شحادي الغاوي في كتابه «الفلسفة المدرحيّة»
بقلم د. محمود شريح
شحادي الغاوي في الفلسفة المدرحيّة: الديموقراطية التعبيرية. العروبة الواقعية. الجزء الأول (في 340 صفحة من القطع الكبير عن دار فكر للأبحاث والنشر، 2022) يردّنا من جديد إلى صواب رؤية سعاده في اعتباره أن الثقافة تحتاج إلى درس وتحليل وتعليل وتفهّم تام شامل، ومن هنا إلحاح الزعيم على فهم فلسفة الحركة القومية الاجتماعية بغرض إمكانية معالجة الأمور، فالأُمور تحتاج إلى تفصيل وتوضيح بالنسبة للمسائل التي تواجهها الحركة.
ضمن هذا التصوّر الواعي لدينامية فكر سعاده يضمّن الأستاذ الغاوي مؤلّفه الفلسفة المدرحيّة ثلاثة أبحاث تتناول فلسفة سعادة السورية القومية الاجتماعية، أوّلها «المدرحيّة»، أي الخاصيّة الأبرز للفلسفة القومية، فيرى فيها أساساً لفلسفة سعادة، ورغم الأهمية الفائقة لهذه النظرة المدرحية الجديدة إلى الحياة، يشير الأستاذ الغاوي إلى خلوّ الأعمال الثقافية والفكرية في الحزب السوري القومي الاجتماعي من دراسة علمية متخصّصة ومعمّقة لها تستوفي شروط المرجع الذي يمكن اعتماده لدرسها وفهمها.
ثاني مباحث هذا الكتاب «الديموقراطية التعبيرية» أي ما رأى فيها الزعيم الانقلاب الجديد الذي تجيء به الفلسفة القومية الاجتماعية، أي تمثيل الإرادة العامة والتعبير عنها وليس التمثيل أو التعبير بشكل مطلق خلواً من الإرادة العامة.
ثالث مباحث كتاب الفلسفة المدرجية الأستاذ الغاوي «العروبة الواقعية»، وهذه فهم جديد ونظرة جديدة وموقف جديد للزعيم من العروبة، وفي حين انحرف تأويلها عن أصلها، يلحّ المؤلّف أن العروبة قضيّة سياسيّة لا قضيّة قوميّة، أي تماماً كما ميّزها سعادة، وهذا مردّه ثنائية فهم نصّ سعادة في موضوع العروبة، وهذه ثنائية يجب فهمها وحلّها بالطريقة نفسها التي اعتمدها سعادة في فهم وحلّ ثنائية النص القرآني حين يعلن «إن ثنائية النصّ القرآني ليس معناه انه يوجد للرسالة الإسلامية خطتان متباينتان ومستقلتان» من وجهته أن هناك تبايناً ظاهرياً بين الآيات القرآنية المكيّة التي تحضّ على العبادة الروحية والتسامح، وبين تلك المدينية التي تحضّ على القتال وفيها النصوص التشريعية وهذه مردّه أن هناك وحدة كامنة بين نوعي النصّ القرآني وهي وحدة تستخرج من مبدأ ترابط الأسباب والمسبّبات ومن معرفة نسبة الواسطة إلى الغاية ومن درس العلاقة الوثيقة بين النصّ القرآني والأسباب الموجبة أو الحوادث الجارية.
في تقديمه إلى الفلسفة المدرحيّة هنا يرى الأمين د. إدمون ملحم أنّ هذا الكتاب يشكّل مساهمة فكرية وجدّية لشرح ثلاثة مواضيع مرتبطة بفكر سعاده ويمثّل محاولة جديّة لتحريك نقاش فلسفي يكاد يكون مفقوداً حول أفكار سعاده. أمّا الأستاذ نقولا سليمان داود فيبارك لصاحب الكتاب هذا الحب الروحي الذي يسكن وعيه القومي.