جينات الشرّ

عميد الإعلام الرّفيق فراس الشّوفي

طغى هدير الآلة العسكريّة الرّوسيّة على أخبار فيروس كورونا. خفت صوت الدّعاية والضحايا. وبينما كان الغرب يدفن «شيوخه»، شحذ سكّينه ضدّ الرّوس.
تبدو أوكرانيا مع ثلاثين مخبراً بيولوجياً لأغراضٍ عسكريّة، جهنّمَ ملتهبة في بلاد الصّقيع. أنابيبٌ زجاجيّةٌ، تولّد إنفلونزا الطّيور وحُمى الخنازير، وتنقلها على جناح الطّير (أو الخفاش)، وحاضنات تخلق حشرات سامّة بعضها جاء به الأميركيّون من العراق، وجهتها روسيا وآسيا.

ليس الأوكران وحدهم فئراناً في المختبر الأميركي، بأسعارٍ زهيدة. الجورجيّون، اللّيتوانيّون، اللّاتفيّون والهنغاريّون أيضاً. من يقرب «النّاتو» فهو ممسوسٌ. كلّ من يسلّم أمره لـ«تحالف» العبوديّة مع الأميركيّين. الرّئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي ونظامه، أنموذجٌ جديدٌ بعد الأفغاني أشرف غني.

داخل جلسة الاستماع في الكونغرس، جاهرت فيكتوريا نولاند بوجود المخابر. في العلن، شنّت وسائل الإعلام الغربيّة (وملحقاتها العربيّة) حملات التّكذيب والنّفي. أمّا منظّمة الصّحّة، فطالبت بإيضاحات. واجبٌ بديهي، لم تفعله وكالات الأنباء العالميّة.

سارع الصّينيّون للدّعوة إلى فتح تحقيقات. تدرك الصّين أنّها الهدف التّالي لـ 336 مختبراً أميركيّاً منتشراً في 30 دولة قريبة وبعيدة منها، مادّيّاً بالتّهديد الوبائي، ومعنويّاً بتحميلها المسؤوليّة عن معارك مستقبليّة في حروب الأوبئة، على طريقة دونالد ترامب.

وحده الوزير عبدالله بو حبيب، وركام الدّولة الّتي يمثّل، لا حسّ ولا خبر. مع أنّ شركة «بارسنز» الأميركيّة للتّصنيع العسكري، إحدى أبرز الشّركات العاملة في المخابر، تعمل أيضاً على الحدود (الوهميّة) اللّبنانيّة – السّوريّة، وفي قاعدة التّنف المحتلّة، وفي قبرص، بصورةٍ سريّة ومشبوهة، جدّاً.

إيد ريغاس، صاحب كتاب «بيولوجيا الموت» حول الأسلحة البيولوجيّة الأميركيّة (صدر عام 2000)، يوجِز الحال: «إذا انتهينا جميعنا (الأميركيّون) قتلى بالجمرة الخبيثة أو إيبولا، ليس علينا أن نلقي اللّوم إلّا على حكومتنا المخادعة الّتي تربّي الجراثيم».

لم يُغلق برنامج الأسلحة البيولوجيّة الأميركيّة كما ادّعت واشنطن. بعد 11 أيلول وموجة «انتراكس»، قام جورج بوش برفع موازنة الأبحاث الجرثوميّة إلى 5.6 مليارات دولار. الكونغرس فتح تحقيقات في فورت ديتريك، المخبر الّذي اتُّهم عالم الجرثوميات بروس إيفين في عام 2001، بتسريب عنصر «انثراكس» من داخله. وفي آب 2020، أُغلق فورت ديتريك جرّاء تسرّب مواد وجراثيم في أنظمة الصّرف الصّحّي، ثم ما لبث أن أعيد فتحه من دون إعلان.

عندما تجتمع «أخلاق» مجمّع الصّناعات العسكريّة الأميركيّة و«قيم» وول ستريت، يصبح كلّ شيء مباحاً. تدفع الآلة الأميركيّة بالكوكب دفعاً نحو الانتحار. فلا يوجد شعب للآلة الأميركيّة تعمل على حمايته، وكذلك لا أرض لها. أرض القبائل القديمة مجرّد منصّة انطلاق، للسّوق الواسع من المحيط إلى المحيط: بيع وشراء، دماء ودموع. أطلق الجيش الأميركيّ في أيلول من عام 1950، غيمة جراثيم من على متن بارجة حربيّة، إلى سماء سان فرانسيسكو، بهدف اختبار تأثيرها على 800 ألف من سكّان المدينة. استمرت الاختبارات 7 أيام، وسقط مئات المصابين والقتلى!
مع جينات الشرّ الّتي تُنتَج في المختبرات الأميركيّة، البيولوجيّة والفكريّة، يصبح النّوم بين ترسانة نوويّة، أو في قبر، أمراً محموداً. جينات الشرّ لا تولد من الجراثيم فحسب، إنّها هناك، خلف المكاتب في واشنطن.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى