عدا عن حضوره وتأثيره البارز في المشهد السياسيّ السوريّ خلال خمسينيّات القرن العشرين وصولاً إلى ستينيّاته، تمكّن من القبض على السّلطة في أكبر كيانَين من كيانات الأمّة السوريّة: العراق والشام. حيث حكم على نحوٍ مطلق في العراق (1968 – 2003)، وبدأ بحكم الشّام ولا يزال منذ العام 1963.

إنَّ العودة إلى النَصّ المرجعيّ التأسيسي للحزب، تبدو طريقة موثوقة منهجيًّا للتيقّن من طبيعة الفكرة المركزيّة التي ستشكّل المحتوى الأيديولوجيّ للحزب، بعقيدته ورؤيته لنظام الدولة، وما ينبثق عنها من تشريعات وسياسات. وإذا كانت الإشكاليّة التقليديّة والمعروفة التي يعبّر عنها سؤال: مَن هو مؤسّس حزب البعث، زكي الأرسوزيّ أو ميشيل عفلق؟ والتي ارتبطت بالانقسام الداخليّ فيه، ومن ثمّ انتهت، على المستوى النظريّ، بعد حركة 23 شباط 1966، باعتماد الحزب في الشّام السيد الأرسوزيّ مؤسّسًا، واعتماد الحزب في العراق السيد عفلق مؤسّساً… إذا كانت هذه الإشكاليّة تُحيل في إطار البحث التاريخيّ، إلى مرجعَين تأسيسيَّين، فلا نجدّ بُدًّا من العودة إلى تلك “اللحظة” التي يمكن من خلالها رؤيّة ماذا فعل عفلق والأرسوزيّ فيها؟ مع التزامنا السّرد التاريخيّ الذي يؤرّخ “رسميًّا” لتأسيس الحزب، في 7 نيسان 1947، بوجود ميشيل عفلق، وغياب زكي الأرسوزيّ، الذي ابتعد عن العمل التنطيميّ بعد فشل تجربته في مطلع الاربعينيّات والتحاق الأعضاء الذين كانوا فيها بتنظيم صلاح الدين البيطار وميشيل عفلق.

المؤسّسان، الأرسوزيّ وعفلق، كانا ينتميان – قبل البعث – إلى “عصبة العمل القوميّ” (1933 – 1939) المنبثقة من مؤتمرين عُقدا على التوالي عام 1931 في القدس: المؤتمر الإسلاميّ والمؤتمر العربيّ [1]، حيث يؤكّد الدكتور سامي الجندي، وهو من الأعضاء المؤسّسين في الحزب، أنَّ “البعث هو وارث عصبة العمل القوميّ إلى حدٍّ بعيد. نواة تنظيمَي الأستاذَين الأرسوزيّ وعفلق الأولى، من هذا الحزب” [2].

في العام 1939، أسّس الأرسوزيّ “الحزب القوميّ العربيّ”، بمبادئ مقتضبة أوّلها: “العرب أمّة واحدة”. يقول الدكتور سامي الجندي شارحًا وموضّحًا: “العرب أمّة واحدة. لم يقل أمّة عربيّة واحدة – يقصد الأرسوزي – ذلك أنّهُ عِرقيّ يؤمن بالأصالة والنبالة، أرستقراطيّ النَّزعة والفكر. العرب عنده قوم” [3]. ثمّ يعود الجنديّ لتأكيد هذه “العرقيّة” ورسوخها عند المؤسّس الآخر عفلق، وذلك مع إطلاق اسم البعث على التنظيم الذي أسّسه عام 1941، قائلًا: “كنّا عرقيّين مُعجَبين بالنازيّة، نقرأ كتبها ومنابع فكرها وخاصّة نيتشه “هكذا تكلّم زرادشت”، وفيخته “خطابات إلى الأمّة الألمانيّة”، و ه. أ . تشمبرلين “نشوء القرن التاسع عشر” وداره “العرق”. وكنّا أوّل من فكّر بترجمة “كفاحي” [4]. ويشرح في هامش خاص متوسّعًا: “ومن غرائب الصدف، أنّي كنت أبحث عن كتاب أسطورة القرن العشرين، للمنظّر النازي روزنبرغ، فلم أجد في دمشق إلّا نسخة لموجز عنه، بالفرنسيّة، عند الأستاذ ميشيل عفلق، استعرتها من أحد تلامذته” [5].

