البدايةُ والأمل والانبعاثُ والتّجدّد

رئيس النّدوة الثّقافيّة الأمين ادمون ملحم

الأوّل من آذار هو البداية والأمل والرّجاء. هو البداية لربيع الأمّة ولمسار تأسيس حياتها الجديدة. الأمّة الّتي وُلِدت من رحم تراثها الحضاريّ بولادة رجل المبادىء والقيم الجميلة، فبزغ فجرٌ جديدٌ في السّادس عشر من تشرين الثّاني أشرقت فيه شمس النّهضة القوميّة الاجتماعيّة الدّافئة لتبدِّد ظلمات الجهل والظّلم والباطل ولتملأ الحياة نوراً ودفئاً وخيراً وجمالاً.

هو الأمل الصّاعد وسط الانهيار وعوامل اليأس والانحطاط. الأمل بالمستقبل القوميّ الجميل، بحياة الأمّة الحرّة، الرّاقية، القائمة على أسس نظام قوميّ اجتماعيّ جديد يؤمّن البحبوحة والغنى والعدالة الاجتماعيّة ويقود إلى الحرّيّة والسّيادة والاستقلال وإلى مراقي العزّ والشّرف والتّقدّم والفلاح.

والأوّل من آذار هو الانبعاث والتّجدّد، انبعاث الأمّة من الجمود والموت وعودتها إلى الحياة، إلى وجدانها ومعرفتها، إلى بناء نفسها في نهضة شاملة ليعود دورها الحضاريّ والإنسانيّ فاعلاً في الوجود.

وتجدّد الأمل بقدرة هذه الأمّة ومواهبها، بقيمها وعظمتها، وبربيعها الدّائم والواعد بمواسم العطاء ودفق الخيرات والإنتاج وبأعياد النّصر والفرح والابتهاج.

القوميّون الاجتماعيّون، رجالاً ونساءً وشيوخاً، طلّاباً وأشبالاً وزهرات، نسوراً ومقاومين، جميعهم يفرحون، في هذا العيد وفي كلّ يوم من أيّام السّنة، بهبة الحياة، بميلاد سعاده، رجل الفكر والعلم والقضيّة الّذي أطلق فعل التّغيير ومشروع النّهوض والارتقاء بالأمّة وبناء دولتها القوميّة القويّة.

القوميّون الاجتماعيّون يفتخرون بعطاءات سعاده وتضحياته الكبيرة، بإنجازاته العظيمة وبما قدّمَه من حقائق ساطعة تضيء على واقع الأمّة ووحدتها وهويّتها القوميّة وتدلِّلُ على تاريخها الثّقافيّ والسّياسيّ وعلى إرثها الحضاريّ الغنيّ بالمآثر والإنجازات.

القوميّون الاجتماعيّون يلهجون بسعاده وبعقيدته الجامعة وحقيقته الدّامغة. ينهلون من معينه الّذي لا ينضب ويستمدّون من تعاليمه نور الهداية ويقتدون بإيمانه العظيم بأمّته الهادية للأمم. فهو العالم، الفيلسوف والمعلّم، القدوة، وهو القائد الجريء الّذي استخفَّ بالموت ورحَّبَ به، وهو الزّعيم الّذي أقسمَ في عيد ميلاده على أن يقفَ نَفسه لوطنه سورية ولأمّته السّوريّة وعلى أن لا يستعمل سلطة الزّعامة إلّا من أجل القضيّة القوميّة ومصلحة الأمّة الّتي شغلت فكره منذ كان حدثاً فصمَّمَ أن يرفعَها “من حضيض الذّلِّ والاستعباد إلى الرّقي والمجد” فكانت حياته كلّها تعبيراً راقياً عن قيم العطاء والبذل والتّضحية والصّراع وملحمة في التّفوّق والإبداع وفي البطولة ووقفات العزِّ انتهاءً بالاستشهاد.

هذه هي حقيقة هذا العيد، إيمانٌ عظيم يغمر قلوب القوميّين الاجتماعيّين وشعور نبيل يكنّونه للزّعيم، المعبِّر الأوفى والأسمى عن حقيقة الأمّة وأمانيها.

هذه هي حقيقة فرحهم الكبير النّابعة من محبّة كبيرة لهذه الشّخصيّة التّاريخيّة الّتي وقفت نفسها على حياة الأمّة ورقيّها وأقسمت ‏يمين الحقّ غير شاعرة بأنّها تقدّم منّة للأمّة، بل تشعُرُ بأنّها تعطي ‏الأمّةَ ما يخصّها من خيرٍ وطموحٍ وعظمةٍ لأنّ “كُلَّ ما فينا من ‏الأمّةِ وكُلَّ ما فينا هو لِلأمّة…”(1)

1- خطاب الزّعيم في أوّل آذار، كلّ شيء، بيروت، العدد 101، 4/3/1949

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى