رأي الجيل الجديد – كيان لبنان بين رئاستين
ذكرت هذه الجريدة في عدد أمس مجرى التطورات السياسية الحكومية الناتجة عن اتفاقية النقد والمشاكل السياسية التي أورثتها توقيعها في باريس. ومما استقاه مندوبنا من معلومات اتَّضح أنه في حالة استقالة وزارة السيد رياض الصلح سيتعذر إسناد رئاسة الوزارة التالية إلى أحد السنيين البارزين في المجلس: الأستاذ سامي الصلح والأستاذ عبد الله اليافي.
واتَّضح أيضاً أنه في حالة تعذر تكليف سني تشكيل الوزارة التالية سيكلف أحد النواب الشيعيين. وقد زادت معلومات مندوبنا اليوم في هذا الصدد بخبر مؤداه أنّ السياسيين السنيين قد شعروا بالمساعي لإسناد رئاسة الوزارة إلى شيعي وأخذوا يتداولون في هذا التطور الجديد الذي يغيّر الوضعية السياسية التقليدية في هذه الجمهورية الصغيرة. ويظهر أنهم مجمعون على أنهم لن يتنازلوا عن رئاسة الوزارة للسنّة إلا إذا تنازل الموارنة عن رئاسة الجمهورية لماروني!
كما فتحت اتفاقية النقد مسألة كيان لبنان السياسي من اساسه، كذلك فتحتها مسألة إمكانية تشكيل وزارة مقبلة برئاسة شيعي.
ماذا يحدث إذا اعتمد السيد رياض الصلح تقديم استقالته وأصرّ السياسيون السنيون على الاحتفاظ برئاسة الوزارة إلا إذا تنازل السياسيون المارونيون عن الاحتفاظ برئاسة الجمهورية؟
الجواب ليس هيناً كما قد يبدو لغير دارسي أسس الكيان اللبناني. فإن السياسيين الموارنة يفضلون، إذا خيّروا بين خسارة رئاسة الجمهورية وخسارة لبنان الكبير، الخسارة الثانية على الخسارة الأولى. وإنّ منهم من كان يجاهر بأنه إذا حدث ما يوجب فقد السلطة العليا في الدولة، كثبوت كون المحمديين يمثّلون خمسة وخمسين بالمئة من سكان الجمهورية اللبنانية، أو بتشبث السنيين بعدم التخلي عن رئاسة الوزارة وعدم الموافقة على اتفاقية النقد، فإنهم يفضلون، حينئذٍ العودة إلى “لبنان الصغير”.
إنّ حالة من هذا النوع تظهر ضعف الأساس القائم عليه الكيان اللبناني الذي هو اساس سياسي محض فإذا اختل وضعه السياسي الداخلي فلا توجد رابطة قومية أو هدف قومي عام مجمع عليه ينقذ الكيان!
أما الشعب في لبنان فهو فريسة هذه الاضطرابات الطائفية والمنازعات الشخصية. ويظهر أنّ السياسيين المحترفين تهمهم المنازعات والرئاسات أكثر مما يهمهم الخير للشعب ومستقبله.
الجيل الجديد، بيروت،
العدد 4، 8/4/1948