بلاغ من مكتب الزعيم في صدد فلسطين
إلى الرفقاء القوميين الاجتماعيين،
إنّ تطورات المسألة الفلسطينية الأخيرة، بعد دخول جيوش الدول السورية والعربية أرض فلسطين، لم تغيّر، ويا للأسف، المصير السيىء الذي قرّرته لها سياسة الاحتكارات والخصوصيات والغايات الرجعية.
وإنّ دخول الجيوش المذكورة فلسطين لم يغيّر، ويا للأسف، من المسالة الفلسطينية غير الناحية السورية. فكل ما حدث حتى الآن هو أنّ المنطقة التي لا تزال سورية في فلسطين قد تجزّأت الآن بين السوريين والمصريين، إذ احتل الجيش المصري جزءاً هاماً من جنوب فلسطين وأخذ يعيّن له المأمورين الذين يتناولون رواتبهم من الخزانة المصرية. ويقال إنه تجري مفاوضات لجعل ملك الأردن عبد الله يتنازل للملك العربي إبن السعود عن العقبة السورية فتتقلص شواطىء سورية عن البحر الأحمر. أما الدولة اليهودية الناشئة فلا تزال الحدود الرئيسية المرسومة لها سليمة. وقد تمكن اليهود، في اثناء الهدنة التي عقدت ضد مصلحة السوريين من إنقاذ منطقة القدس الجديدة من الضيق ومن كسب الوقت لمضاعفة أجهزتهم. والظاهر أنّ التقسيم الذي كان يجب أن يجري سلميّاً بلا خراب مدن وبيوت سورية لم يتغير حتى الآن، إلا في الشكل، إذ بدلاً من أن يحدث التقسيم بين السوريين في فلسطين واليهود، قد حدث بين السوريين والمصريين والعرب فخرجت من يد السوريين الأقسام التي كانت لهم بموجب قرار التقسيم وصارت إلى مصر ويحتمل أن يصير بعض شرق الأردن إلى العرب وهكذا يقتسم بعض الإخوان العرب أرض الأمة السورية كما يحاول أخذ جزء منها اليهود.
يقال إنّ في النية إخلاء الأراضي السورية من قبل الجيوش المصرية والعربية متى أجهز على اليهود. ولكن الدول المحاربة قبلت بالهدنة ومحاولة التسوية. فإذا لم يجهز على اليهود في شهرين أو ثلاثة، إذا استؤنف القتال فهل يعني ذلك أنّ الأقسام التي يحتلها المصريون والعرب ستبقى في أيديهم بحجة محاربة اليهود في المستقبل؟
إنّ تنبؤات الزعيم في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وبعد نشوء الأزمة الفلسطينية وبعد دخول الجيوش السورية والعربية فلسطين قد تمت بحذافيرها. وإنّ من دواعي الأسف أن لا تكون تلك التنبؤات والإنذارات قد افادت الفائدة المطلوبة في إيقاظ الأمة السورية إلى الخطر المداهم وفي جعل القائمين على الأمر في الدول السورية يهتمون بالاستفادة من بعد نظر القيادة القومية الاجتماعية ومقدرة الحركة القومية الاجتماعية التنظيمية في السياسة والحرب.
إنّ الذين لا يفهمون كيف تقرر مصائر الشعوب قد وجهوا لوماً إلى الحزب القومي الاجتماعي لعدم اندفاعه في تأييد الاعتباطيات السياسية والحربية وفي عضد الجهل والعجز. ولكن النتائج قد برهنت على حكمة القيادة القومية الاجتماعية ومعرفتها الأسباب والنتائج.
إننا نود لو كنا تمكّنا من القيام بما كان وبما لا يزال في مقدورنا القيام به في السياسة والحرب من أجل إنقاذ فلسطين وإبقائها سورية لمصلحة سورية وخير العالم العربي.
إننا تنبأنا بالكارثة ودللنا على الأخطار وأنذرنا ولكننا لم ندخر أية مساعدة تمكنّا من تقديمها. فإذا كان من لوم فهو لا يقع إلا على الذين اضطلعوا بالمسؤولية وباشروها.
[1] بلاغ بدون تاريخ. الأرجح أنه كتب في شهر أغسطس/ آب 1948.