تصريح الزعيم إلى جريدة كل شيء
سألت كل شيء الأستاذ أنطون سعاده زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي:
1 ـ هل تعتقدون أنّ الجامعة العربية قد أثبتت حتى الآن أنها عامل فعّال مساعد على تحقيق المبادىء التي تدينون بها والأهداف التي تسعون إليها؟
فأجاب حضرته خطياً بما يلي:
إنّ الجامعة العربية قد قصّرت حتى الآن عن مساعدة التطور القومي الصحيح في أمم العالم العربي.
ويظهر من أعمال مؤسسة الجامعة العربية أنّ هنالك رغبة واضحة من بعض الجهات وتخطيطاً مستمراً لتحويل المؤسسة المذكورة إلى مؤسسة مركزية للعالم العربي كله. والدعوة إلى فدرالية تتمركز في مؤسسة الجامعة العربية تشتد ظهوراً وتأخذ في الطغيان على قوميات أمم العالم العربي.
إنّ مسألة فلسطين هي المسألة الوحيدة التي أظهرت مؤسسة “الجامعة العربية” أنها عامل مساعدة فيها، ولكن هذه المساعدة لم تكن بلا مقابل، فهي تقوم ليس على اعتبار أنّ فلسطين سوريّة، كما أنّ السودان مصري، بل على اعتبار أنّ فلسطين لجميع دول العالم العربي بتساوي الحقوق والمسؤولية فيما بينها فيها.
لا بد من نشوب نزاع
مما لا شك فيه أنّ نزاعاً بين القومية السورية واتجاه مؤسسة الجامعة العربية نحو إضعاف قوميات أمم العالم العربي التي هي في بدء يقظتها بتنشيط فكرة الفدرالية، سينشب… وفي هذه الحالة فأرجح أن تتشكل جبهتان، في الواحدة منها تقف الدول السورية وفي الثانية مصر والعُربة السعودية أو الوهابية أو مصر وحدها وتقف العُربة على الحياد.
تعليق كل شيء
هذا الموقف من الجامعة العربية نتيجة طبيعية منطقية للقول بقومية سورية، ولكنه نتيجة غير طبيعية ولا منطقية لما ندين به نحن من قومية عربية. ونريد بهذه المناسبة أن نطرح هذه المسألة الجوهرية في حياتنا على بساط البحث العام. داعين جميع المفكرين والعلماء من القائلين بقوميات مختلفة: لبنانية، وسورية، وعربية، إلى مناظرة حرة مفتوحة كبرى في هذا الموضوع، لا سيما وأنّ كل فريق يؤكد أنه إنما يستند في رايه وعقيدته ونظرياته إلى العلم والتاريخ. فليس يجوز أن نختلف في النتائج، ويكون لاختلافنا هذا أكبر الأثر في تشتيت جهدنا لبناء حياتنا الحديثة قبل أن نتوصل إلى البتّ في المقدمات التي يجب أن تكون أساس كل دعوة إلى عقيدة تستهدف مجموع الأمة.
دعوة إلى المناظرة
إننا من الذين يعتقدون بالفائدة الكبرى التي يمكن أن تجنيها نهضتنا الحديثة، وخصوصاً في لبنان، من جراء قيام المناظرة الحرة المفتوحة التي أشرنا إليها، على أن تتوافر في المتناظرين دائماً شروط الأخلاق العلمية، بما تشتمل عليه من احترام حق الآخرين في إبداء الرأي، ومن وجوب الاقتناع بالحق دون مكابرة في حال ثبوته. والمناقشة المنطقية الرصينة في القضايا القومية والمسائل العقائدية خير وسيلة لجلاء تلك القضايا والمسائل.
ولذلك ترحب كل شيء بكل مناقشة مسؤولة في هذا الموضوع الجوهري).
كل شيء،
بيروت، العدد 50،
4/3/1948