مجزرة قانا… وجه الاحتلال العاري
مجزرة قانا الأولى في جنوب لبنان يوم 18 نيسان 1996 هي واحدة من عمليّات القتل الجماعيّ والجرائم ضدّ الإنسانيّة الّتي تركبتها الدّولة اليهوديّة الزّائلة منذ ما قبل تأسيسها.
خلال عدوان «عناقيد الغضب»، استهدفت مدفعيّة الاحتلال وطائراته على مدى 18 يوماً العديد من المناطق اللّبنانيّة لا سيّما العاصمة بيروت، ما أدّى إلى لجوء مئات المدنيّين إلى قاعدة تابعة للكتيبة الفيجيّة في قوّة حفظ السّلام الدّوليّة في قانا، ظناً منهم أنّ مراكز الأمم المتّحدة آمنة إنّما الدّولة اليهوديّة لم تأبه بالمقرّ الأمميّ، بل استهدفت مدفعيّة العدوّ عن عمد بعد ظهر ذلك اليوم القاعدة بعدّة قذائف، ما أدّى إلى وقوع مئات الضّحايا، بينهم 116 شهيداً و300 جريح من الأطفال والنساء والشّيوخ والجنود الفيجيّين.
استخدمت آلة القتل الصّهيونيّة أسلوب الحرب عن بعد بحجّة القضاء على المقاومة، فشنّت هجوماَ جويّاً شاملاً من البرّ والبحر الجوّ بما لا يقلّ عن 25 ألف قذيفة وصاروخ، من دون توغّل برّي، فدمّرت محطّات الكهرباء والجسور وحوالي 10 آلاف منزل. إلى جانب مجزرة قانا، ارتكب العدوّ في نيسان عدّة مجازر منها مجزرة المنصوري التي أدّت إلى استشهاد سبعة أطفال بعد استهداف مروحيّة الاحتلال لسيارة إسعاف في داخلها أب مع أولاده وأطفال آخرين في بلدة المنصوري جنوب لبنان. وخلال عدوان 2006، ارتكب العدوّ مجزرة جديدة في قانا راح ضحيتها 55 من الشّهداء.
بعد التّحقيق، أصدرت الأمم المتّحدة والعديد من المنظّمات العالميّة تقاريراً موثّقة تتّهم الدّولة اليهوديّة الزّائلة بارتكاب مجزرة قانا عن عمد ودحض الادّعاءات الصّهيونيّة بأنّ الهجوم ناتج عن «خطأ تقنيّ». إلّا أنّ الحماية الأميركانيّة والغطاء الدّوليّ لجرائم الاحتلال، تمثّل في ذلك الوقت بالضّغوط الّتي مارستها إدارة الرّئيس الأميركانيّ بيل كلينتون على الأمين العام للأمم المتّحدة بطرس غالي كي لا ينشر التّقرير الأمميّ الرّسمي. نشر غالي التّقرير، فعاقبه الأميركان بعدم تجديد انتخابه مرّةً ثانية. ثمّ أسقطت الولايات المتحدة كالعادة قرار إدانة الدّولة اليهوديّة الزّائلة في مجلس الأمن للتّصويت على قرار يدينها، باستخدام حقّ النّقض «الفيتو»، واكتفى كلينتون بالمطالبة بـ«وقف إطلاق النّار» ووجّه الرّئيس الفرنسي جاك شيراك نداءً إلى الدّولة اليهوديّة الزّائلة بضرورة الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النّار، فيما دانت روسيا المجزرة وانتقدت العدوّ.
لكن على الرّغم من هول المجازر والهمجيّة الصّهيونيّة، استمرّت المقاومة بقصف فلسطين المحتلّة وشنّ العمليّات ضدّ مواقع العدوّ في جنوب لبنان، ما أجبر العدوّ على التّوسّط عبر الأميركانيّين مع الرّئيس حافظ الأسد، حتى جرى توقيع «تفاهم نيسان» الّذي انتزع اعترافاً دوليّاً بالمقاومة وأسّس للهزيمة والتّحرير في أيار من العام 2000