العدالة في المرفأ بداية تأسيس دولة الإنسان المواطن – القوّات تتاجر بدم الشّهداء وشتائمها بحقّ سعاده تعبّر عن أخلاقها
في ذكرى تفجير/انفجار بيروت، أصدر الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ البيان التّالي:
تمرّ الذّكرى الأولى لتفجير/الانفجار الكارثيّ في مرفأ بيروت وخسارة أكثر من 215 شهيدًا عزيزًا، بأنينٍ وأسى، وشواهد الألم تطوّق المدينة الجريحة بالشّهداء وعذابات أُسرهم، بمعاناة الجرحى وأسرهم، بعشرات آلاف النّازحين من بيوتهم المدمّرة وذكرياتهم الممزّقة وقلوبهم المكسورة.
هزّت الجريمة التّاريخيّة الآثمة لبنان وأمّتنا بأسرها في صميم وجدانها، وتركت ندوبًا على جبين العالم، فمهما كانت أسبابها وفاعلها، مقصودةً أم بفعل الإهمال وحده، فهي تهديد لدور بيروت كمركز نقل نحو برّ الشّام والدّاخل الآسيويّ وتفكيك لوجودها كحاضرة على شاطئ المشرق ما يعطي تفوّقاً للموانئ الّتي يبنيها العدوّ الإسرائيليّ على شواطئ فلسطين المحتلّة.
كما أنّها إعلانٌ صريحٌ عن سقوط نظام التّحاصص الطّائفيّ، وفشله في بناء دولة فعليّة تعبّر عن مصالح الشّعب في لبنان وتضطلع بمهام حماية المجتمع وأمنه ومستقبله، هذا النّظام الّذي لا يزال يكابر صانعوه الخارجيّون وحماته المحلّيّون من الكهنوت وأصحاب الاحتكارات والمصارف، بوهم قدرتهم على إعادة تعويمه، وتحيُّن الفرص لعقد التّسويات مع قوى الاستعمار القديم/الجديد، وتسليمها موارد البلد ومرافقه برعاية صندوق النّقد الدّوليّ، وعلى رأسها مرفأ بيروت.
إنّ كشف حقيقة ما حصل في المرفأ، والعدالة في الاقتصاص ومحاسبة الفاعلين والمقصّرين، من الدّاخل ومن الخارج، هو أولى خطوات الانتقال إلى دولة المؤسّسات، دولة الإنسان المواطن لا دولة الهراوة/الضّريبة للجماعات المنقسمة المتصارعة.
من هنا، يطالب الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ باستكمال التّحقيقات وترك العدالة تأخذ مجراها، ورفع الحصانات عن جميع المعنيّين، والتّحقيق مع كل الّذين تعاقبوا على المناصب المعنيّة، من رؤساء الحكومات إلى الوزراء والضّبّاط والقضاة المتعاقبين من حين وصول السّفينة المحمّلة بالنيترات إلى مرفأ بيروت إلى حين التّفجير/الانفجار، من دون أيّ استثمار سياسيّ أو انحياز لا يصبّان إلّا في خانة تضييع العدالة وإهدار دم الشّهداء ودم المدينة ودورها.
كما يطالب الحزب بكشف حقيقة التّفجير أو الانفجار، وأسبابه، ونشر التّقارير الفنّيّة بصورة رسميّة، الأجنبيّة والمحلّيّة، وليس اعتماد أساليب التّسريبات لأنّ ذلك يسمح بانتشار الأضاليل ويزرع الشّكوك. ويعتبر الحزب أنّ محاولات اتهام سوريا وقوى المقاومة بملكيّة «نيترات الأمونيوم» هو اتهام مكشوف وأسلوب مرّ عليه الزّمن، ولا ننسى أنّ تجربة التّحقيق والمحاكمة في قضية الرّئيس رفيق الحريري لا تزال ماثلة أمام اللّبنانيّين.
أمّا حول محاولات الاستغلال المكشوف الّذي تقوم به بعض الجماعات السّياسيّة، لا سيّما حزب القوّات اللّبنانيّة لدماء الشّهداء جميعهم ومن بينهم قوميّون اجتماعيّون، فهو سلوكٌ غير بعيدٍ عن أساليب القوّات المبتذلة في استثمار الدّماء عند كلّ مفترق طرق لزرع الشّقاق والفتنة بين اللّبنانيّين وأبناء شعبنا. إنّ هذا السّلوك يضع الذّكرى الأليمة أمام محاولات حرف عن عنوانها الأساسيّ، كموعد للمطالبة بالحقيقة والعدالة والوحدة بين اللّبنانيّين، كما كانت دماء الشّهداء والجرحى واحدة من لبنانيّين وشاميّين وحتّى أجانب. وأبت القوّات اللّبنانيّة خلال تظاهرتها أمس، إلّا أن تتوّج مسارها الفتنويّ بأساليب تعبّر عن أخلاقها من الشّتائم والسّباب للحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ ومؤسّسه المفكّر الشّهيد أنطون سعاده، نيابةً عن الدّولة اليهوديّة الزّائلة الّتي تآمرت على سعاده وشاركت في اغتياله بوصفه تهديدًا للمشروع الصّهيونيّ.
نقول لمدّعي الحريّة وتجّار الدمّ: «إنّ العبد الذّليل لا يمكنه أن يمثّل أمّة حرّة».