عيد رأس السّنة السّوريّة
هو بالآراميّة: ܐܟܝܬܐ أكيتو. بالسّومريّة: أكيتي سنونمز. بالأكاديّة: ريش شاتين. بالآشوريّة (الآراميّة أيضًا): خا بنيسان ܚܕ ܒܢܝܣܢ، أي الأوّل من نيسان. بالبابليّة القديمة: ريش شاتم، أي رأس السّنة. وهو بمفهومنا: رأس السّنة السّوريّة. عندما نتحدّث عن بداية السّنة السّوريّة نعني بداية العمل بهذا التّقويم، ولا نقصد بدء الحياة المؤرّخة والمثبتة بعد التّنقيبات الأثريّة.
وإذ نقول أنّنا اليوم نحتفل ببداية عام 6771 لا نقصد بداية سورية، فأمتنا يعود تاريخها، إلى “ما قبل الزّمن التّاريخيّ الجَليّ”. إنّنا نحتفل بعيدٍ يُعتَبَر من أقدم الأعياد في التّاريخ.
في كيفيّة تحديد هذا التّاريخ، نقول أنّه تمّ بناءً لمكتشفات أثريّة حصلت سنة 1948 م. وأكّدت أنّ هذا التّقويم بدأ العمل به عام 4750 ق.م. وذلك بعد القيام بالتّدقيق بما تركه الملوك من أخبار ومقارنتها مع نتائج الاختبارات بالكاربون الشّعاعيّ ومطابقتها لها.
أمّا في أسباب هذه الاحتفاليّة، فتعود إلى البيئة السّوريّة الّتي فرضت طبيعتها على الجماعات والعناصر والأقوام الّتي قطنتها، فجاءت أساطيرهم وأفكارهم ومُثُلُهم العليا بناءً لما قدّمت لهم هذه البيئة. وهكذا أتت فكرة بداية العام الجديد، الّتي كانت بداية الرّبيع والحياة الجديدة في دورتها السّنويّة، فرحًا بمعاني التّجدّد والقيامة والانبعاث وعودة إله الحبّ والخصب والجمال “تمّوز” من الموت. وكانتِ الاحتفالات بهذا العيد تستمرّ 12 يومًا، أي بعدد أشهُر السّنة.
واستمرّت هذه الطّقوس وتناقلتها الشّعوب الّتي حكمت سورية وحافظت عليها، إلى أن بدأت قوّة الأمّة تضعف ووهجها يخفت، وتكالبت عليها أمم العالم وحاولت بشتّى الوسائل والسّبل طمس حضارتها ومعالم نبوغها وتفوقّها، فهدّموا المكتبات ودمّروا الآثار وسرقوا ونهبوا وحاولوا تحميلنا أفكارًا غريبة عنا، وما تغيير عيد رأس السّنة وجعل عيد الكذب مكانه إلا إحدى محاولات تغيير الهويّة والنّفسيّة والعقليّة وصولًا إلى إلغائها، وقد أضاء الزّعيم على هذه النّاحية في خطاب أوّل آذار 1938 فقال “كان من وراء هذه الأطوار القاسية الّتي مرّت بالأمّة أنّ الفضائل الكبرى الّتي امتازت بها أمّتنا وانبثق منها فجر التّمدّن غارت تحت أطباق الخراب والانحلال القوميّ، وحلّت محلّها خصال غير جديرة بانهاض الأمّة من كبوتها”.
بعد نشوء النّهضة السّوريّة القوميّة الاجتماعيّة لن يكونَ هناك عيدٌ للكذب، وسنُعيدُ لهذه الأمّة أمجادَها وألَقَها وعِزَّها ومكانَتَها في مصاف الأمم الحيّة. “إنّ في سورية اليوم نهضة عظيمة تعيد إلى الأمّة حيويّتها لتعود إلى الإنتاج والعطاء. كما كانت تنتج وتعطي في الماضي”.
المركز، في 01/نيسان/2021
عميد الإذاعة الرّفيق تمّوز قنيزح