ملحق رقم 5 كلمة الزعيم في القوميين الاجتماعيين

يشهد هذا الاجتماع على أنني قد آمنت حقاً، وأنني عملت حقاً بإيمان. آمنت أنّ الأمة السورية فن وإبداع لا مادة يتصرف بها فنان مبدع، آمنت أنها أمة فن، أمة خلق، أمة تنظر إلى الكون نظرة فاهمة، واعية، مدركة، فيها قوة التسلط على الكون، قوة التسلط على ما يقدمه الكون، فتستخدمه في فنها للسمو والجمال والخير. ابتدأ الإبداع بالوعي والإدراك والفن، فلا إبداع إلا بوعي وفن وإدراك. وهذا الوعي الذي يسير بنا من حضيض سقطت إليه هذه الأمة، متجرّدة عن حقيقتها وضاع فيه وجودها، إلى مرتبة تستعيد فيها حقيقتها وقوّتها، ونظرها الفاهم، وإمكانياتها العظيمة، متحررة من قيود الظلم والانحطاط، فتنهض قوة عظيمة تريد أن تقبض على ما حواليها، وأن تحارب كل قوة تحاول اعتراض طريقها وصدّها. إنّ هذه النهضة تمثّل انتصاراً على اللاوعي، تمثّل انتصاراً على الجمود، إنها نهضة تعيد الذات إلى حقيقتها، تعيدها لتكون قوة فاعلة لا مادة يُفعل فيها، فهي، من هذه الناحية تمثّل انتصاراً روحياً عظيماً هو الشرط الأول في سبيل الانتصار المادي. إننا بهذه النهضة قد انتصرنا على اللاوعي لأننا حركة لا عدم، فالعدم ليس معناه انعدام المادة الجامدة بل معناه انعدام الحركة. والحركة نشاط وتقدم، وشرط الحركة في الانسانية أن تكون حركة ذات قصد. وإننا، نحن وحدنا، هذه القوة الجديدة في هذه الأمة الفتية، بعد شيخوخة، قد نهضنا حركة ذات قصد. ومن حيث أننا حركة ذات قصد، نحن نفس إنسانية حرة متحركة وقوة ذاتية فاعلة، لذلك نحن نسير ونتغلب على ما يعترض حركتنا من صعوبات. إنّ فينا جوهر الأمة، وجوهر الأمة هو الخلق والإبداع والتفوق، وقد وصلنا إلى هذا الانتصار بعد المعارك التي مضت، لأننا نسير إلى ما هو أعظم من هذا الانتصار، إننا قد وصلنا إلى هنا في مرحلة من مراحلنا لا إلى الغاية التي ننشدها، نحن في الطريق إلى غاية عظمى لهذه الأمة، نسير إليها مؤمنين واثقين ببلوغها ليس لأن كل من سار على الدرب وصل، بل لأن من يصل إلى الغاية هو الذي يعرف الغاية ويعرف الدرب.

نحن قد نهضنا وارتفعنا فوق الجزئيات الحقيرة لأننا نعرف هذه الأمة خلوداً في آيات خالدة، فنحن نسير إلى هذا الخلود، إلى هذه الغايات الخالدة، هذه هي حقيقة هذه النهضة المؤمنة بنفسها، المؤمنة بشخصيتها. هذه هي حقيقتها، فإذا قلت، لو شئنا أن نفرّ من النجاح لما وجدنا مفراً، قلت حقيقة بسيطة، فعلية، خالية من كل تبجح.

 صدى الشمال ـ صوت الجيل الجديد، 

بيروت، العدد 85، 12/2/1960

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى