منفّذيّة ملبورن تودّع الأمين اسكندر سلّوم
ودّعت منفّذيّة ملبورن في الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ اليوم سنديانة قوميّة اجتماعيّة، سقطت جسداً إلّا أنّ جذورها مترسّخة وعميقة ومستمرّة، فاعلةً حيّةً في استمرار. الأمين اسكندر سلّوم من كفرام الشّام إلى ملبورن، رحلةُ عمرٍ وصراعٍ، رافقته بها ابتسامته الدّائمة وقلبه المحبّ.
عُرف الرّاحل في طليعة العاملين من دون كللٍ أو مللٍ، بين أبناء الجالية، كما كان مرجعاً مُصلحاً مصارعاً عنيداً. وفي صفوف الحزب، أباً محبّاً وقلباً جامعاً، وافقته أو اختلفت معه لن يتخلّى عن ابتسامته لك.
كانت قد أقامت له المنفّذيّة الأحد الماضي تأبيناً، حيث حضرت وفود من مختلف الأحزاب والحركات والتّنظيمات العاملة في المدينة، مقدّمين العزاء للحزب وأهل الفقيد. تقبّل المنفّذ العام الأمين سمير الأسمر، إلى جانبه هيئة المنفذيّة والأمناء حبيب سارة سايد النّكد وادمون ملحم العزاء بالفقيد، حيث غصّت القاعة بالمعزّين.
تولّى الأب سمير حدّاد مراسم الصّلاة على الجثمان، وتحدّث بعدها عن الأمين اسكندر والتزامه النّهضوي مشيداً بمناقبيّته وسلوكه.
ألقى الرّفيق معين شومان كلمة أهل الفقيد والّتي جاء فيها: “إنّها لساعة مؤلمة، ساعة الفراق، رحيل سنديانة عتيقة من أعمدة النّهضة في هذا الاغتراب، ضربت جذورها في تاريخ الحزب والجالية، فغرست من حولها كلّ قيم الحقّ والخير والجمال، وأعطت ثماراً”.
تابع: “ترك بصماته في قلوب ونفوس أجيال وأجيال من أبناء هذه النّهضةِ وبين أفراد الجالية، فكان الحبّ العارم والاحترام المتبادل. إنّه الأمين المؤتمن اسكندر سلوم الذي غادرنا إلى دنيا الخلود. هذا الإنسان الملتزم الّذي صدق به قول سعاده: “إن سار قوميّ اجتماعيّ في الطّريق، فيجب أن يُشار إليه بالبنان أنّ قوميّاً اجتماعيّاً يسير”. نعم زعيمي، إنّه الإنسان الصّادق، الوديع، المؤمن، المتواضع، الشّجاع، الحكيم، الوفي، الشّريف، الأخلاقي بامتياز، المضحّي بالغالي والنّفيس في سبيل ما آمن به وعمل لأجله”.
أضاف: “ترافقت وإيّاه في رحاب نهضة العزّ والحياة الاجتماعيّة لأكثر من خمسين عاماً. عرفته كما عرفت نفسي، وتوطّدت الثّقة بيننا والمحبّة والاحترام. عملنا سويّة إداريّاً في الحزب هنا في المغترب. كنّا نتسابق في المهمّات، نعمل بشغف شديد وفرح أعظم. كان يردّد دائماً “لأجلك يا سورية هذا قليل”، بهذا الإيمان كان الأمين اسكندر ما كان، وبهذا الإيمان نحن ما سنكون وسيظلّ هتافنا يدوّي لتحي سورية، لتحي سورية”.
وألقى المنفّذ العام الأمين سمير الأسمر كلمةً وجدانيّةً حيث قال: “حين يرحل التّاريخ تجرفنا موجة حزن لا وصف لها، نقف خاشعين، صامتين نودّ لو نغمر فيك كلّ الماضي الجميل في حضنٍ أو قبلة كي لا يضيع. نتوسّل الماضي راحةً وأملاً واستمرار”.
تابع: “يا أميننا الغائب، لم ترحل باكراً بالعمر، لكن رحلت باكراً من حبّنا الكبير لأمثالك وعطاءاتهم وتفانيهم وزهدهم بالأنا وتعلّقهم بالنّحن. التّعلّق بالنّحن جسّدتموه في ربوع الأمّة في هذه المغتربات البعيدة، في اللّيالي الباردة والصّباحات الحالمة. حملتم الفرح بنور العقل، طردتم ظلمة الغرائزيّة، وسموم الفئويّة، أشعلتم ضوء الأمل بغدٍ واعدٍ”.
أضاف: “سنديانةٌ عتيقة هو، معلمٌ من معالم هذه النّهضة والجّالية في ملبورن. كيف لا وهو من رعيل الأوفياء النّبلاء، هو الحامل على منكبيه همّ الأمّة وهم الحزب وهم الجالية، هم الإذاعة وليس وجود الجّميع هنا إلّا اعترافاً واحتراماً لما قدّمت وأنجزت. ما أمرّ مشهد رحيلهم وما أثقله على الذّاكرة. تراهم يعبرون إلى مثواهم الأخير من أمام ناظريك، من بين يديك يعبرون واحداً إثر واحد، قامة حزبيّة مديدة إثر قامة وسنديانة شامخة إثر سنديانة”.
كان قد شُيّع الرّاحل على أكتاف الرّفقاء الّذين أدّوا لجثمانه التّحيّة الحزبيّة، تحيّة الوداع الأخير.