ملحق – ما ورد في الرسائل حول مقالات (جنون الخلود)
إلى جورج بندقي
الرفيق جورج،
منذ مدة وصحيفة (الرابطة) تنشر تباعاً «محاضرة» رشيد الخوري «المسيحية والإسلام» ولم يخطر لك في بال أن ترسلها إليّ مع أنها هامة لي. وقد وردني معظمها وبقي القسم الأخير الذي نشر بعد رد القس الراسي، فأريد أن ترسل هذا القسم إليّ سريعاً، فاقطعه من الجريدة وأرسله بالبريد الجوي، أرسل إليّ أيضاً نحو خمسين نسخة من العدد الذي ستصدر به الرسالة المرافقة هذا الكتاب.
في (4) أغسطس/آب 1940م)
ولتحيَ سورية
الإمضاء
إلى جورج بندقي
رفيقي العزيز جورج بندقي،
وضعت لك، منذ يومين، في البريد العادي المسجل مغلفاً يشتمل على المقالين الأولين من سلسلة مقالات في رشيد سليم الخوري ومنظوماته و«محاضرته» الأخيرة بعنوان أول (جنون الخلود). فأكرر هنا وجوب التدقيق في تصحيح الأغلاط المطبعية وطبع ألف نسخة من هذه المقالات في كراس على حدة كما فعلت بنداء الزعيم إلى الشعب السوري، وتابع السلسلة أرسله كله أو تباعاً حسب الظروف…
بقي أن أشير في صدد مقالات (جنون الخلود) إلى وجوب وضع القسم الأكبر من كل مقالة في الصفحة الأولى، وإملاء هذه الصفحة بالعنوان والمقالة المختصة بالعدد، نظراً إلى أهمية الموضوع والنتائج السياسية لهذه الحملة…
في (23) أغسطس/آب (1940م)
تنبيه: يجب مبادلة (السمير)
الأوراق المرسلة بالبريد العادي وفيها مقالات (جنون الخلود) بعضها مكتوب على قفاه فيجب إنزال الكتابة في المكان المشار إليه بعلامة سهم على الوجه.
كنت قد طلبت منك أن تواصل إرسال خمسين نسخة إليّ من كل عدد فيه شي هام عن الأرجنتين، خصوصاً مقالات التعليق على زكي قنصل. وقد وردني من العدد (78) عشر نسخ فقط وكذلك من العدد (79) فأطلب إرسال أربعين نسخة أخرى من هذا العدد الأخير، والرفيق إميل أرسل يطلب عشرين نسخة من العدد (78).
وأرسل كذلك خمسين نسخة من كل عدد يصدر فيه مقالة عن رشيد سليم الخوري، ومتى تمّ طبع المقالات في كراس على حدة ترسل إليّ خمسمئة نسخة إلى هنا رأساً.
الإمضاء
كُتب هذا الكتاب قبل موعد البريد الجوي وبقي. واليوم قبل ختمه وصلت رزمتان من نسخ العدد (78)، وعسى أن تصل قريباً رزم العدد (79).
وإني مضمّن هذا الكتاب مقالة للرفيق وليم بحليس بصورة كتاب مفتوح إلى رشيد الخوري فأطلب نشرها قبل الابتداء بسلسلة مقالاتي في هذا الموضوع، أي في عدد هذا الأسبوع.
في (25) أغسطس/آب (1940م)
الإمضاء.
إلى جورج بندقي
… أرسلت إليك منذ مدة الحلقتين الأوليين من سلسلة مقالات (جنون الخلود)، وذكرت لك هذا الأمر في كتاب أرسلته برفقة الكتاب المفتوح الذي وجهه الرفيق وليم بحليس إلى رشيد سليم الخوري. وقد وردني البريد هذا الصباح وفيه العدد (82) من (سورية الجديدة) فوجدته خالياً من المقال الأول من سلسلة (جنون الخلود). وقد كنت أتوقع صدوره في هذا العدد، ولم تردني كلمة منك تفيدني شيئاً، فتعجبت وخشيت أن يكون المقالان قد فقدا، وكنت أود أن أعلم ذلك بسرعة لأتخذ الاحتياطات اللازمة…
اكتب وأبلغني عن مصير المقالين المرسلين لأتخذ ما يلزم. وعسى ألا تكون تعباً للغاية.
إن «محاضرة» رشيد سليم الخوري هي اختيار للحرب ليتم لنا النصر. وهذه المعارك الفكرية تفيد الحركة وبالتالي الجريدة فائدة معنوية وحسية، لأنها تنبه الرأي العام وتكشف عن شعوذة أعدائنا الذين يحاربوننا بسلاح الأوهام الباطلة.
عسى ألا تكون المقالات قد فقدت، فلا تكلفني الكتابة من جديد، وأنا أشد ما أكون حاجة للوقت. وقد كتبت مقالين جديدين للسلسلة، ولكني لا أرسلهما حتى أعلم مصير المقالين الأولين وهل بوشر نشرهما، ولذلك أنتظر جواباً سريعاً.
سلامي لك وللرفقاء ولتحيَ سورية.
