«كيف أنقذ الحزب السوري القومي شرف سورية ــــ السوريون القوميون يعنون ما يقولون ولا يتخلون عن مراكزهم ــــ التحقيق العسكري يبرىء ساحة الحزب«

بيروت في 17 أبريل/نيسان 1940 ــــ لرئيس شعبة سورية الجديدة


الواجب يتغلب على الخطر:
منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وحالة الحرب والمراقبة والملاحقة التي تقوم بها السلطة ضد السوريين القوميين تحول دون متابعة رسائلي إلى سورية الجديدة وكان توقف رسائلي أمراً مؤسفاً جداً لي، وليس أدعى إلى الأسف في رأي السوري القومي، من عدم تمكنه من تأدية واجبه. وواجبي كان أن أطلع السوريين المهاجرين، بواسطة رسائلي إلى سورية الجديدة، على حقيقة الحالة الحاضرة في الوطن، فحالت بيني وبين القيام به موانع عملية لم يكن من الممكن إزالتها. وقد كان سروري عظيماً لتمكني من «تهريب» هذه الرسالة التي تحمل إلى السوريين عبر الحدود معلومات يجهلها قسم كبير من الشعب في الوطن، لشدة المراقبة وسهر الجاسوسية ولطلب غير القوميين السلامة في الخوف!


أبطال الخوف:
ومنذ وقعت حالة الحرب في أوروبة أقام أبطال الخوف في بلادنا ميداناً، يتبارون فيه بالمبالغة في التصريحات المخزية لهم وللشعب. وهم يفاخرون بأنهم يفعلون ما «تقضي به ضرورة الحال» ويخدعون الأجنبي بتصريجاتهم. وما يخدعون إلا أنفسهم والشعب الذي كان قد تعوّد الإصغاء إلى كلامهم. فهم قد تخلوا عن قضية الأمة ساعة الخطر وكانوا من قبل يدّعون أنهم هم أبطالها وأنهم يحاربون فرنسة «حتى ولو لم تمنعهم سوى عقال»! واستسلامهم لعوامل الخوف كاد يطلق في الشعب تياراً من الرعب يقتل فيه كل عزة نفس فاعلة أو كامنة وكل حرمة للشرف والكرامة لولا رجال الزوبعة الحمراء الذين وقف كل منهم طوداً راسخاً في المكان الذي عيّن له، محتقراً الخطر ومعيداً لمن حوله الثقة بالنفس وبمصير القضية القومية.

النتيجة الحسنة لهذا الموقف هي أنّ أبطال الخوف الذين كانوا مستأسدين، حين كان الخطر بعيداً، قد انفضحوا أمام الشعب الذي أدرك كم كان منخدعاً ببطولتهم الهينة، فأشاح بوجهه عنهم إلا بعض أوساط لا تزال تحت تأثير أخلاق عهد الانحطاط. فهذه الأوساط لا يهمها غير إشباع شهواتها وجشعها، ولا قيمة عندها لأي شرط من شروط الحياة الشريفة.

قوة الحزب السوري القومي:
خبرت السلطة الأجنبية أبطال الخوف في عدة مواقف، فهي تعرف «مراجلهم» جيداً ولا يمكن بطولتهم أن تخدعها في كثير أو قليل، وكان آخر ما خبرت منهم موقفهم في أثناء الاضطرابات التي أثاروها على أثر ظهور الحزب السوري القومي في سنة 1935، فلما تحرّج الموقف وعُهد إلى قيادة الجيش الفرنسي أمر قمع الاضطرابات، أسرع أولئك الأبطال إلى دعوة الشعب إلى الكف عن الاضطرابات والإخلاد إلى السكينة.

وكما خبرت السلطة الأجنبية أبطال الخوف من «كتليين» وغير «كتليين»، خبرت أبطال الشجاعة والإقدام من الحركة السورية القومية وصلابة عزمهم. خبرتهم في السجون وفي ملاقاة الجند المسلح، وفي الملاحقات والاضطهادات من ألف نوع ونوع. وكانت نتيجة هذه الاختبار أنه رسخ في روع السلطة أنه لا قوة في سورية يحسب حسابها، لمتانة عقيدة رجالها ونسائها وشجاعتهم وإقدامهم وازدرائهم الخطر وبُعد نظر قيادتها، غير قوة الحزب السوري القومي، وأنّ هذه القوة هي القوة الوحيدة التي تقدر على القيام بإجراءات يمكنها أن تغيّر الحالة في ظرف مناسب.

في ربيع سنة 1938 ضاعف الحزب السوري القومي مجهوداته لإعطاء السوريين القوميين التدريب العسكري الأولي، وإنشاء صف ضباط إضافي، وهذا يعني إنشاء الجيش الاحتياطي. وقد أقدم الحزب على هذا الأمر الخطير، على الرغم من قلة موارده المادية، وصمم على تنفيذ هذا البرنامج الذي وضعه الزعيم لسنة 1938 مهما كلّفه ذلك من جهود وتضحيات.

وقد أرسل الزعيم بين يونيو/حزيران ويوليو/تموز 1939 تعليمات مشددة، بوجوب اتخاذ جميع التدابير الواقية لحماية المسؤولين المركزيين والتأهب لمواجهة الحوادث المقبلة. فاتخذ الحزب تدابير واسعة تؤمن سير برنامج التدريب الاحتياطي وصيانة رجال الإدارة المركزيين. وعلى الرغم من تشديد السلطة المراقبة على حركات الحزب السوري القومي فقد نُفِّذت تعليمات الزعيم بدقة بقدر ما سمحت الظروف وضرورة الحالة.


تدابير السلطة:
مما لا شك فيه أنّ المفوضية الفرنسية في بيروت وقيادة «جيش الشرق» كانتا تتوقعان الحوادث التي كان يتوقعها الحزب السوري القومي، إذ لا بدّ أن تكون الحكومة الفرنسية قد أمدّتهما من باريس بالتعليمات والمعلومات اللازمة لهما عن الوضع الإنترناسيوني. وقد لاحظت دوائر الحزب السوري القومي المختصة نشاط الحركة في دوائر المفوضية الفرنسية وقيادة الجيش الفرنسي، وأخذت علماً بالتدابير التي قررتها وباشرت تنفيذها. وتوقعت دوائر الحزب أن يكون قد أعد له شيء في الخفاء.

كان الحزب السوري القومي يعلم أنه إذا وقعت الحرب في أوروبة، وامتدت إلى البحر المتوسط، فكل أمر يجري في سورية يتوقف على موقفه، وكانت الحكومة الفرنسية تعلم هذه الحقيقة، بدليل ما نشرته جريدة «الطان» الفرنسية شبه الرسمية، وترجمته إلى عددها الصادر في 7 مارس/آذار الماضي جريدة «الأيام» الدمشقية، وإليك ما جاء في فقرته الأولى:
»يرتكز السلم في شرق البحر المتوسط على القوات الفرنسية المؤلفة من وحدات حربية من الطراز الأول، يتولى أمرها قائد عظيم، كما يعتمد هذا السلم في الوقت نفسه على إخلاص الشاميين واللبنانيين، الذي أعرب عنه رؤساؤهم الدينيون وزعماء أحزابهم(!) في صدق وصراحة».

وهذا يعني أنّ موقف السوريين في هذ الحرب له وزن كبير لم يقدره غير الحزب السوري القومي. ولما كانت فرنسة أمينة على الحالة من جهة الرؤساء الدينيين والذين سمّتهم جريدة «الطان» «زعماء الأحزاب السورية»، وكانت مسألة السلم تتوقف، من الجهة السورية، على موقف الحزب السوري القومي، باعتباره الحزب الوحيد في البلاد العامل باستقلال كلي عن كل إرادة أجنبية، المحتفظ بحرية تصرفه، لا تثنيه عن عزمه رغبة أو رهبة، فقد كان من البديهي أن تضع السلطة الأجنبية في سورية التدابير التي عولت على اتخاذها في صدد الحزب السوري القومي في صدر تدابيرها العامة.

الظاهر أنّ السلطة جعلت في مقدمة تدابيرها المتعلقة بالحزب السوري القومي أن تباشر، حال تحرّج الحالة الإنترناسيونية، باعتقال رجال السلطة السورية القومية حتى درجة منفذ عام الذي تشمل صلاحيته منطقة قضاء.


مباشرة الاعتقالات:
والظاهر أنّ استعدادات السلطة للاعتقالات كانت واسعة، فلما أدت مسألة دانتزغ والممر البولوني إلى الأزمة البولونية، وأبدت الحرب نواجذها في أواخر أغسطس/آب، وبعد أن كانت التدابير الاحتياطية الأخرى آخذة مجراها، عمدت السلطة الفرنسية إلى تنفيذ تدبير اعتقال رجال الإدارة السورية القومية. ففي 31 أغسطس/آب الماضي انبثّ أفراد دائرة الأمن العام في بيروت ودمشق وطرابلس وحمص وحماه وحلب، وفي أقضية لبنان خصوصاً، يبحثون عن رجال الحزب السوري القومي المسؤولين أو ذوي الشأن العمومي أو المحلي ليعتقلوهم. فتمكنوا بين آخر أغسطس/آب وأول سبتمبر/أيلول من القبض على عدد من المسؤولين الثانويين. وتابع رجال التحري سعيهم حتى بلغ عدد الذين اعتقلوهم في جميع الأنحاء 35 عضواً.

وكان واضحاً أنّ دوائر الأمن العام لم تتمكن من إلقاء القبض على عضو واحد من أعضاء الهيئة التنفيذية المركزية، الأمر الذي رفع معنويات الحزب السوري القومي إلى درجة عالية بينما حملة الأراجيف والتهويل تشتد عليه.
أخيراً تمكنت دوائر الأمن العام من القبض على ثلاثة من أعضاء الهيئة التنفيذية المركزية هم: الأمين نعمة ثابت، الأمين جورج عبد المسيح، ومنير ملاذي. وكيفية القبض على الاثنين الأخيرين كما يلي: ألقي القبض على الأمين جورج عبد المسيح قبيل المفاجأة بالاعتقالات العامة وهو يمضي في بيته، في بيت مري، إجازة. وكانت الغاية من القبض عليه، في الظاهر، غير مسألة الحزب ولكنه أضيف إلى موقوفي الحزب حال إلقاء القبض عليهم. وألقي القبض على الرفيق منير ملاذي حين ذهب إلى بلدته وهو يقوم بجولة في الداخلية، وكان ذهابه إلى بلدته مخالفاً للخطة المرسومة وللتدابير الاحتياطية التي وضعها الحزب موضع التنفيذ.

أما القبض على الأمين نعمة ثابت، رئيس مجلس العمد، فحادث لا مثيل له في تاريخ المعاملات السياسية والدبلوماسية في القرن العشرين. وقد وصفه أحد كبار موظفي الحزب السوري القومي بأنه «أقبح ما عُرف من حوادث الغدر والمكر في التاريخ السياسي». وكيفية حصول هذا الغدر هو: أنه عندما وجدت السلطة الأجنبية أنّ تدابيرها الاعتقال رجال الحركة السورية القومية المسؤولين لم تمكنها من اعتقال غير عضو واحد من أعضاء الهيئة التنفيذية المركزية، هو الأمين جورج عبد المسيح الذي قُبض عليه بحجة أخرى قبل 31 أغسطس/آب وهو في إجازة في بيته، وهو الوحيد من رجال المراجع الحزبية العليا الذي تمكنت السلطة من وضع يدها عليه، وكان ذلك قبل إعلان حملتها على الحزب السوري القومي، رأت أن تعمد إلى حيلة شائنة لا تليق بالمعاملات بين المتمدنين.

فأعلنت رغبتها في مفاوضة الحزب السوري القومي وطلبت مقابلة بعض رجال السلطة المركزية للمفاوضة ومحاولة الوصول إلى تفاهم. ولمّا كان الحزب السوري القومي أظهر لرجال السلطة الفرنسيين في المحادثات العديدة السابقة، أنه مستعد للوصول إلى تفاهم مع فرنسة على أساس اعتراف هذه الدولة بسيادة سورية وحقها في الحياة، كان طلب الفرنسيين المفاوضة أمراً معقولاً في هذه الظروف.

فنظر رجال الإدارة المركزية في طلب الفرنسيين فتح مفاوضة ولم يغب عنهم احتمال كون هذه الدعوة حيلة للقبض على بعضهم. ولكن رئيس مجلس العمد قرر أن يقبل الدعوة وأن يعرّض نفسه هو وحده لسهام الغدر. ولمّا أراد بعض أعضاء الإدارة حمله على عدم المخاطرة بنفسه قال عبارته المشهورة: «إذا كان في هذه المسألة احتيال كان دليلاً على فساد الدولة التي تأتيه وضعف دعائم سلطتها، وعلى أنّ نجاح قضيتنا السريع أمر مؤكد. إني أذهب وحدي فإذا حدث الغدر الذي تتوقعونه فثقوا بأن انتصارنا أكيد وليقم كل منكم بواجبه».

ذهب الأمين نعمة ثابت، رئيس مجلس العمد، بنفسه، وحده لمقابلة الذين سيقومون بالمفاوضة من قبل الجانب الفرنسي. وكان هادئاً، رافع الرأس، فواجه المكيدة برباطة جأش نادرة. وبهذه الصورة التي تصفع التمدن صفعاً ألقي القبض على الأمين الرئيس نعمة ثابت.


أسماء جميع الذين أوقفوا:
إني أثبت هنا أسماء جميع الذين تمكنت دوائر الأمن العام من اعتقالهم وتوقيفهم، وهم كما يأتي، حسب أسبقية اعتقالهم:
في بيروت: الأمين عبد الله قبرصي، الأمين بشير فاخوري، وليم سابا، إلياس سمعان، إميل ترك، جورج حنكش، فلاديمير ثابت؛ في طرابلس: أمين مجذوب، هارون الصالح، إبراهيم الشامي، أكرم صوفي؛ في طرطوس: إلياس جرجي، عبد الكريم سيروان؛ في دمشق: خالد موره لي، يوسف يازجي، رشيد فرعون.

ومن الأنحاء الأخرى: نعمة غزال، إلياس قدسية، إحسان مسوح، إسبيريدون ديب، محمد القاضي، رفيق أبو كامل، نمر عبد الباقي، عزيز الأرناؤوط، إميل فتوي، أنطون الرامي، نايف قعوار (عمان)، فكتور أسعد.
أسماء الذين لا يزالون رهن التوقيف والمحاكمة في المحكمة العسكرية: الأمين نعمة ثابت، الأمين جورج عبد المسيح، منير ملاذي، حسن الطويل حماده، أنيس فاخوري، منصور اللحام، صلاح شيشكلي.


مذكرات توقيف غير مُنفَّذة:
وقد تأكد لي أنّ السلطة أصدرت مذكرات توقيف بحق الزعيم، الأمين مأمون أياس، الأمين فخري معلوف، جبران جريج، سروري بارودي، مصون عابدين.


التهمة والحقيق:
بعد اعتقال القوميين المذكورة أسماؤهم فوق باشرت السلطة العسكرية التحقيق معهم بهذه التهمة الخطيرة:
»التآمر على سلامة الدولة في الداخل والخارج».
وكانت أخبار «الوكالة العربية» المأجورة عن وجود الزعيم في برلين، وقيامه على عمل الإذاعة العربية في راديو برلين، وغير ذلك من الأخبار والمطاعن المختلفة، تذاع وتروج في كل مكان. وكان ظاهراً أنّ المقصود من ترويج هذه الإشاعات المختلقة توليد جو من الشبهات والأضاليل يسهّل للسلطة العسكرية إطلاق يدها في تعقّب رجال الحركة السورية القومية بدون حساب، وبدون أن يُحدث ذلك رد فعل سريعاً في أوساط الشعب.

الرجعية والنفعية والزمنية قامت عن بكرة أبيها تنتهز هذه الفرصة الثمينة للطعن في الحركة السورية القومية، بينما عدد كبير من رجالها المسؤولين يقاد إلى المحكمة العسكرية بتهمة الأمانة لقضية الأمة السورية العادلة، والعمل لاسترجاع حقوق الشعب السوري المسلوبة.

أشبه هذا الزمن زمن الوشايات الكاذبة والسعايات في زمن العهد التركي المظلم. فكل مأمور تحرٍّ طامع بترقية أو إنعام، وكل طالب وظيفة أو حظوة في عين السلطة الأجنبية تقدم جهاراً أو سراً بسعاية أو وشاية ملفقة. ولكن ثبات جنان الأبطال القوميين الموقوفين والذين لم تتمكن يد السلطة من الامتداد إليهم جعل هذه الحملة تتكسر وتتلاشى.
تولى التحقيق الجوّاس العسكري الكومندان فيتو، فأخذ إفادات الموقوفين واستقدم عدداً من القوميين وغير القوميين للشهادة. واستقدم لأداء الشهادة عدداً من كبار رجال الإدارة السابقة والقضاء اللبنانيين، بينهم الوزير السابق جورج ثابت والنائب السابق إبراهيم المنذر، والمحققون اللبنانيون الذين حققوا في قضايا الحزب السابقة كالقاضي حسن قبلان والمستنطق جورج مراد وغيرهما. وقد كانت شهادات جميع هؤلاء مصاقبة لما كان قد أدلى به الموقوفون، الأمر الذي ساعد على جلاء الحقيقة.

في نهاية التحقيق صرح الجوّاس الكومندان فيتو أنه لم يجد صحة لشيء من التهم والوشايات والسعايات التي تضمنتها تقارير رجال الأمن العام، وتناولتها الصحف ولغطت بها الألسن وروجت ترويجاً واسعاً.
وقد نال الجوّاس الكومندان فيتو، بعد فراغه من التحقيق، إجازة لمدة شهر واحد فسافر إلى وطنه على أن يعود في آخر أبريل/نيسان الجاري.

وفي أوائل هذا الشهر، وبعد ختام التحقيق، صرح المدعي العام لدى المحكمة العسكرية أنه مقتنع تمام الاقتناع بنزاهة [الحزب] من جميع التهم الشائنة التي حاولت عناصر الانحطاط إلصاقها به. وقد ألغيت التهمة الأولى وأبدلت بها تهمة العمل لحزب غير معترف به. وهذه التهمة يعدّلها انتصار الزعيم السياسي على الحكومة اللبنانية سنة 1937 حين حملها على السماح للحزب بمتابعة أعماله، وإن يكن بصورة محدودة. وقد عرف المحقق هذه الحقيقة وسجلها في الدعوى وأيدتها الشهادات المثبتة.

وقد تناول التحقيق أمر صدور سورية الجديدة في البرازيل، الذي حاول الاتهام أن يستدل منه على تسلم الحزب أموالاً أجنبية لخدمة أغراض بعض الدول. فتقدم الرفيق أسد الأشقر للشهادة في هذه المسألة، فأثبت أنّ الجريدة نشأت برأسمال سوري بحت وأنّ أصحابها يديرونها على مسؤوليتهم.

وامتد التحقيق إلى درس رحلة الزعيم ونفقاتها، فأثبت الرفيق أسد الأشقر أنّ القسم الأول من رحلة الزعيم قام به السوريون القوميون في أفريقية الغربية، وأنه هو شخصياً قدم مبلغاً غير قليل لعضد الرحلة.
بناءً على جميع هذه الأسباب لم يكتفِ الجوّاس العسكري بنفي التهم الشنعاء المختلقة عن الحزب، بل زاد أنه لن يطلب لرجال الحزب السوري القومي الموقوفين تشديد الحكم عليهم.


مصير دعاوى المأجورين:
كنت قد ذكرت في أولى رسائلي إلى سورية الجديدة أنّ المأجور لليهود السيد جبرائيل منسى الذي فضحت مناوراته جريدة «النهضة» شبه الرسمية للحزب السوري القومي، بمناسبة ترشيحه نفسه للانتخابات سنة 1937، كان قد أقام دعوى زور على الزعيم ورئيس مجلس العمد. فنظر التحقيق في هذه الدعوى فاستدعى المحقق صاحب الدعوى والأستاذين وديع نعيم وإميل لحود، فاعترف الجميع بأنه لا صحة للدعوى وأنها لفقت لأسباب سياسية فقط.
والناس ينتظرون عودة المحقق الكومندان فيتو في آخر هذا الشهر لتقديم مطالعته وإحالة الموقوفين إلى المحكمة لتلفظ حكمها.

سورية الجديدة، سان باولو،
العدد 71، 22/6/1940

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى