منفذيّة الكورة تحيي التّأسيس باحتفال حاشد
أقامت منفذيّة الكورة في الحزب السّوري القوميّ الاجتماعيّ، احتفالاً حاشداً لمناسبة ذكرى التّأسيس التّاسعة والثّمانين.
حضر الاحتفال رئيس الحزب السّوري القوميّ الاجتماعيّ الأمين ربيع بنات، رئيس المجلس الأعلى الأمين عامر التلّ، نائب رئيس الحزب رئيس مجلس العمد الأمين ربيع زين الدّين، عضو المجلس الأعلى الأمين اسكندر كبّاس، عميد التّربية والشّباب الرّفيق جاد ملكي، رئيس المحكمة الحزبيّة الأمين نزيه غنطوس، عضو هيئة قيادة التّيار الوطني الحرّ في الكورة الأستاذ جاك اللّقيس، وكيل عمدة الاقتصاد الأمين خالد عبدالله، منفّذ عام البترون الرّفيق وهيب نصّار، عضو المكتب السّياسي الأمين زهير حكم، عضو المجلس التنفيذي في اللّجنة الدّوليّة لحقوق الإنسان ومستشار مبعوث المجلس الدّولي للأمم المتحدّة الأستاذ أديب أسعد، ممثّلي مجلس إنماء الكورة، وعدد من رؤساء بلديات الكورة والمخاتير ورؤساء أندية وجمعيّات مدنيّة، وحشد كبير من الأمناء والرفقاء والأصدقاء.
استُهلَّ الاحتفال بالنّشيد اللبناني والنّشيد الرّسمي للحزب، ثمّ تلا عرّيف الاحتفال الطالب موريس النّجار كلمة بالمناسبة.
القى منفّذ عام الكورة الرّفيق هنيبعل كرم كلمة المنفّذية، وجاء فيها:
“في السّادس عشر من تشرين الثّاني عام 1932 أسّس سعاده الحزب السّوري القوميّ الاجتماعيّ، وقدّم إجابته عمّا دفعه إلى إنشاء الحزب، بعد سؤاله الشّهير: ما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟ وكانت الإجابة بعد درسٍ منظَّم أنّ الذي جلب هذا الويل هو فقدان السّيادة القوميّة. “إنّه السّبب الأول في ما حلّ بأمّتي وما يحلُّ بها”. هكذا قال سعاده”.
وتابع “إنّ التّمعّن بهذا الجواب، وبعد ثمانية وتسعين عامًا على التأسيس، يبيّن لنا بوضوحٍ- ونحنُ نعيش انهيارًا خطيرًا على كلّ المستويات، ونحن أيضًا على عتبة ذكرى استقلال لبنان من الانتداب الفرنسيّ- يبيّن بوضوح أنّ ما طرحه سعاده حلّا لويلات الأمّة، شرطٌ لا غنى عنه ودليلٌ واضح على راهنيّة فكر سعاده والحاجة إليه في زمن التّشرذم والإحباط والتّهجير والقلّة وتقطّع الأوصال”.
وأضاف: “ونحن هنا، لا نفاخر بانتمائنا إلى عقيدة سعادة لنصنّف أنفسنا نخبةً جامدةً متمايزة عن الجّماعة، بل لأنّ وحدة هذه الجّماعة/المجتمع وسلامتَها وصحّتها وحياتها الرّغيدة، هدفٌ نسعى إليه بما لدينا من فكر وخطّة ورؤية وضع أسسَها ومعالمَها أنطون سعاده، كما وقدّم دمَه في سبيل نجاحها ونجاح الأمّة وفلاح الوطن”.
وتابع “نحن نقف اليوم، في لبنان، وفي كلّ بقعةٍ من كيانات أمّتنا المعذّبة، نسأل السّؤال نفسه: ما الذّي جلب علينا هذا الويل؟ ولا نسأل فقط “من الذي جلب كلّ هذا الويل، لأنّ ال “مَن” أفرادٌ أو شخصيّاتٌ أو أحزابٌ في تركيبات سيّاسيّة نشأت وقامت على أسس هشّة، لا بل خطيرة بمفهوم علم السّياسة والاجتماع والاقتصاد”.
و “إنّ هذه المرَكَّبات السّياسيّة لم تستطع أن تسير بنا، شعبًا، أحزابّا، نخبًا، طوائف، إلى دولة قويّة سيّدة. فالذي جلب هذا الويل هو نظام سيبقى يعاني أزماتٍ وإشكاليّاتٍ لا تُحلّ”.
وتوجّه كرم إلى الحضور قائلًا: “مجتمعنا، أيّها الرفقاء والأصدقاء، قبائلُ وعشائرُ وطوائفُ متناحرةٌ متنافرةٌ في نظرتها إلى الحياة والحاضر والمستقبل. أبناؤنا بات كلّ همّهم الحصول على جواز سفرٍ يعبُر بهم إلى دولة تحترم عرق جباههم وتعبَ أياديهم، فلا تسرقهم عصابات السّياسيين والمصارف والحاكم الماليّ، ولا تهينهم بإذلالهم برغيف الخبز وعلبة الحليب والدّواء”.
“مجتمعنا، أيّها الأحبّاء، ونحن نجاهر بهذا منذ عشرات السّنين، قبائلُ وعشائرُ وطوائفُ، كلّ طائفة تكشّر عن أنيابها بشخص “زعيمها” وتعلو الأصوات دفاعًا عن حقوق المسيحيّين وحقوق المسلمين وحقوق زيدٍ وعَمْر. ولكنّنا لا نسمعُ صوتًا واحدًا يعلو دفاعًا عن حقّ الشّعب كلّه، عن مفهوم المواطن وفكرة الدّولة الحديثة، انطلاقًا من كوننا مجتمعًا واحدًا ذا شخصيّة سياسيّة حقوقيّة واحدة”.
وتابع “ماذا لدى معظم سيّاسيي هذا الكيان اليوم ليقولوه ونحن في عزّ أزماتنا؟! أبناؤنا يهجّرون ويهاجرون طوعًا ولسان حالهم يقول “نغادر بلدًا غير مأسوف عليه”. أحلامنا، طموحاتنا، خيراتنا وثرواتنا كلّها مقبوضٌ عليها بقرار خارجيّ وبأداءٍ ودورٍ سياسيّ، ينفّذه كثيرون في الدّاخل. لذلك، نعم إنّ مشكلتنا الحقيقية هي بفقدان السّيادة القوميّة والاستقلال والحريّة السّياديّة. مشكلتنا هي في نظام غير سياديّ ولا حرّ ولا مستقلّ”.
وشدّد على: “تعالوا إلى مدارسنا، إلى جامعاتنا-أماكن صناعة العقول- انظروا علامَ نؤسّس أولادنا، أيّةَ تربية نقصد وأيّ أملٍ نضيء للأجيال. تعالوا إلى خططنا الاقتصادية، تعالوا إلى ممارسات المسؤولين، تعالوا إلى فنوننا، إلى صناعة الفكر والأدب، إلى صناعة أيّ شيء ذي قيمة. تعالوا نسأل أنفسنا، على امتداد هذه الجغرافيا: كيف نشارك الأمم انتاجها المادي والنّفسي والروحي، وماذا نقدّم في سياق صراع الحضارات من انتاجٍ على هذا المستوى…؟ سنجدُ أنّنا نملك في نفوسنا، كما قال سعاده، كلَّ حقٍّ وخير وجمال، وكلّ موهبةٍ في العالم، ولكنّ المشكلة هي في نظامنا السّياسي الطّائفيّ المريض، قبل التدخّل الأجنبيّ الذي أسّس هذا النّظّام، وهذا ينعكس على مختلف جوانب حياتنا”.
وتابع “وبعد هذا كلّه يطالعنا كلَّ أربع سنوات فولوكلورُ الانتخابات البرلمانيّة التي يمعن فيها كثيرٌ من السياسيين فسادًا واسغلالا للفقراء والمحتاجين، كما ويمعنون فسادًا بتأجيج الغرائز الطائفيّة المُخجلة. وأشدُّ إيلامًا أنّ المنتخِبينَ يعيدون إنتاج البليّة نفسها بالأسماء ذاتها أو مع بعض التّعديل، وهذا نسقٌ صار ممجوجًا حتّى في الأحزاب والقوى الوطنيّة. الفارق الوحيد هو إعادة انتاج البليّة نفسها ولكن مع الكثير الكثير من الفساد والفشل والشّبهات”.
وأكّد أنّ “بات لزامًا علينا أن نفتّش عن نظامٍ يليق بالأحرار وبأخلاق الأحرار، كما قال سعاده. بات لزامًا أن نفتّش عن فكرٍ ونهجٍ يقود الثّورة من ثورةِ العيش إلى ثورة الحياة.
ما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟ إنّه انعدام السّيادة القوميّة والنّظام اللائق بشعبٍ حرّ عظيم، وغياب الوعي المجتمعيّ القائم على مسلّمة كوننا مجتمعًا واحدًا وليس طوائف وعشائر وإقطاعًا مجتمعًا في وطن”.
وأضاف قائلًا: “في ذكرى تأسيس الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ، أسمح لنفسي بأن آخذ الكلام بهذا الاتّجاه السّياسيّ الحقوقيّ السّيادي لأنّ تأسيس الحزب كان أصلا تأسيس دولة الأمّة المصغّرة”.
“في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، نتوجّه إلى أهلنا في الكورة بكلمةِ مَحبّةٍ وحقٍّ لنقول إنّنا حزبُ الشّعب ولسنا طالبين ولا مطالبين إلا بمصلحة الشّعب وحياته الكريمة، وإنّ أيّة شخصيّةٍ أو نظامٍ أو شكلٍ سياسيّ لا يمثّل مصلحة الشّعب وكرامته هو نظام لا يمثّلنا”.
وتابع “الرّهان أخيرًا، أمام كمّ الصّعوبات التي ندرك حجمها، على صوابيّة هذا الفكر الحرّ الذّي نحمله بوعي ومسؤوليّة. الرّهان على طلبتنا، على شبابنا، على نسورنا، على مقاومينا، على الأجيال الآتية، بأن ينخرطوا بوعي قوميّ وطنيّ في العمل السّياسيّ والاجتماعيّ من أجل وحدة اجتماعيّة حقيقيّة ومن أجل دولة عصريّة يعتزّ بها أبناؤها”.
واختتم “وإلى أنطون سعاده، القائد الملهم القدوة،
إلى سعاده المؤسّس،
سعاده الشّهيد الذّي لم يبنِ له بيتًا، ولا لعائلته إرثًا سياسيًّا ينافسون به،
سعاده الذّي سما بمناقبيته وفكره وشموخه وعنفوانه ومشروعه النّهضويّ، فوق تيجان المناصب الزّائلة وفوق منافع السّياسة الرّخيصة،
إلى أنطون سعاده القائد الرّائد المستشرق المقاوم البطل الشّجاع،
أنت في وجداننا رمزٌ صامدٌ أوحدُ عنيد،
أنت في ضمائرنا شجاعةٌ وبطولةٌ وعزٌّ مجيد،
أنت في قبضاتنا أقلامٌ وسيوفٌ، كلُّ نصلٍ منها يصرخ:
بلادي بلادي، لكِ حياتي عزٌّ وخيرٌ ونصرٌ أكيد”.