في (9) سبتمبر/أيلول (1940م)
الإمضاء
إلى جورج بندقي
الرفيق العزيز جورج،
عندما وردني العدد (82)، الأسبوع الماضي بالبريد الجوي، ولم أجد فيه أولى المقالتين اللتين أرسلتهما منذ نحو شهر بالبريد الأرضي المسجل وهما بدء سلسلة مقالات بعنوان (جنون الخلود) تتناول «محاضرة» رشيد الخوري، بادرت إلى إرسال كتاب بالبريد الجوي المسجل أبين لك فيه أني أرسلت إليك المقالتين المذكورتين، وأطلب إخباري إذا كانتا قد وصلتا أم لم تصلا. وبت أرقب ورود البريد. وصباح اليوم تسلمت العدد (83) وحده وليس فيه أثر للمقالتين. وورود الجريدة وحدها جعلني أعتقد بوجود تلاعب في البريد وبعدم وصول كتابي إليك. وكنت أرسلت معه كتاباً آخر بالطريقة عينها إلى أخي. ومنه أيضاً لم يردني جواب. وكتابي الأخير له هو الكتاب الثاني أو الثالث. ولذلك بادرت مراجعة دائرة البريد هنا، وسأطلب منها مخابرة دائرة بريد سان باولو لمعرفة ما جرى للرسائل. وأطلب منك، إذا كنت لم تتسلم المقالين وكتابي الأخير وما قبله أن تطلب من مدير البريد في سان باولو فتح تحقيق لمعرفة ماذا يحدث لمراسلاتك. وإذا كانت المسألة كذلك، فإني أعتقد أن لجميل صفدي وأخيه وديع يداً في الأمر، وأنهما يستوليان على الرسائل بطريق الرشوة…
في (16) سبتمر/أيلول (1940م)
إلى إبراهيم طنوس
…. رشيد الخوري: وجدت مقالة الرفيق وليم بحليس جيدة وذات قوة روحية ورأي سديد ومنطق صحيح. و«محاضرة» الخوري قد فتحت الباب لنا للقيام بحملة ساحقة. وقد اهتممت للأمر وبادرت كتابة سلسلة مقالات بعنوان (جنون الخلود)، فكتبت مقالتين وأرسلتهما معاً إلى (سورية الجديدة) لنشرهما، وبدأت كتابة المقالات اللاحقة. وكان ذلك قبل ورود مقالة وليم، فلما وردت أرسلتها بالطيارة وطلبت نشرها قبل مقالاتي، ثم انتظرت فكانت الجريدة تردني خالية من مقالاتي، وما عرفت سبباً مع كثرة كتاباتي وسؤالاتي، حتى جاءني كتاب من أخي الرفيق إدوار يخبرني فيه أن الرفيق جورج بندقي «لم يستطع نشر المقالتين» وأن مجلس الصحيفة سيخابرني بهذا الصدد.
(سورية الجديدة): نشأت على أساس اتفاق بيني وبين فؤاد وتوفيق بندقي، قبل أن صارا رفيقين، فيضعان الرأسمال المادي ويضع الحزب الرأسمال الروحي، ويكون تحرير الجريدة تحت مطلق تصرف الحزب، وسياستها خاضعة لتوجيهات المراجع المختصة. وبعد وصولي إلى الأرجنتين استشعرت محاولات للتدخل في شؤون التحرير، وبلغني صراحة وبصورة خطية وثيقة أن «الرفيق» فؤاد بندقي وأخاه قالا للمحرر السابق رشيد شكور إنهما هما صاحبا الجريدة، وإن ما ينشر فيها يجب أن يكون برضاهما وموافقتهما.
بعد أخذ ورد ومراسلات، لو كتبت في المشكلة البولونية لكانت كافية لحلها، انحلت الأزمة موقتاً على تفاهم في الظاهر، وعلى ترقب الفرص في الداخل. فقد كان من مصلحة الرفيق فؤاد بتدقي، والجريدة في بداءة عهدها، أن يدع الأمور تجري في أعنّتها كسباً للوقت، ورأيت أنا هذا الحل كافياً موقتاً وواصلت العمل كسباً للوقت. والظاهر أن فؤاد بندقي يفكر الآن أن الوقت قد حان ليقبض على الجريدة «بيد من حديد». والذي أعرفه عنه أنه يتخيل أن يصير بقوّته المالية صحافياً يسيطر على صحيفة أو أكثر، ويسيّرها في أهدافه الخصوصية. فعاد إلى التدخل في تحرير الجريدة وهو يريد أن يصير منشئاً مبدعاً، فكتب مقالات مؤخراً ونشرها في باب «رأي (سورية الجديدة)» المخصص للمقالات التوجيهية من مراجع الحزب، وحين لا توجد مقالات من هذه المراجع لمقالات بقلم الرفيق جبران مسوح أو بقلمك أنت. فكانت أولى مقالاته «الإلياذة السورية» وهي مخالفة للروحية القومية، وليس ما يبرر نشرها بهذا العنوان أو الوصول بها إلى الاستنتاج الذي اختاره الكاتب اختياراً استبدادياً. وقد وجد أنه، «وهو صاحب الجريدة» لا يحتاج لمراجعتي. ثم جاءت مقالته الثانية «ارميا الاستعمار الأجنبي» فكانت ضغثاً على إبّالة وظهرت فيها أفكاره المستقاة من مصادر ألمانية وإيطالية، وهي مخالفة لمبادىءالحزب وللتوجيهات الصريحة المكررة التي أرسلتها إلى مجلس إدارة (سورية الجديدة) الذي أنشأته لأمنع مثل هذا الخلل. ولكن توما توما وإلياس بخعازي لم يكونا عندما يجب فتركا الحبل على الغارب وأعتقد أن الرفيق توما لا يستطيع مخالفة أولاد بندقي أو التأثير عليهما نظراً لضعفه المادي وحاجته المالية في هذه الظروف.
بناءً عليه أرسلت كتاباً إلى أخي أكلفه سحب مقالتيّ وسحب مجموعة جريدة (النهضة) التي لجأت إدارة الجريدة إلى نقل مقالاتها من غير الإشارة إلى مصدرها. وكلّفته أيضاً فحص حروف عربية يريد صاحب (أبو الهول) بيعها وزيارة مصبات الحروف العربية في مطبعة «قلب يسوع». واستقدمت الرفيق جبران مسوح من توكومان وكلفته اتخاذ ما يلزم لتأسيس مطبعة صالحة تكفي لإصدار «الزوبعة» بقطع يوازي (سورية الجديدة)، وأن يكون هو محررها وصاحب امتيازها تحت إشرافي، وهو رجل مخلص كل الإخلاص ومتقد غيرة ومطيع. ولن أعود إلى الكتابة في (سورية الجديدة) فتصبح جريدة خصوصية، فإذا ثابرت على مجاراة الحركة السورية القومية فلا بأس أن تبقى ميداناً لأقلام بعض الكتّاب القوميين، بل يحسن أن تظل ميداناً قومياً ما أمكن.
ويقول أخي إن الأخوين فؤاد وتوفيق بندقي قد أصبحا واقعين تحت تأثير «العروبيين» وتهويلاتهم، وذلك لضعف عقيدتهما وتخاذل القوميين في سان باولو. ومتى نفذت مشروع (الزوبعة) فتصبح هي الجريدة شبه الرسمية للحركة القومية. وحينئذٍ يمكن فؤاد بندقي أن يسير بخيلائه وتخيلاته الصحافية والسياسية أنّى يشاء، ولكن على مسؤوليته هو لا على مسؤوليتي أو مسؤولية الحركة القومية. وقد قلت في أحد الاجتماعات هنا، حين التحقيق في أعمال بعض الأفراد، إذا كان ظهري سلّماً فهي سلّم صالح فقط ليرتقي الشعب عليها، ولكنها غير صالحة ليرتقي عليها الأفراد.
