في الوطن حرب ونار أيها السوري المهاجر استفق الشرف يقضي عليك بتلبية نداء الواجب
بعد كتابة المقالة المنشورة في مكان آخر من هذا العدد، المبنية على بعض المعلومات الخاصة وعلى خبر مقتضب ورد في جريدة «السمير»، وقفنا على خبر آخر في غاية الأهمية وارد في العدد الصادر بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي من جريدة «مرآة الغرب» في نيويورك، التي كانت لها عناية بنشر جميع المعلومات، التي وصلت إليها عن الحركة السورية القومية، بكل نزاهة.
مفاد الخير أنّ حرباً هائلة مضطرماً أوارها ناشبة بين الحزب السوري القومي المجاهد الوحيد في سبيل حرية الشعب السوري واستقلاله وصيانة مصالحه، والسلطة الأجنبية وعمالها النفعيين، وأنّ هذه الحرب دائر رحاها بدون هوادة، وإنْ كان لا يصل المهاجر من أخبارها إلا القليل الذي لا يشفي الغليل.
وحقيقة الواقع أنّ أحد الخونة المتجسسين لحساب الأجانب أوصل إلى الكومندان بيكار، قائد الشرطة ومفتش الدرك في لبنان المنكود الحظ، أنّ هيئة مفوضي إدارة الحزب السوري القومي الجديدة تعدّ مناشير لإيقاف الرأي العام على حقيقة الحالة السياسية والمظالم التي ترتكبها السلطة الأجنبية بقصد خنق روح الحرية في الشعب السوري. فاستدعى الضابط الأجنبي إليه أحد عماله المطواعين أسعد البستاني، رئيس دائرة الشرطة العدلية، وكلّفه تعقب هذه الحركة الجديدة التي يقوم بها الحزب السوري القومي والقبض على كل من يقدر عليه من رجال إدارة الحزب.
فاندفع ذاك البستاني اندفاع الآلة الصمّاء في اقتفاء أثر رجال الأمة الساهرين على مصلحتها الذين لما يقعوا حتى الآن في شرك السلطة، فاستدعى كل من قدر على استدعائه من رجال التحري والجواسيس والخونة وبثهم، في أزياء مختلفة، في شوارع بيروت وطرقاتها. وما حدث بعد ذلك هو كما يلي، نقلاً عن «مرآة الغرب»:
«وفي الساعة العاشرة والنصف من صباح أحد الأيام كان فريق من رجال التحري المختلفي الأزياء في ساحة النجمة، يراقبون حركات أعضاء الحزب، فالتقوا بالسيد عيسى حمدان (ولعله نسيب حمدان) ومعه كمية وافرة من المغلفات وعليها أوراق تمغة بريدية كان ذاهباً لإلقائها في البريد فقبضوا عليه وصادروا منه المناشير. «وفي الساعة الحادية عشرة ذهب الأستاذ البستاني بشرذمة من رجاله إلى مكتب الأستاذ زكريا اللبابيدي تجاه سلّم قصر العدلية وداهموا المكتب فوجدوا فيه السادة المحامي زكريا اللبابيدي، وجورج حكيم أستاذ الاقتصاديات في الجامعة الأميركةنية، وإبراهيم سليمان، وبين أيديهم ما يقرب من خمسة آلاف منشور مطبوع وهي مذيلة بإمضاء السيد معروف حمدان، رئيس مجلس العمد، وهم يعملون على تهيئتها للتوزيع ضمن مغلفات ترسل إلى أصحابها، إما بواسطة البريد وإما بواسطة موزعين خصوصيين، وقد ألصق على بعض المغلفات أوراق تمغة فقبضوا على السادة المذكورين وصادروا ما بين أيديهم من مناشير.
«وقد وضعت دائرة الشرطة تقريراً في الحادث وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية، وقد باشر المستنطق العسكري أخذ إفادات المقبوض عليهم، وربما أحيلوا إلى المحاكمة في وقت قريب».
هذه هي الزمرة الثالثة من رجال إدارة الحزب السوري القومي التي توقعها الخيانة والجاسوسية في قبضة عدو الأمة السورية الممسك بخناقها.
وجميع الذين أصبحوا في قبضة المحكمة العسكرية هم نخبة من رجال نهضة الأمة السورية وفيهم رجال السياسة والإدارة والاقتصاد والحقوق. وقد أجرى هذا التوقيف الجديد موجة استياء شديد في مجموع الشعب، وتقول بعض المعلومات إنه يخشى من هياج شديد على هذه المظالم. وقد سرى الاستياء والغضب في جميع أنحاء البلاد حتى اضطر مجلس المديرين في دمشق إلى إرسال كتاب تنبيه إلى مدير الشرطة العام يذكّره فيه:
«إنّ عقد الاجتماعات العامة والتجمعات من أي نوع لا تزال ممنوعة. وإنه على دوائر قوات الأمن العام اتخاذ التدابير اللازمة لقمعها بالقوة وسوق ممارسيها إلى المحاكم ذات الاختصاص بلا هوادة».
ونحن نسأل جميع السوريين في المهجر الذين يشعرون بواجب الشرف، ماذا يريدون أكثر من ذلك ليقوموا بالواجب ويبرهنوا للعالم أننا شعب حي، كريم لا يموت؟.
الزوبعة، بوينس آيرس،
العدد 12، 15/1/1941