وإذا كانت “العِرقيّة العربيّة” واضحة، عند الأرسوزيّ وعفلق سويّة، كما يؤكّدها شاهد مباشَر ومشارِك في البدايات التأسيسيّة إلى جانبهما [6]، حيث ستكون هذه “العِرقيّة” مسؤولة عن رسوخ الفلسفة الإقصائيّة في فكر الحزب وسياساته التنفيذيّة لاحقًا، إلّا أنَّ “تلقيح” هذه العِرقيّة بـ”جينات دينيّة”، كان من اختصاص ميشيل عفلق على نحوٍ مُميّز وخاص.

كتب الأستاذ عفلق العديد من المقالات، وألقى الكثير من الخطب والأحاديث التي تضمّنت ذلك الإلحاح الدائم على ضرورة وحتميّة الدمج ما بين “الإسلام” و”العروبة”، أي ما بين “الدين” و”القوميّة”، غير أنَّ الخطاب الذي ألقاه في الجامعة السّوريّة في 5 نيسان 1943، والمُدرَج في مؤلّفاته الكاملة بعنوان “ذكرى الرسول العربيّ” [5]، يُعتبر النَصّ المرجعيّ، الذي فيه وعبره، تمّت عملية الّدمج في نسختها الأولى، والتي شكّلت المستند النظريّ للتيّار العربي الإسلامي عمومًا.

“ذكرى الرسول العربيّ”، نَصٌّ متكامل بمستوىً لغويّ واحد، ذي إيقاع شعريّ أدبيّ، يحيله كبنيّة أسلوبيّة ويقرّبه من معنى “الخطبة” التي تُلقى من محراب مسجد، أكثر من كونه “خطابًا” علميًّا أو فكريًّا أو سياسيًّا، يُلقى من مِنَصّة جامعيّة.

نورد منه هذين المقطعَين كمثالَين: [7]

المقطع الأوّل:

الإسلام تَجَدّدُ العروبة وتكاملها: رجل من العرب بلغ رسالة سماويّة، فراح يدعو إليها البشر، ولم يكن البشر حوله إلّا عربًا، فاستجاب للدعوة نفرٌ قليل وقاومها أكثرهم، فهاجر مع المؤمنين وحاربه المشركون إلى أن انتصر الحق فآمن به الجميع. فملحمة الإسلام لا تنفصل عن مسرحها الطبيعيّ الذي هو أرض العرب، وعن أبطالها والعاملين فيها وهم كلّ العرب. مشركو قريش ضروريّون لتحقّق الإسلام ضرورة المؤمنين له، والذين حاربوا الرسول ساهموا في ظفر الإسلام كالّذين أيّدوه ونصروه.

إنَّ الله قادر أن يُنزل القرآن على نبيّه في يوم واحد، ولكنّ ذلك اقتضى أكثر من عشرين عامًا، وهو قادر أن ينصر دينه ويهدي إليه كلّ الناس في يوم واحد، ولكنّ ذلك لم يتمّ في أقلّ من عشرين عام، وهو قادر أن يُظهر الإسلام قبل ظهوره بعشرات القرون وفي أيّة أمّة من خلقه، ولكنّه أظهره في وقت معيّن وفي حينه، واختار لذلك الأمّة العربيّة وبطلها الرسول العربيّ. وفي كلّ ذلك حكمة، فالحقيقة الباهرة التي لا يُنكرها إلّا مُكابِر، هي إذن، أنَّ اختيار العرب لتبليغ رسالة الإسلام كان بسبب مزايا وفضائل أساسيّة فيهم، وأنَّ اختيار العصر الذي ظهر فيه الإسلام كان لأنَّ العرب قد نضجوا وتكاملوا لقبول مثل هذه الرسالة وحملها إلى البشر، وأنَّ تأجيل ظفر الإسلام طوال تلك السنين، كان بقصد أن يصل العرب إلى الحقيقة بجهدهم الخاصّ وبنتيجة اختبارهم لأنفسهم وللعالم وبعد مشاقَّ وآلام، ويأسٍ وأمل، وفشل وظفر. أي أن يخرج الإيمان وينبعث من أعماق نفوسهم، فيكون الإيمان الحقيقيّ الممتزج مع التجربة، المتّصل بصميم الحياة.