قبل وضع هذا الكتاب بالبريد وردني كتاب من الرفيق فاخوري يقول فيه إن فؤاد وتوفيق بندقي منعا نشر مقالات الزعيم لأنهما «لا يريدان أن تكون الجريدة ميداناً للمهاترات الشخصية» وهذا منتهى الوقاحة. وهنالك عبارة أخرى تفيد أنهما تاجران ولا يريدان أن يتعرضا للضرر. وهذا لهما وأعرفه عنهما، أما أن يعترضا كتاباتي ويقولا إنها «مهاترات شخصية» فجريمة فظيعة، فضلاً عن أنه جهالة وحماقة لا حد لما. أفيعلّمني هذان التاجران كيف تكون حروب المبادىء، والدفاع عن الحركة ا لقومية، ورد كيد الكائدين، وطرق المواضيع الهامة، والفرق بين مهاجمة نفسية عتيقة جامدة وبين المهاترات الشخصية؟ وقد قررت أن أنفض يدي من (سورية الجديدة) فلا تبقى لها أية صفة للتعبير عن مجرى الحركة القومية، ويمكنها أن تظل مجارية للحركة القومية بصفة خصوصية وعلى مسؤولية بطل «إرميا الاستعمار الأجنبي».
واليوم كان عندي الرفيق مسوح وتمّ الرأي على مباشرة إصدار (الزوبعة) بصفحات أكثر، وطبعها بالأجرة موقتاً، إلى أن تكون وردتنا الحروف من البرازيل فنستقل بمطبعة للجريدة. وتصبح (الزوبعة) لسان حال الحركة وتزول هذه الصفة عن (سورية الجديدة) فيكون على القوميين التبشير منذ الآن بــ(الزوبعة) وأنها هي صحيفة التوجيه القومي، واعتبارها قرب الزعيم، وبإدارة الرفيق جبران مسوح.
في (21) سبتمبر/أيلول (1940م)
الإمضاء.
إلى جورج بندقي
الرفيق العزيز جورج بندقي،
أخبرني أخي عن تأخرك الصحي، الأمر الذي قد يدعو إلى اجتيازك أكثر من عملية جراحية، فتأسفت جداً لذلك، وتكدرت لما لحق بك أنت العامل المخلص في مكانك، وإني أتمنى أن تجتاز الصعوبات الصحية بنجاح، وتعود إلى الميدان وقد زدت نشاطاً وقوةً، وتخلصت من كل وصب.
وردني كتاب من أخي يخبرني فيه أنك «لم تتمكن» من نشر مقالتيّ في صدد «محاضرة» رشيد سليم الخوري، فأدركت أن المانع يجب أن يكون من الرفيقين فؤاد وتوفيق. ثم وردني كتاب من الرفيق فاخوري يطلعني فيه على موقف ابني عمك في هذا الصدد، وبعض كتب أخرى علمت منها بعض التفاصيل. وقد كنت دائماً مستعداً أن أجيز للرفيقين فؤاد وتوفيق تقديم الاعتبارات المتعلقة بهما باعتبارهما ذوي مصلحة رئيسية في المشروع، وأن آخذ ما يبديانه في الاعتبار، أما أن يتناولا اعتبارات لا شأن لهما فيها ومن شأن المراجع العليا وحدها، فما لا أجيزه مطلقاً، وأعدّه تجاوزاً لحدودهما في هذا الأمر. فهما يمكنهما أن يقدما وجهة نظرهما باعتبار مصالحهما، أما أن يحكما على مقالاتي التي هي درس نفسية عامة في أحد «الشعراء» الذين يعالجون قضية الحركة القومية، ويتهجمان عليها سراً وعلناً، ويعدّاها من باب «المهاترات الشخصية»، فخروج على حدودهما القانونية والثقافية، إذ هما عضوان عاملان بسياسة الزعيم ومؤيدان لسلطته، دون شرط استشارتهما في التدابير التي يقررها. وهما من جهة الثقافة في مركز لا يخوّلهما الحكم على ما يصدر عن الزعيم أو مكتبه. ولو أنهما كتبا إليّ مباشرة وحاولا التفاهم معي لكنت ساعدتهما على عدم ارتكاب مثل هذا الغلط الفظيع. ولكنهما لا يقبلان تقييد نفسيهما معي بتوقيع صريح، وهذه كانت سياستهما منذ البدء، وقد أقاما أنفسهما حَكَماً على سياسة الجريدة وعلى تعليمات الزعيم، وهذا مخالف للاتفاق الأساسي على إصدار الجريدة، ومخالف للقَسَم الذي أدياه وأصبح من واجبهما التقيد به، ولولا أنهما لا يدريان ما يفعلان لما غفرت لهما.
في كل حال أطلب منك أن تسلّم المقالتين لأخي إدوار ليعيدهما إليّ. وبما أني سأصعد إلى هضاب كوردبة قريباً، عملاً بإشارة الطبيب، ونظراً لاحتمال بقائي هناك بضعة أشهر، ولما كنت أريد أن أستفيد من هذه الفرصة لدرس بعض نقاط تاريخ الحزب وجهاده، فإني أحتاج لوجود مجموعة(النهضة) معي. وهذه كنت قد طلبتها تكراراً من قبل، ولا يسعني خسارة وقت أكثر مما خسرت، فسلّم المجموعة لأخي ليرسلها إليّ طرداً بالبريد…
في 23 سبتمبر/أيلول 1940
إلى جورج بندقي
الرفيق الساهر جورج بندقي
بعد إرسال كتابي الأخير إليك وردني كتابك المسهب المؤرخ في (24) سبتمبر/أيلول الماضي ووقفت منه على جلية الأمر في صدد مقالات (جنون الخلود) وموقف الرفيقين فؤاد وتوفيق. والظاهر من هذا الحادث أن الرفيقين فؤاد وتوفيق نسيا أن إنشاء الجريدة كان لتكون تحت مطلق تصرف المراجع الحزبية وبدون أن يكون لهما أو لأي منهما تدخّل في شؤون هذه المراجع وما تنشره، وأنهما لا يفهمان شيئاً عن فلسفة التنظيم والحكمة من التزام كل فرد دائرة اختصاصه فلا يتعداها. ولذلك حصل في مسألة (سورية الجديدة ما يحصل للجيش الذي يخرج بعض جنوده من أماكنهم ليتدخلوا في شؤون القيادة على نسبة معرفتهم وإدراكهم: عرقلة خطط المعركة.
الجريدة ليست مجلة علمية، والجريدة الحزبية تدخل كل معركة الحزبية، ولما كانت مهمتنا الأولى كشف القناع عن سحن المشعوذين «الوطنيين» الحقيقية، فإننا لا نستطيع إنقاذ الشعب من شعوذاتهم بالسكوت عليها، لتحقيق رصانة جوفاء ونظرية خرقاء. وما هي النتيجة التي نتوخاها من إطباق جفوننا على القذى؟
أما قول فؤاد وتوفيق إن ما نشر «يسي إلى سمعة الحزب وسمعتهم» فهو نتيجة تحليلك لما حدث لهما مؤخراً بتأثير الماكرين…
في (2) أكتوبر/تشرين الأول (1940).
إلى إبراهيم طنوس
… رشيد الخوري: إن مقالة الرفيق وليم كانت، بلا مشاحة، في محلها، وإنما الناس يختلفون في تقدير أمر ما، لأن الأقيسة التي يستعملونها كلها فردية. فهم يظنون مثل هذه المواقف مجرد «مناظرات أدبية» فردية ولا يدركون العراك المبدأي العام القائم وراءها. ولذلك يقول كثيرون: «القروي ما بيستاهل»… أو «ما بيستحق هالأهمية»…
في (5) يناير/كانون الثاني (1941)
إلى نعمان ضو
… تسرني كثيراً قراءة زجلياتك التي فيها شعر حقيقي ينم عن نفس كبيرة وإباء وشعور عالٍ بالشرف القومي، ويا ليت أمثال «الشاعر القروي» يتعلمون الشعور في مثل شعرك ويعفوننا من منظوماتهم التقليدية التافهة.
سلامي لك وللعائلة وللأصدقاء المخلصين. ولتحيَ سورية
في (20) يناير/كانون الثاني (1941)
الإمضاء.
إلى وليم بحليس
… مقاومة بائعي الشعب:
سرّني الخبر المنشور وأرجو أن يكون قد طبع، فإذا كان قد تمّ ذلك فلترسل إليّ نسخة منه بالبريد الجوي. وبعد قليل يمكن (سورية الجديدة) مباشرة نقل مقالات (الزوبعة) في (جنون الخلود) وأنا أرسل مجموعة من هذه المقالات منقحة…
في (3) فبراير/شباط (1941)
إلى وليم بحليس
… في البريد القادم الجوي أرسل إليك حلقات من سلسلة مقالات (جنون الخلود) ليصير نقلها إلى (سورية الجديدة) لأن فيها دروساً هامةً…
في (9) فبراير/شباط (1941)
إلى وليم بحليس
… مرسل إليك مع هذا الكتاب المقالين الأولين من سلسلة مقالات (جنون الخلود) لتباشر بنشر هذه السلسلة في الصفحة الأولى، وفي المقالين بعض تصحيح، وفي البريد القادم أرسل غيرهما ليتابع النشر، فتنشر مقالة في كل عدد…
في (12) فبراير/شباط (1941)
إلى إبراهيم طنوس
…. جنون الخلود: أشرت على الرفيق وليم نقل هذه المقالات إلى (سورية الجديدة) ليعمّ انتشارها وللتعويض عن الأعداد الكثيرة من (الزوبعة) التي لم تصل إلى القرّاء في المهاجر الأخرى، وفيها حلقات هامة من هذه السلسلة الدراسية…
في (26) فبراير/شباط (1941)
إلى وليم بحليس
… جنون الخلود:
الحقيقة إن هذه المقالات قد طالت، وما كنت أقصد جعلها بهذا الإسهاب، ولكن لا بد من العودة إلى معالجة بعض النقاط في موقف رشيد الخوري من الزعيم، فيكون ذلك جواباً مداوراً على بعض الأقاويل في الأوساط هنا. وبعض هذه الأقاويل تسرّب إلى بعض الأوساط القومية كالتساؤل: «لماذا لا يرجع الزعيم إلى الوطن»، والكلام الذي أرسله خالد أديب. ففضلت أن أبحث مسألة «هرب الزعيم» عن طريق تقولات الخوري بدلاً من أن أفرد لها بحثاً خاصاً. وهذا الأمر جعل المقالات تطول، فتناولت نحو (4) مقالات لا علاقة مباشرة لها بصلب الموضوع ثم إني قصدت أن تكون هذه المقالات دراسة في الأدب والشعر والأخلاق والروح القومية. والدراسة بهذه الصورة أكثر فائدة لتقديم الشاهد والمثل من «أدب» الخوري. فإعطاء دروس عامة بدون تقديم مثل أو شاهد يمر بأذهان السوريين دون أن يترك أثراً واضحاً إلا عند أفراد قلائل. ونحن نريد إيقاظ نفسية الأوساط الواسعة. ولو لم يكن «أدب» الخوري نموذجاً ومثالاً لأدب طبقة واسعة لها تأثير في تكييف نفسية الجمهور لما استحق في ذاته هذا الاهتمام، والآن قد وصلت إلى «محاضرته»، وهي الغرض الأصلي، وأعتقد أنها لن تأخذ أكثر من أربع أو خمس مقالات. وأعتقد أن هذه السلسلة ستعطي المفكرين وشباب النهضة القومية وجماعة المتنورين مقاييس جديدة للقيم الشعرية. ويجب على البعض أن «يطوّلوا بالهم» قليلاً فللإطالة أسباب…
في (31) /مارس/آذار (1941)
إلى وليم بحليس
… بعد: المقالان (13) و(14) من (جنون الخلود) ينشران في الصفحة الأولى من (سورية الجديدة). وقد وقعت في (13) أغلاط أهمها سقوط لفظة «النبي» من عبارة رشيد الخوري في قوله «وقدمه النبي على شريعته» فيجب إثبات كلمة «النبي» في الجملة.
وهنالك آية نسبت إلى سورة الناس وهي من سورة النساء فيجب تصحيح النسبة حين نشر المقال ثانيةً في (سورية الجديدة) وهي الآية: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون}، إلخ.
في (30) إبريل/نيسان (1941)
إلى نجيب ندره وكامل عوّاد
حضرة الرفيقين نجيب ندرة وكامل عواد،
وردني كتابكما المؤرخ في (28) إبريل/نيسان المنصرم، وفيه تنقلان إليّ طلب الدكتور جورج صوايا، والسيد محمد علي غنّام إليكما الكتابة إليّ، وسؤالي تجنب بعض كلمات قاسية «بمقالاتي» المتعلقة بأقوال رشيد سليم الخوري. ولما لم يكن لي مقالات تتعلق بالسيد المذكور فقد رجحت أن الدكتور صوايا والسيد غنّام يعنيان المقالات التحليلية التي تنشر في (الزوبعة) لهاني بعل. فإذا كان هذا هو المقصود فيمكن للسيدين المذكورين توجيه كتاب أو تكليفكما توجيه كتاب في هذا الصدد إلى إدارة (الزوبعة) ولاسم هاني بعل.
بلّغا الدكتور جورج صوايا والسيد محمد علي غنّام شكري لاهتمامها بهذا الأمر الذي لا مصلحة لي أو للمنظمة القومية به. وعسى أن يفيد صاحب المصلحة الرئيسية فيه السيد رشيد سليم الخوري.
يوينُس آيرس في (2) مايو/أيار (1941)
إلى وليم بحليس
بعد: ورد غلط كبير في المقال (11) من (جنون الخلود) فقد حذفت بضعة أسطر واختلّ المعنى. وذلك في العامود الثالث في الفقرة التي أولها: «ومع أن الخوري اقتبس، إلخ». فبعد القول: «فلا أوزان ولا قوافي ولا رويّ تحول دون إفصاح الكاتب عن كيفية المحاربة بسعف النخل وأغصان الزيتون»، يجب إثبات بقية الجملة وهي: «والمحاربة بالسلام وعن النتيجة العملية لهذه المحاربة!» ثم تأتي فقرة جديدة أولها: «لقد حارب السوريون حروباً غير قليلة بالبنادق، إلخ». وإثبات هذا الكلام ضروري ليصير معنى للقول: «فكيف ينكر عليهم «القروي» حروبهم إلخ».
فيجب الإشارة في العدد القادم إلى وقوع هذا الغلط وإعادة نشر الفقرتين كاملتين لكي لا يضيع المعنى.
ووقع أيضاً غلط في «كيف قتل الشهبندر» وذلك في اسم عفيف الصلح فقد روى عفف الصالح وهذا غلط فيجب الإشارة إلى ذلك وتصحيح الاسم في العدد القادم.
أرسل إليّ بعض أعداد الرسائل لأراها وأعرف شكلها.
في (5) مايو/أيار (1941)
إلى وليم بحليس
… بعد: وردت في المقالة (15) من (جنون الخلود) المنقولة إلى العدد (116) أغلاط كثيرة تشوّه المعنى وتظهر قبيحة منها: «مفسرو الأحلام» بدلاً من «مفسرو الإسلام» وغير ذلك مما يمجّه الذوق فيجب الانتباه إلى هذا الأمر. وقد ورد غلط في نقل بعض الآيات القرآنية وهو ما لا يجوز، ومثله في العامود الثالث والآية التي أولها: {حرمت عليكم} فقد ورد في هذه الآية: {إلا ما قد سلف من الله كان، إلخ} والصحيح: {إلا ما قد سلف إن الله كان، إلخ}.
إذا كان عندكم كراريس شرح المبادىء فأرسلوا إليّ نحو خمسين نسخة في رزم من عشر أو عشرين.
في (11) يونيو/حزيران (1941)
الإمضاء
إلى إبراهيم طنوس
… إن الأيام المقبلة قريباً ستتطلب مني البت في أمور عملية تقتضي حالة واستعداداً يجب أن أقف على مبلغهما. وسيكون من دواعي الأسف لي أن يكون المنفذ العام قد أساء فهم توجيهاتي الإدارية الأخيرة، أو تأثر تأثراً معكوساً من دراسة (جنون الخلود) في المسيحية والإسلام، وإظهار بعض الحقائق التي يحب «المؤمنون» رؤيتها…
بعد: بعض المشتركين في مينس أرجعوا (الزوبعة) لعدم رضاهم عن مقالات (جنون الخلود) والحملة على رشيد الخوري وشكيب أرسلان، فما هو مبلغ هذا التأثير في الأوساط القومية؟
في (9) يوليو/تموز (1941)
إلى وليم بحليس
… المنفذ العام:
منذ بضعة أسابيع والشك يتسرب إليّ في صدق موقف الرفيق العسراوي الأخير، فهو حتى الآن لم يجب على كتابيّ الأخيرين إليه، وفي أحدهما تعليمات إدارية يجب الإجابة عليها. وقد فكرت في ما عسى قصد من طلب معرفة قائمة سان باولو، ولم أتذكر أني انتدبته أو كلّفته القيام أو اتخاذ تدابير تتعلق بها. ولعله أصيب بتأثير ديني بسبب شرح بعض شؤون ونواحي الديانة الإسلامية، فقد لا تكون روح التعصب الديني قد زالت منه بالمرة، خصوصاً وهو مؤلف كتاب (الإسلام في أميركة) منذ زمن. وقد أعاد بعض مشتركي مينس وأظن أن أحدهم، بل هم محمد جماز وأنطونيو وزير وملحم وزير من كنكيستا، وفي كتاب منهم أنهم يمتنعون من الاشتراك بسبب «ملاحقة المير شكيب أرسلان ورشيد الخوري ممن وطنيتهم مشهورة». أما الرفيق العسراوي فقد شفي من التأثير الشكيبي، ولكن لا أعلم إذا كان شفي من بقية التعصب الديني، مع أنه قد لا يقصد أن يكون متعصباً، وقد تكون المسألة مسألة بقية تربية…
في (16) يوليو/تموز (1941)
إلى وليم بحليس
… لو كان ظهر شي من ناحية السيد إسكندر المر في ما يختص بنفقات طبع (جنون الخلود) لكان من المحتمل أن يكون هناك إمكانية لمساعدة الجريدة، ولعل أسرع طريقة عملية هي عقد اجتماع من الرفقاء غالب صفدي وفؤاد لطف الله وإلياس فاخوري وجورج بندقي ووليم عفيف للبحث في الأمر وتسويته. والحقيقة أن مثل هذا الاجتماع كان يجب أن يحدث بصورة متواصلة توثيقاً للروابط العقائدية والفكرية وتقوية للروحية. فهذا أمر أساسي لمواجهة الأحداث وللتقدم، فتبادل الآراء بين رفقاء مخلصين يعطي دائماً نتيجة حسنة ويجعل الجميع يشعرون بأهمية مساهمتهم في الحركة…
في (31) يوليو/تموز (1941)
إلى إميل بندقي
… أما الرفيقان فؤاد وتوفيق فلا أرى أي داعٍ لتأثرهما أو نقمتهما على مقالات (جنون الخلود) إلا أن يكونا مصرّين على تنفيذ مشيئتهما فوق الخطط المرسومة والأوامر المعطاة. وهذا الموقف لا يدل على روحية نظامية ولا على حسن نية، ففي كل العالم المتمدن وتحت جميع أشكال الحكم، عندما يصدر قرار نهائي من الهيئة المفوضة البتّ تبطل المعارضات والمعاكسات عند جميع الأعضاء المخالفين في الرأي، فأحياناً يقرر مجلس العموم البريطاني خطة أو سياسة أو قانوناً بأكثرية مئتين ونيف أو ثلاثمئة ونيف، ضد مئتين أو مئة ونيف من الأصوات فتجد مئات المعارضة قبلوا ما تقرر وعملوا بموجبه وانتهى الأمر. وإذا حاولت فئة العودة إلى شي فيكون ذلك بالطرائق القانونية وبدون محاربة القوانين…
في (16) أغسطس/آب (1941)
إلى وليم بحليس (جنون الخلود):
تقول إنك اجتمعت بالسيد إسكندر المر، وإني أستغرب أنه لم يعد يعرض لأمر طبع كتاب يحوي هذه المقالات، وأنك لم تسأله عما جرى. وقد يكون المر راغباً في الاتصال شخصياً بي ولا أعلم، فإذا أمكن معرفة شي منه قبل مخابرة الرفيق دده يكون أفضل…
في (18) أغسطس/آب (1941)
إلى وليم بحليس
(جنون الخلود):
كنت قد حسبت إمكانية تنفيذ الحكومة البرازيلية قرارها في آخر الشهر واحتمال احتجاب (سورية الجديدة) فعجلت بكتابة الحلقة (22) فجاءت طويلة وغاية في الأهمية لأنها تكشف عن مصدر الأفكار الرجعية ومجاريها وتضع النظريات الأساسية الرجعية والقومية وجهاً لوجه. والمقال اليوم في المطبعة وبعد قليل أنزل لرؤيته وإصلاح أغلاط الرصف، وأعتقد أنه يكون جاهزاً بعد الظهر، فأرسله إليك مع هذا الكتاب. وقد كتب الرفيق مسوح مقالة سيرسلها أيضاً إليك بالبريد الجوي…
في (25) أغسطس/آب (1941)
إلى وليم بحليس
رفيقي العزيز وليم بحليس،
تسلمت اليوم العدد الأخير من (سورية الجديدة) ومنه علمت أنه لم يصدر عدد سابق له غير الذي صدرت فيه صورة الأمين معلوف. لم يردني كتاب منك فعسى أن تكون مساعيك ناجحة.
إني أعجب من عدم وجود من يوقف تهجّم رشيد الخوري وقباحاته عند حد. ألا يوجد في سان باولو من يحسن ضرب الكفوف أو العصي؟ والأوساط المسيحية التي كان تنادي «نريد الإنصاف ولا نقبل الذل» ألا يوجد بينها من يصفع هذا الجاهل ويريه كيف يكون التذابح أو الذبح؟ ألا يوجد بينها من يتقدم لمناصرة من يرفع الحيف ويقيم الإخاء القومي. وماذا يعمل آل يافث، أيكتفون بالاستحسان بالكلام وهم عندهم شي أفضل منه؟ ألا يقدر الرفيق فؤاد أو الرفيق غالب أو لجنة على الاتصال بكبيرهم، أو أي مهتم منهم، ويظهر له ضرورة المساعدة بغير «الحكي»؟
في (1) سبتمبر/أيلول (1941)
إلى وليم بحليس
(جنون الخلود): قد يكون الأفضل جعل أقل عدد يطبع خمسة آلاف لكي يرسل منها إلى الوطن ومصر والعراق بعد الحرب، لأن البحث يجب أن يصل إلى الشبيبة القومية في الوطن حيث تكون النتيجة أكبر…
سرتني جداً حمية الرفيق فؤاد القومية واستعداده لتأمين طبع هذه المقالات. وإني أفضّل طبعها في مطبعة الرفيق جورج بعد أن تحررت من سلطان الإمبراطور فؤاد وصارت خاصة به، على شرط أن يرسل إليّ مسودتين من كل ملزمة، الأولى قبل التصحيح والثانية بعد التصحيح، لألقي آخر نظرة عليها وأتحقق من كمال التصحيح قبل الطبع. وقد كنت أفضّل لو أن السيد باسيل يافث يطبع الكتاب من غير الحاجة إلى إشهار الأمر فيترك ذلك إلى وقت مناسب. فيمكننا تحويل ما يتبرع به الرفيق فؤاد أو السادة أسعد لطبع مجموعة خطب الزعيم ومقالاته الضرورية لإبقاء المجرى الأساسي للأفكار القومية مستقيماً.
إن ما سيصدر من المقالات في المسيحية والإسلام سيكون هاماً جداً للتفكير القومي ولمعالجة المشاكل الروحية ــــ الاجتماعية في الأمة السورية. ولولا ضيق الوقت معي وحراجة الظروف السياسية لكنت وسعت البحث ودققت أكثر في التفاصيل. ولكن المجال الذي حددته يكفي لإيضاح الطريق وتعيين الحل. والأقلام القومية تتكفل فيما بعد بزيادة الحجج وتوسيع النطاق.
23 أو (24) سبتمبر/أيلول (1941)
الإمضاء
إلى وليم بحليس
… لم تعد تذكر لي شيئاً عن (الزوبعة)، وهل عاد وصلك ما كنت كتبت أنه لم يصل من العدد الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، وهل وصل العدد (30) إلى الناس وكيف كان وقعه عندهم. إن العدد (31) تأخر قليلاً ويصدر غداً وفيه حلقة هامة من (جنون الخلود) تطيّر أوهام كثير من الناس، فمتى وصل أحب أن أعرف تأثيره…
في (3) نوفمبر/تشرين الثاني (1941)
إلى وليم بحليس
… الكتاب أو الكتب: إن الرفيق فؤاد كان ذكر لي أنه مستعد لطبع أكثر من كتاب واحد، وأعتقد أنه يقصد أن يطبع كتاباً كل مدة. وأنا أترك هذه المسألة بكليتها لما يراه مناسباً. وبما أنه قرر تقديم نفقة طبع كتاب، أرجح أنه نتيجة مقالات (جنون الخلود)، وبناءً على الحساب المقدم من مطبعة الرفيق جورج، أقول إن المبالغ التي ستنفق لهذا الكتاب ولغيره هي شي يمكن، على أساسه، التفكير بإصابة عدة غايات برمية واحدة، وذلك باستخدام طريقة إدغام المشاريع المتجانسة التي غايتها واحدة: تنوير الأذهان في القضية وترقية الثقافة وتوسيع انتشارها.
إن المبلغ المحسوب لطبع (5000) نسخة يصل إلى رقم ثلاثين «كنط» تقريباً. إذ أمكن إضافة ثلاثين أخرى أو عشرين «كنط» إليه تجمع لدينا رأسمال صغير يصلح لإنشاء مطبعة صغيرة هنا لِــ(الزوبعة). فإذا تمّ ذلك أمكن تكبير (الزوبعة) حتى تقبل مراسلات من الجاليات وتهتم بمواضيع أخرى ضرورية ويهتم لها الناس، فتصبح الجريدة جريدة جميع المهاجر السورية وتصير واسطة لتعارف الجاليات والعناصر الجيدة فيما بين الجاليات السورية في أميركة، إذ تضاف إلى فوائدها الحالية فوائد الرسائل الإخبارية من جميع الجهات. وأمكن أيضاً طبع كتاب (المسيحية والإسلام) بمبلغ أقل، ثم أمكن طبع عدة كتب أخرى بطريقة اقتصادية توفر نحو ثلثي المبلغ وذلك بواسطة نشر الكتب في الجريدة أولاً ثم جمعها أو طبعها في الوقت عينه على حدة لتكون كتباً، فيتوفر الرصف، وهو الأهم، ويبقى ثمن الورق وأكلاف الطبع فقط، وهي زهيدة، ويمكن التوفير فيها متى كانت المطبعة خاصة. وقد كان القصد في الأول الاستفادة من هذه العملية في (جنون الخلود) إذ كانت التعليمات الأولى إلى (سورية الجديدة) قبل كف أيدي فؤاد وتوفيق بندقي عنها أن تطبع المقالات فوراً في كتاب على أن تعطى التلعيمات بحذف ما استحسن حذفه منها حين نقلها إلى الكتاب. ولست نادماً على أن الكتاب لم يطبع على هذه الصورة، إذ يصبح الآن في الإمكان تنقيحه وزيادة بضعة إيضاحات تجعله أتم وأكمل. ولكن الكتب الأخرى لا تحتاج لذلك، فخطب الزعيم تبقى كما هي ولا تحتاج لسوى مقدمة وبعض الشروح على الهامش، وهناك عدد من الوثائق كالمذكرة إلى جامعة الأمم والمذكرة بشأن المصالح المشتركة وغيرها…
في (22) يناير/كانون الثاني (1942)
إلى نجيب العسراوي
…. كتاب (بحث المسيحية والمحمدية): بناءً على رغبات وطلبات كثيرة وردت إليّ وإلى سان باولو وإلى إدارة (الزوبعة)، قررت طبع سلسلة (جنون الخلود) في كتابين: الواحد أدبي ويتعلق بمنظومات رشيد الخوري كدراسة أدبية، والثاني يختص بموضوع المسيحية والمحمدية أو اليسوعية والمحمدية والعصبية القومية. وقد رأيت أن يحمل الكتاب الأول فقط عنوان (جنون الخلود). أما الكتاب الثاني فسأجد له عنواناً من موضوعه. وقد سرني أنك ارتأيت حذف اسم رشيد الخوري الذي لا يستحق أن يذكر اسمه في هذا البحث. خصوصاً وأن حارضته لم تشتمل على أي رأي له في هذا الموضوع. ولست أدري إذا كان هذا كل ما كنت ترغب في إبدائه. ففي كتابك السابق ما يدل على أن لك رأياً أو اقتراحاً يتعلق بالموضوع عينه. فإذا كان هذا الاستنتاج صائباً فكنت أود أن أقف على رأيك أو معلوماتك.
إن الموضوع سيمر على التنقيح. وإني آسف أن لا أكون تمكنت من الوقوف على كتابات أخرى في هذا الموضوع ككتاب الشيخ محمد عبده في (المسيحية والإسلام) وغيره. والحقيقة أني تناولت الموضوع سداً لحاجة أوجدها وضعه على بساط البحث ضمن الموضوع القومي وما أثاره من أحقاد وبلبلة. ولم أكن أقصد في البدء أن أجعله بحثاً فلسفياً عميقاً، ولكني رأيت، في سياق الموضوع، أن ترك هذا الأساس يقلل كثيراً من فائدة البحث، فعمدت إليه وكان بودي لو تتوفر لديّ المصادر والمستندات والشواهد العديدة. ولكن مكاتب الأرجنتين السورية فقيرة جداً في الكتب، وحالة الحرب لم تسمح بجلب شي جديد، ولا أدري ما يوجد في سان باولو وكيف ومتى يرسل، فاضطررت للاقتصار على أساس الموضوع وما وقفت عليه من آراء وحجج أصحاب الدولة الدينية المحمدية. ومع ذلك فإني أرى الأساس العلمي ــــ الفلسفي الذي وضعته كافياً كقاعدة للتفكير بطريقة جديدة في هذا الموضوع الخطر.
في (21) مارس/آذار (1942)
إلى وليم بحليس
… (جنون الخلود):
في العدد الثاني والأربعين الصادر في منتصف هذا الشهر يتم البحث في مسألة الدعوة الدينية المحمدية إلى إنشاء دولة للملّة المحمدية، وما سببته من كتابات تحريضية ضد الدين المسيحي ومناظرات في موضوع هذين الدينين، وفي العدد الثالث والأربعين تكون الخاتمة التي أصبحت جاهزة وفيها التفاتة إلى بداءة السلسلة وذكر بعض الأدباء الرجعيين والنفعيين ونوع عملهم المخرب ليكون الناس على بيّنة من أمرهم، فيكون عدد مقالات هذه السلسلة ستاً وثلاثين مقالة، وأظن أنها كافية لقطع، دابر الكتابات الفاسدة وإيجاد عقلية واستعداد نفسي جديدين لتدبّر الشؤون الاجتماعية القومية…
في (18) إبريل/نيسان (1942)
إلى وليم بحليس
… تقول في نسخة كتابك المفقود: «نشعر أنه من الحسن أيضاً أن نتحدث عن البنيان الجديد القائم على أساس لا تدركه هستيرية القروي ولا بلاهة الحداد ولا سفالة وانحطاط أبي ماضي» وتستأنف فتقول: «لكن أين هذه البراهين والحوادث والجماهير من الشباب الحي الناهض لا نقدمها للمهاجرين حتى نبعث فيهم الأمل بمستقبل أمتهم. لماذا لا نعطيهم من صور الحياة السورية ما يحبب إليهم الحياة السورية؟» ثم تضيف إلى ما تقدم: «من بإمكانه أن يتحدث للسوريين عن نهضة سورية القومية ويذكر لهم الحوادث والأسماء أكثر من (الزوبعة)؟ إلخ». وأنت ألا يخطر في بالك أني أفكر في هذه الأمور وأني إذا كنت لا أحققها في الحال فلأن هنالك أسباباً يتجاوز علمي بها علمك، ألم يخطر لك أن تسائل نفسك: كيف يمكن جريدة صغيرة كَــ(الزوبعة) تصدر مرتين في الشهر بصفحات صغيرة قليلة العدد أن تحارب الأعداء، وتشرح فلسفة الحركة القومية الاجتماعية وخططها وآمالها في وقت واحد، وبقلم كاتب واحد تكاد تمزق نفسه تعنتات المتعنتين وسفسطات الفسفسطائيين؟ أو كان يمكن أن تبحث (الزوبعة) أبحاثاً راسخة في جو هادى ووسط آذان صاغية لم تكن قد قامت بحملتها التطهيرية على عدو بعد عدو وفئة من الأعداء بعد فئة؟ قد يقول غير العارفين: «إن الأمر قد طال على هذه الحملات» وإني أقول إن المسألة ليست مسألة طول وقصر بقدر ما هي مسألة انتصار واندحار. والساحة واسعة ونحن صحيفة واحدة ضد عشرات، إذا لم يكن مئات الصحف. وكم مضى من الوقت على ختام (جنون الخلود)؟ وهل تظن أن الذين قرأوا هذا البحث قد فهموه كلهم وعرفوا كيف يقيسون الأدب والأدباء والشعر والشعراء والإنشاء والمنشئين والصحافة والصحافيين؟ أتظن أن الذين سقط على مرأى منهم رشيد الخوري صاروا يدركون من تلقاء أنفسهم سفالة مآرب أبي ماضي وسطحية أدبه، وهو الذي كان عندهم وعند جميع الأدباء والمتأدبين «أعظم شاعر عصري في اللغة العربية»، أم تظن أن «الرابطة القلمية» في نيويورك قد ذهبت بمجرد ظهور أبحاث (جنون الخلود)؟
في (20) يوليو/تموز (1942)
إلى يعقوب ناصيف
… الزواج في المحمدية والمسيحية والتزاوج: إن ما عالجه الكاتب في (جنون الخلود) لم يكن عاماً في جميع نواحي الدينين المذكورين والأحوال المدنية الناشئة عن تعاليمهما. ومع ذلك فقد ورد ما يوضح بعض ما تطلّب إيضاحه. فقول القرآن: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ إلخ}، ليس ضرورياً أن يشمل المسيحيات لوجود نص قرآني يفرق بين المشركين وأهل الكتاب. فالمسيحيون هم «أهل الكتاب»، وقد وردت إشارة في إحدى حلقات البحث تشير إلى هذا النص وتذكره، وإلى أسباب منع التزاوج من مسيحيات بعض القبائل العربية لعدم التأكد من مسيحيتهن، وليس لأنهن مسيحيات.
ويوجد نص قرآني صريح يجيز التزوج من المسيحيات، ولكن لا يجوز العكس، أي لا يجوز تزويج المحمديات من يسوعيين، ولكن يمكن الإفتاء بجوازه. وأما ما ورد في الإنجيل عن الاعتماد بالماء والروح وغير ذلك، فلم يدخل في البحث الذي لم يتناول تفسير التعاليم المسيحية خصوصاً من الوجهة المدنية. هذا هو السبب في عدم تناول هذه النواحي وقد يصير تناولها إذا تقرر توسيع البحث عند تنقيحه…
في (7) أغسطس/آب (1942)
إلى جبران مسوح
رفيقي العزيز،
وردني كتابك الأخير المؤرخ في (11) سبتمبر/أيلول الجاري، ومنه علمت أني سهوت عن إخبارك بوصول السند بمبلغ (51) «فاس». وقد كنت أختصر الكتابة إليك نظراً لما كان مطلوباً مني القيام به هنا. فإن التطورات الجديدة اقتضت أن أفسح وقتاً لمقابلات كثيرة ولاجتماعات متعددة، خصوصاً ما اقتضاه تعديل قانون «الجمعية السورية الثقافية» وتشكيل هيئتها الإدارية وإعطاؤها التوجيهات الثقافية والإدارية اللازمة. ثم نقل الجريدة إلى مطبعة «السلام» ثم الاهتمام بقوانين الصحافة الأجنبية الجديدة الذي كاد ينتهي بتسليمي اليوم تعهداً بنشر المقال الرئيسي من دائرة الإنشاء بالإسبانية ليعود امتياز التعرفة السابقة. وكان عليّ أيضاً أن أراجع مقالات (الصراع الفكري) وقد نسيت أني أصبت بوعكة شبه غريبة وبقيت في الفراش نحو عشرة أيام. وصفيّة كانت في المدة الأخيرة متراوحة بين الصحة والتوعك. وقد أخذت مؤخراً أهتم بكتب السِيَر والحديث المحمدية لأعود إلى بحث المسيحية والمحمدية….
في (15) سبتمبر/أيلول (1943)
عن (الزوبعة) العدد (36)، (15/1/1942)