عيدُ الشّهداء: إنتصار الهويّة الوطنيّة على التّتريك
في 6 أيّار من كلّ عام، يستذكر أبناء الأمّة السّوريّة شهداءهم الّذين ارتقوا على يد الاحتلال العثمانيّ سنة 1916، عندما قام والي الأتراك جمال باشا بإعدام عدد من قادة الرّأيّ والمفكّرين في الكيانين اللّبنانيّ والشّاميّ، في ساحَتي البرج في دمشق والشّهداء في بيروت.
وجاء ذلك تكريسًا لسياسة التّتريك الّتي انتهجها العثمانيّون آنذاك، لسلخ شعبنا السّوريّ عن هويّته السّوريّة الأصيلة، لتكونَ هذه الذّكرى شاهدًا إضافيًّا على عِداء العثمانيّين التّاريخيّ لبلادنا، وحقدهم الضّارب في الحِقَب، فما إن تُتاح الفرصة لهم للسّطو على مقدّراتنا، وتحقيق مطامعهم في بلادنا، حتّى يطلّون بأنيابهم معلنين الحرب على شعبنا، ليس بدءًا باحتلال أرضنا لما يزيد عن أربعة قرون، وما نجم عنه من تجويع ومجازر وونهب أرزاق النّاس وتجنيد شبابنا إجباريًّا في جيش السّلطنة وما رافقه من حروب قضى فيها الآلاف من السّوريّين.
ناهيك عن الأجزاء السّوريّة الّتي تحتلّها تركية حتّى اليوم في الجزيرة الفراتيّة العليا والأناضول وكيليكية واسكندرونة بمساحة 180 ألف كلم2، والإسهام الرّئيس في الحرب الكونيّة على الشّام منذ العام 2011، واحتلال أجزاء إضافيّة في الشّمال السّوريّ، ومحاولة تتريك شعبنا فيها عبر استبدال العملة الوطنيّة بالعملة التّركيّة وإنشاء الإدارات المحلّيّة التّابعة لها، وفرض اللّغة التّركيّة فيها، كما عمدت تركية إلى قطع مياه الفرات عن محافظة الرّقّة في الشّمال السّوريّ في إطار تضييق الحصار شعبنا، ما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للمواثيق الدّوليّة، وللإتفاقيّة المُبرمة بين الحكومتين الشّاميّة والتّركيّة عام 1987 والّتي تقضي بتعهّد الأخيرة تمرير 500 م3 من مياه الفرات سنويًّا إلى داخل الأراضي السّوريّة.
إنّ الشّعب الّذي لا يتعلّم من تاريخه محكوم عليه أن يعيده، فواجبنا الوطنيّ والقوميّ أن نتّعض من الويلات الّتي جلبها الأتراك على بلادنا وشعبنا، وألّا نكون مطيّة لطموحاته في إعادة أمجاد سلطنته المحتلّة لأرضنا النّاهبة لثرواتنا الزّاهقة لأرواح شعبنا.