  فالإسلام إذن كان حركة عربيّة، وكان معناه: تجدّد العروبة وتكاملها. فالّلغة التي نزل بها كانت الّلغة العربيّة، وفهمه للأشياء كان بمنظار العقل العربيّ، والفضائل التي عزّزها كانت فضائل عربيّة ظاهرة أو كامنة، والعيوب التي حاربها كانت عيوبًا عربيّة سائرة في طريق الزوال. والمسلم في ذلك الحين لم يكن سوى العربيّ، ولكنّ العربيّ الجديد، المتطوّر، المتكامل. وكما نُطلق اليوم على عدد من أفراد الأمّة اسم “وطنيّ” أو “قوميّ”، مع أنّ المفروض أن يكون مجموع الأمّة قوميًّا، ولكنّنا نخص بهذا الاسم الفئة التي آمنت بقضيّة بلادها، لأنّها استجمعت الشروط والفضائل الّلازمة كيما تعي انتسابها العميق إلى أمّتها وتتحمّل مسؤولية هذا الانتساب، كان المسلم هو العربيّ الذي آمن بالدين الجديد، لأنّه استحضر الشروط والفضائل الّلازمة ليفهم أنَّ هذا الدين يمثل وثبة العروبة إلى الوحدة والقوة والرقيّ.

المقطع الثاني:

إنسانيّة الإسلام: ولكن هل يعني هذا أنَّ الإسلام وُجد ليكون مقصورًا على العرب؟ إذا قلنا ذلك ابتعدنا عن الحق وخالفنا الواقع. فكلّ أمّة عظيمة، عميقة الاتصال بمعاني الكون الأزليّة، تنزع في أصل تكوينها إلى القيم الخالدة الشاملة. والإسلام خير مُفصحٍ عن نزوع الأمّة العربيّة إلى الخلود والشمول، فهو إذن في واقعه عربيّ وفي مراميه المثاليّة إنسانيّ. فرسالة الإسلام إنّما هي خلق إنسانيّة عربيّة. إنَّ العرب ينفردون دون سائر الأمم بهذه الخاصة: إنَّ يقظتهم القوميّة اقترنت برسالة دينيّة، أو بالأحرى كانت هذه الرسالة مُفصحة عن تلك اليقظة القوميّة. فلم يتوسّعوا بُغية التوسّع، ولا فتحوا البلاد وحكموا استنادًا إلى حاجة اقتصاديّة مجرّدة، أو ذريعة عنصريّة، أو شهوة للسيطرة والاستعباد… بل ليؤدّوا واجبًا دينيًّا كلّه حقّ وهداية ورحمة وعدل وبذل. أراقوا من أجله دماءهم، وأقبلوا عليه خِفافًا متهلّلين لوجه الله. وما دام الارتباط وثيقًا بين العروبة والإسلام، وما دمنا نرى في العروبة جسمًا روحه الإسلام، فلا مجال إذن للخوف من أن يشتطّ العرب في قوميّتهم.

الإدغام الجراحيّ: العروبة جسدٌ روحه الإسلام!

تُكثّف هذه العبارة، التي وضعها عفلق في “خطبته”، وأمست مُتداوَلَة كـ”آية”، إلى جانب العبارة الأخرى التي قالها: “كان محمّد كلّ العرب، فليكن كلّ العرب اليوم محمّدًا”، للتدليل على فرادة التيّار العربيّ الإسلاميّ، حيث تُفصح عن ذلك الإدغام الجراحيّ “العضويّ” ما بين كائنَين. إدغام سيُنتجهما على هيئة “كائن واحد”. والعمليّة برمّتها لا تستبدل فعل “فصل” بفعل “وصل” في مبدأ: فصل الدين عن الدولة فحسب، بل تذهب نحو عمليّة دمج توحيديّة كاملة!

ما هذه الجراحة “الإعجازيّة”، وكيف يمكن مقاربة هذا “الكائن”؟

إنَّ جسد العروبة، بما هو محدود بمكوّنات نهائيّة، يُفترض أن يكون أضيق من أن يتّسع لـ”الإسلام” بمكوّناته غير المحدودة، وبما أنّه من غير الممكن “توسّيع” جسد محدود بحكم “النوع والعرق”، فلا بُدَّ من اللجوء إلى “استئصال” جوانب من (اللا – محدود: الإسلام)، حتى يتمكّن الجرّاح الأيديولوجي، من (حشوه/ سجنه) في ذلك الجسد. ونظرًا إلى عدم التوازن هذا ما بين “المكوّنَين” سيلد “الرحم الأيديولوجيّ”) كائنًا مشوَّهًا: ناقص الجسد بالطبيعة) وناقص الروح، بالجراحة ولضرورات حجم الجسد!!

عندما دخل “الجّرّاح الأيديولوجيّ” إلى غرفة العمليات لإجراء هذه العملية، ترك خارجها:

كلّ من هو غير عربيّ إثنيًّا.

كلّ من هو غير مسلم دينيًّا.

كلّ من هو غير مسلم وغير عربيّ.

وعندما خرج، كان بين يديه: “كائن مشوّه” منتفخ ومتوّرم من ضيق جسده، فكان على “الجرّاح”، ولضرورات الدمج، الاستغناء عن “الروح المكّيّة” والاكتفاء بالتشريع الوَضعيّ “المدينيّ”، كي يستوي التوحيد ما بين الدين والدولة، ما بين العروبة والإسلام!!

منهجيًّا، نحن إزاء هويِّة مستولدة من “لعبة فكرويّة”، وليس من قراءة التاريخ ونشوء المجتمع وتطوّره وملاحظة مكونّاته وطبيعتها وعلاقاتها وتفاعلاتها وشروط حياتها ومعنى وحدة مصيرها. “اللعبة الفكرويّة”، هي مَن تلتّحف “العنصريّة – العرقيّة”، ومَن تنتج “المُغلَقات والمعلّبات”: الإثنيّة والدينيّة وسلالاتها، الطائفيّة والمذهبيّة. ولذلك تمارس مختلف الأساليب لإخضاع “الواقع” والتحكّم به، كي يصبح مطابقاً لـ”نظرتها” الواحديّة المستبدّة.

ستؤدّي هذه الجراحة الأيديولوجيّة في أحد أوجهها، إلى تسليط المنظار الذي يرى المجتمع والأمّة من عدستَي: أكثريّة – أقليّة. بالمعنيَين الدينيّ والإثنيّ، فيتمّ إنتاج المجتمع على هذا النحو و”يؤبّد” حالته وفق هذا القياس، وإن تمكّن من الحفاظ أحيانًا على “وحدة” ما يوصف بها، إنّما بسبب منسوب ضغط الدولة و”ثقلها”، وليس بسبب من فلسفتها وقوانينها.

منطق: أكثريّة – أقليّة، يمارس نفسه بمنهج “تكاثريّ” تفتيتيّ، يتّجه من الأكبر نحو الأصغر. فإن تساءلت مثلًا من هي الأكثريّة الدينيّة في الشام؟ فسيكون الجواب: الإسلام. ومن هي الأكثريّة في الإسلام؟ فسيكون الجواب: الطائفة السّنيّة. ووفق هذا المنطق يتمّ ترتيب الطوائف والمذاهب، والقياس نفسه يتمّ تطبيقه ولكن بعلامات أخرى على الإثنيات.

وعلى ذلك، فإنّ أيّ “حقّ” تأخذه “أقليّة” لا توافق عليه “الأكثريّة”، يكون بنظرها “اغتصابًا لممتلكاتها” وتعدّيًا على شرعيّة سلطتها.

لهذا السبب تمامًا: سيكون هناك “مسألة كرديّة” مستحيلة، غير قابلة للحلّ. وسيكون هنالك أقليّات دينيّة قلقة على مصيرها، وأكثريّات لا تؤمن بالتساوي مع من هو أصغر منها… وهكذا… في سياق مستمرّ يُنتج التّصادم الدائم، ويكرّس الفعل الإقصائيّ بإخراج الأكثريّة لـ”الأقليّة” من مكوّنات الهُويّة، والاعتراف بها كـ”مكّون: ضيف”، والتحنّن عليها بقبولها وإبقائها على قيد الحياة!

بهذا المعنى، أنتج “الكائن المشوّه” الناتج من دمج القوميّة بالدين / العروبة بالإسلام، أنتج تلك السلالة من الكائنات المشوّهة، والتي في النهاية تشكّل بمجموعها: هُويّة مشوَّهة، تعبّر عنها الأوصاف التالية مثلًا: عربيّ مسلم – كرديّ مسلم – عربيّ مسيحيّ – مسيحيّ سريانيّ – آشوريّ – كلدانيّ – مسلم سنيّ – إسماعيليّ – درزيّ – علويّ – إيزيديّ…

هذه هي فصولٌ من “اللعبة الفكرويّة”، التي في أحد أهم تطبيقاتها أنتجت “المشروع الصهيونيّ”، كما أنتجت “الهُويّة النازيّة الألمانيّة”. [ألهذا قال الدكتور سامي الجندي: كنّا عِرقيّين معجبين بالنازيّة]؟؟

في أحد فصولها، تؤدّي “اللعبة الفكرويّة – الأيديولوجيّة: العربيّة الإسلاميّة” إلى إنتاج الإسلام كـ”ـدين” مُطوَّبٍ لـ”مالكيه: العرب”، وهو بالتالي: دين مغلق غير تشاركيّ!!

تعتبر سوريّة – الأمّة (الهلال الخصيب)، وبدرجة ما مصر، المثال التاريخيّ المتكامل على برهان تشاركيّة الإسلام، فالجسد السوريّ المفتوح دائمًا بمحتواه ومعناه يؤمّن هذا البرهان الذي ينفيه “الجسد العربيّ” الضيّق بمحتواه ومعناه ومؤدّاه.

إنَّ ضرب المثال التاريخيّ السوريّ، والعمل على تدميره ونسفه، كما يحدث في الشام والعراق، من شأنه ضرب محتوى الهُويّة السّوريّة، وفرز الإسلام وعزله والحكم عليه بالإقامة “وحيدًا” دون شريك، وهي الحالة التي ترغب برؤيتها الجهات التالية: “إسرائيل، تنظيم القاعدة، تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام، التنظيم الدوليّ للإخوان المسلمين، جبهة النصرة، العثمانيّة – التركيّة الجديدة”… إلى مختلف المراكز العالميّة التي تستثمر في هذه التنظيمات.

سورية، منذ بداية تأسيس الدولة الأمويّة 662 م وحتى سقوط بغداد عام 1258 م بيد المغول ونهاية الخلافة العبّاسيّة، هي من أمّنت البُعد الإمبراطوريّ للدولة، وهي من جعلت تشاركيّة الإسلام واقعًا، ومصدرًا لقوّة الدولة ونزوعها الإمبراطوريّ.

لو التزم الإسلام منطق “الجراحة الأيدولوجيّة” للتيّار العربيّ الإسلاميّ المعاصر، لبقي مُقيمًا في قريش تتناتشه قبائلها وتتقاتل على ملكيّته عشائر “العرب الأقحاح”، ولظلَّ سجين الصحراء وسرابها إلى الآن!!

رغم ذلك كلّه، سيتمكّن التيار العربيّ الإسلاميّ، و”كائناته: أحزابه وجمعيّاته” من اكتساب سمعة “علمانيّة” مزيّفة ومضلّلة، ليست سوى حجاباً للتشوّه الخلقيّ الذي فيه.

يتبع

هوامش وإشارات

  1. عصبة العمل القوميّ، تأسّست في بلدة قرنايل في لبنان، عام 1933، بحضور شخصيّات من مختلف أنحاء المناطق السّوريّة، ويُشير خطّار بوسعيد في كتابه “عصبة العمل القوميّ” إلى أنَّ العصبة تُعتبر انبثاقًا من “المؤتمر العربيّ الذي انعقد في القدس 1931 … والذي كان إيذانًا بالعمل العربيّ المنظّم في سبيل القضيّة العربيّة. ولقد انبثق هذا المؤتمر العربيّ عن المؤتمر الإسلاميّ العالميّ الذي انعقد في القدس في العام نفسه – ص 54.

الكتاب صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – 2004 – الطبعة الأولى.

  • كتاب: “البعث”. الدكتور سامي الجندي، دار النهار للنشر، بيروت 1969. ص 20.

  • كتاب: “البعث”. مصدر سابق، ص 23.

  • كتاب: “البعث”. مصدر سابق، ص 27.

  • كتاب: “البعث”. مصدر سابق، ص 27.

  • سامي الجندي (1920 – 1995)، كان الدكتور سامي الجندي حاضرًا في الحقبة التأسيسيّة لحزب البعث، مع كلا المؤسّسين: الأرسوزيّ وعفلق، حيث بدأ مع الأرسوزي ابتداءً من العام 1939، ومن ثمّ مع عفلق والبيطار بعد العام 1941، وفشل تنظيم الأرسوزي، وقد كان حاضراً المؤتمر التأسيسيّ الرسميّ (4 – 7) نيسان 1947. لعب دورًا بارزًا بعد وصول البعث للسلطة بعد 8 آذار 1963، حيث كان عضوًا في مجلس قيادة الثورة والناطق الرسميّ بِاسمه.

كتاب “البعث” الذي وضعه، يُعتبر أهمّ مراجعة نقديّة في الأدب الحزبيّ عمومًا، وقد اعتمدنا هذا المرجع الموثوق، علمًا أنّي تجاهلت الكثير من الآراء التي سمعتها من الدكتور الجندي مباشرة، في لقاءات أجريتها معه في دمشق في نهاية ثمانينيّات القرن العشرين، لكونها شفويّة غير مسندة، كما هو الحال في مرجعه المكتوب: “البعث”.

كتب وترجم العديد من الكتب منها: “أتحدّى وأتّهم” – “عرب ويهود”.

  • هذه النصوص، مأخوذة من الجزء الأول من المؤلّفات الكاملة للأستاذ ميشيل عفلق، والمعروف باسم: “في سبيل البعث”.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى