عميد الإعلام من مارون الرّاس للمستوطنين : لقد آن الأوان لنعيدكم من حيث أتيتم.

نظّمت مؤسّسة قاف (لحفظ أثار الشّهيد عماد مغنيّة) وقفة وطنيّة من أجل المقاومة وشعبنا في فلسطين على الحدود المصطنعة مع فلسطين المحتلّة في مارون الراس نهار الأحد الفائت، بحضور عميد الإعلام الرّفيق فراس الشّوفي، ممثّلين عن الفصائل الفلسطينيّة، ممثّلين عن الأحزاب الوطنيّة والمقاوِمَة في الكيان اللّبنانيّ، عائلة الشّهيد مغنيّة وعدد من المواطنين.

وألقى عميد الإعلام كلمة أكّد فيها أنّ هذه الحدود المصطنعة ساقطة بأعيننا وانتمائنا ووعينا منذ تشكيلها، فعمليّة محق الدّولة اليهوديّة تتطلّب منا صراعًا طويلًا وشاقًّا، لأنّ وراء هذه الدّولة مطامع أجنبيّة كبيرة تعمل وتساعد لتثبيت واقع تلفظه بلادنا بمياهها وخُصبها وشعبها وإرثها الحضاريّ.

وحيّا المقاومين المرابضين في القدس وغزّة واللّدّ والضّفة، وشدّد على أنّ “في هذه الأيام المجيدة، نشهد على قيامةِ فلسطين، فكل واحدٍ من أبناءِ شعبنا فيها فدائيّ مشتبك”، فقد ثبّت شعبنا في فلسطين حتميّة المقاومة بكلّ الوسائل الممكنة لمواجهة الاحتلال، طريقّا وحيدًا لاقتلاع الصّهاينة من أرضنا.

ولفت الشّوفي إلى أنّ “صواريخ المقاومة الفلسطينيّة الّتي تدكّ المستعمرات والمدن المحتلّة مصنوعة بأيدي الضّبّاط والجنود السّوريّين والإيرانيّين، والمقاومين في لبنان وفلسطين”، فهي تحمل بصمات الشّهداء وجراحهم، تحمل دم عاطف الدّنف وجهاد جبريل وداوود راجحة ومحمد سليمان وعماد مغنيّة وقاسم سليمانيّ وأبا مهدي المهندس، هذه الصّواريخ ترسّخ التّراصّ والوحدة الطّبيعيّة لدى محور المقاومة من بغداد إلى فلسطين مرورًا ببيروت وقبلة المقاومين دمشق.

كما شدّد على أنّ الحرب الكونيّة على الشّام، ومحاولة إسقاط الدّولة الوطنيّة فيها، وما يتبعها من حصار اقتصاديّ على لبنان والشّام وطهران، يهدف إلى حسم الصراع لصالح تثبيت الدّولة اليهوديّة، لكنّ صمود وثبات القيادة الوطنيّة في الشّام، وتضحيات الجيش السّوريّ ونسور الزّوبعة وكلّ قوى المقاومة أسقط رهان المتآمرين وقوى الاستعمار، وأسّس لمعادلات جديدة تحكم الصّراع، معادلة تكون فيها إرادة المقاومين وشجاعتهم هي الفيصل في حسم أيّ معركة قادمة، حتّى زوال الكيان الغاصب.

وفيما يلي النّص الكامل لكلمة عميد الإعلام:

الأرضُ من حولنا يا رفقائي وإخوتي المناضلين والمجاهدين، أرض الملحمة، حيث لا نرى حدودًا ولا نعترف بها وكسرناها في وعينا منذ لحظة تشكيلها، تعجّ بشقائق النعمان. وردةُ الفداءِ والتضحية، وردةُ أدونيس وتمّوز. وتلك علامةٌ على خطّ سير قافلةِ الشهداءِ في بلادنا منذ فجر التاريخ. من شهدائنا نستلهمُ زادَ الزهد والنقاء. من وقفات عزّهم نكتنزُ حبَّ الموتِ متى كان الموت طريقاً إلى الحياة.

يقول الشّهيد المفكّر وزعيم حزبنا، الحزب السوري القومي الإجتماعي أنطون سعاده في خطاب برج البراجنة عام 1949، إنّ «محق الدولة الجديدة المصطنعة، هو عملية نعرف مداها جيداً. إنها عملية صراع طويل شاق عنيف، يتطلب كل ذرّة من ذرّات قوانا، لأنّ وراءَ الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمد الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها». إنّ في هذه الجملةِ اختصارًا شاملًا لواقع عدوّنا ومستقبله، وتركيزنا بصراعٍ طويلٍ وشاقٍ وعنيف على محق وجوده. ومن غيره، عماد، يردّد الصدّى، صاحبُ الهدف الواضحِ والمحدّدِ والدقيق، بإزالة الدولة اليهودية المصطنعة من الوجود.

في هذه الأيام المجيدة، نشهد على قيامةِ فلسطين، على بركانٍ من الحمم تتجمّع منذ عقودٍ من القهر والغلّ والغضبة والعنفوان. كل واحدٍ من أبناءِ شعبنا في فلسطين اليوم، هو فدائي مشتبك، يهدّف حجراً يطعن سكّيناً يرمي رصاصاً، قنبلةً، صاروخاً، حتى تشتعل الأرض والسّماء ولا يجد المستوطنون الغاصبون، المجمَّعون من أشتات الأقوام والشعوب، المسيَّرون خلف إلهٍ زائف ووعدٍ منافقٍ بأن أرضنا أرضهم، حتى لا يجدون حُجرَ فأرٍ يأمنون إليه.

في الضّفةِ الحبيبة، أهزوجةُ نهر العمادة، مئاتُ نقاطِ الاشتباك، مئاتُ المواجهات البطولية اليومية، قلوبٌ مات الخوف فيها ووُلد فيها الحبّ، في نابلس والخليل ورام الله وكلّ قرية وبيت وحيّ.

سلامٌ لكِ وحربٌ عليهم أيّتها القدس، قبلة المحاربين من أجل الحريَة. سلام لكِ أيتها اللدّ الملتهبة، على درب القدّيس جرجي اللّدي، مار جرجس الخضر، أو الاله بعل، شفيع المزارعين، الّذين يحرثون الأرض فيقلبون الظلمة ويزرعون النور، شفيع المقاتلين الفرسان، الذي يطعنون تنّينَ الظلمِ الصهيوني برُمحِ المقاومة والبطولة.

سلامٌ من شاطئ الجليل إلى شاطئ البحر، لعكا ويافا، لصفد والناصرة، لطبريّا والمثلّث، للجولان السوريّ الحبيب، وحربٌ على أعدائنا، مستوطنين وجنود وداعمين ومتعاملين.

وغزّة، آهٍ من غزة، نتألّم على أطفالنا، على جرحانا على بيوتنا وأبراجنا وبحرنا، نرى دمنا يسيل مع الملحِ والعالمُ صامتٌ مقيت، لكنّنا أيضاً تعلّمنا كيف نرعب المحتلّ وداعميه.

إنّ صواريخ المقاومة الفلسطينية، تلك المصنوعة بأيدي خيرة الرجال وأنبلهم، من الضّباط السوريين والإيرانيين، وبعضها بأيدي المقاومين في لبنان وفلسطين، هي الداء لهذا الكيان الإرهابي المدجّج بالسلاح والجبن، وهي اليوم تطال كل مربّعٍ في فلسطين المحتلّة، وتنزل على الطغاةٍ زخّاتٍ زخّاتٍ وتسرّع لهم تذاكر العودة على متن سفن الترحيل والرحيل. وللمستوطنينَ الجبناء، إنها نكبتكم، إنه عصر عودتنا إلى بلادنا وعودتكم إلى بلادكم. لقد قاسينا بسببكم جلاجل التهجير، من فلسطين ومن الشام ومن لبنان ومن العراق ومن كل بقعة وطأها داعموكم الأميركيون الإرهابيون في العالم. لقد آن الأوان لنردَّ كيدكَم، ونعيدُكم حيث أتيتم.

على صواريخ المقاومة، جفّ عرق «العتالين»، من الشّام ولبنان وفلسطين وإيران لتصل إلى غزّة، ويصير للصراع بعدُه الحقيقي: حرباً قومية وطنية إنسانية على عدوّ بلادنا وعدوّ الإنسان.

على هذه الصواريخ، بصمات الشهداء الميامين عاطف الدّنف وجهاد جبريل وداوود راجحة ومحمد سليمان وعماد مغنية وقاسم سليماني وأبا مهدي المهندس. إن هذه الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية المتلاحمة في وحدة الروح والهدف وفي الغرفة العسكرية المشتركة، هي من تحدّد وجهةَ المعركة، بتكاملها مع شعبنا المنتفضِ في فلسطين، ومع الزاحفين مثلنا من جنوب لبنان ومن الجولان ومن الأردن إلى أعزّ جزء من بلادنا يقفون على الحدود الوهمية يشتتون قوى العدو بمجرّد حضورهم من غير سلاح إلّا سلاح الموقف.

واليوم، نشهد أيضاً كيف يسندنا اليمنيون الفقراء الأشدّاء، أبناء الجبال، بصواريخهم العابرة فوق تيجان الذلّ والتطبيع. صواريخ ومسيّراتهم، موجّهة إلى فلسطين المحتلّة، رغم كل الألم والحصار، لتمسح بقع النفط المغمّس التآمر.

الموقف تحدّده القوّة، كما حددته عام 1982 وعام 1985 و 2000 وعام 2006 وفي 2014، لا يحدده المطبّعون ولا المهادنون ولا المستسلمون ولا الحياديون، ولا أولئك الباحثين عن هُدَنٍ تعطي عدوّنا تنفّساً اصطناعياً. وحدُهم الأقوياء يكتبون التاريخ، أمّا أولئك الذين لا يحتملون شرف الحرب، وجماعة التنسيق الأمني والحلول الوسطى والمتنازلون عمّا لا يملكون، فلا مكان لهم لا عند أهلهم ولا عند العدوّ، وسيرميهم كما رمى من قبلهم شراذم العملاء.

أيها الأحبّة، إن ما يحصل اليوم قلب الآية على عدوّنا. فهو راهن على أن تنتج حرب التجويع والحصار التي تخاض ضدنا في الشام ولبنان وعلى طهران، وفي كلّ مكان لنا مصالح كأمة وكمحور مقاومة، لكي يسهل العدوان الشامل علينا، فينزع قوتنا العكسرية، ويحسم الصراع لصالح تثبيت الدولة اليهودية. وما الهجمة الكونيّة على الشام بهدف إسقاط الدولة السورية بعد احتلال العراق، ومحاولة تغيير الوجهة السياسية، سوى حربٌ على ما قدّمته دمشق لفلسطين وللمقاومة وعلى ثبات قيادتها وجيشها البطل، وعلى خيارات دمشق، درع العالم العربي وسيفه وترسه، وجدار بالدفاع عن العالم العربي بوجه حملة التتريك، بعد أن دفّعت الاحتلال الاميركي ثمن العدوان على العراق. ومن هنا، من مارون الراس، أرض الكورنيت المبارك، نقول للرئيس بشار الأسد، إن الاستحقاق الانتخابي السوري سيكون فصلاً مهماً من فصول المعركة المستمرة مع أعدائنا، وسيكون استفتاءً شعبياً على خيارات المواجهة والصراع التي تحملونها، في سبيل استمرار جذوة هذا الصراع حتى تحرير آخر شبرٍ من بلادنا المحتلّة، وكلّ الأمل بالعمل.

لقد حطّم شعبنا كل الأساطير، على امتداد ساحات الصراع، من أوسلو إلى وادي عربة إلى صفقة القرن، وحتى تلك الخرافة المسمّاة بالمشروع الإبراهيمي، ماتت من قبل أن تولد.

نقول لشعبنا في فلسطين وفي الجولان السوري الحبيب، إن ما نشهده من البأس العسكري ليس إلا عيّنة صغيرةً عن البأس في المعركة المقبلة الطاحنة على كامل الجبهات، فاثبتوا واستمرَوا، لقد تعلَمنا الرسم، رسم المعادلات، حتى توازن الرعب لم يعد دقيقاً، والمعادلة الوحيدة الثابتة شجاعتنا مقابل خوفهم، حياتنا مقابل حياتهم وجودنا مقابل وجودهم، مستقبلنا مقابل كيانهم الزائل الزائف. ملقانا قريب، ونعدكم باسم القوميين الاجتماعيين، كما كنّا دائماً استشهاديين لأجل فلسطين، على درب سعاده وسناء ووجدي ومالك سنبقى على العهد والوعد

لتحي فلسطين جنوب سورية، ولتحي سورية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى