نعمة ثابت بطل الخيانة

أخيراً وبعد استغلال حلم الزعيم إلى أبعد حد، خرج نعمة ثابت من الخيانة المتسترة المماثلة إلى الخيانة الصارخة الفاجرة. فصرف أياماً طويلة يعد مع بعض المعاونين “ردًّا” على بلاغ مكتب الزعيم المعلن حقيقة أمره وأمر شخصين آخرين انعدمت مسؤوليتهم الفعلية بالكلية تقريباً في غياب الزعيم وانعدم بالتالي شعورهم بالمسؤولية عن مصير قضية قومية اجتماعية كلية مقدسة ائتمنوا عليها، في جملة من ائتمنوا، والزعيم غائب.

إنّ للخيانة قاعدة لا تخطئ، خصوصاً متى كانت من النوع الراقي “المثقف” الدمث. فهي تظل تراوغ وترائي وتتظاهر بالتفاني في الصدق والإخلاص و”تلعب على الحبلين” إلى أن تدركها الفضيحة فتنقلب دماثتها سفاهة، وثقافتها وقاحة، ورقيها انحطاطاً!

ومتى صارت الخيانة سفيهة ووقحة ومنحطة، أمست بحكم طلب التعويض أو البدل متبجحة!

يتبجح السيد نعمة ثابت بأنه من الذين “تحملوا مسؤوليتهم الحزبية بتضحية وصلابة لا تقهر”. ما أبعد هذا القول عن الحقيقة!

عندما جرت الاعتقالات الأولى للزعيم وأعضاء مجلس العمد الأول، المعينين بحكم الظروف من بين الكمية القليلة التي كانت للحزب القومي الاجتماعي آنئذٍ، وبعض المسؤولين الآخرين وأدخلوا السجن، وكان بينهم نعمة ثابت ومأمون أياس، انقلب هؤلاء الشجعان الصلبون على الزعيم واتهموه بالغلط في السياسة وقِصَر النظر في الأمور وعدم فهم الأوضاع، حتى اضطر الزعيم إلى ترك زاويتهم في “القاووش” والانتقال إلى زاوية أخرى بين المجرمين العاديين!

بقي الزعيم وحده في تلك التجربة الأولى صلباً قويًّا غير متردد ولا متراجع فلما انتصرت صلابته وقوّته وصراحته الباهرة في المحكمة المختلطة، صار هذه القدوة النادرة التي جذبت الألوف وحركت المتحجرين، فدفعت هذه المثالية الساحرة نعمة ثابت وغيره لاقتفاء أثرها، ففعل ما دام عهده قريبياً بالزعيم وقدوته، حتى إذا طال غياب الزعيم بسبب الحرب وعواقبها، لم تجد نفس نعمة ثابت في حقيقتها المقدار الكافي من الوعي والإيمان والصلابة فوهنت وارتخت وسلمت للأمر المحدث وصارت المراوغة والميعان المثال الذي يجب أن يقتدى به.

الزعيم شق لرفقائه طريق العظمة النفسية وهداهم إليها بقدوته العظيمة في السجن ومثله الرائع في المحكمة الأجنبية. هو أوفى في هذه العظمة التي ترتفع بها الأمم الحية إلى أوج عزها ورفع نفوس ورفقائه إليها دائساً بقدميه المخاوف التي كانت تنطلق من نفوسهم في السجن والمخاوف التي كانت تساورهم خارج السجن، معلماً إياهم الشجاعة والصبر والتغلب على الضعف والتضحية الصامتة، وبانتصاره بفضائله النفسية الباهرة وبقوة تعاليمه الاجتماعية والسياسية والمناقبية خلق الإيمان في نفوسهم، وبهذا الإيمان ساروا وراءه في طريق المجد والحياة الجيدة، والذين ظلوا يسيرون في نور تعليم الزعيم ويقتدون بإيمانه العظيم بأمته ويؤمنون إيماناً عظيماً، هؤلاء يتبعونه في طريق المجد والسؤدد غير متبجحين، أما الذين سقطوا في ورطة المثالب، ونكّست رؤوسهم نحو الحقارة، فهؤلاء قد استبدلوا الضلال بالهدى وهم في ظلام ضلالهم يخبطون.

ما أبعد هذه المزايا عن تلك القدسية التي ولدتها شخصية الزعيم وقدوته وتعاليمه!

“أما السنين الطويلة من الجهاد المضني” التي يتكلم عنها ثابت فما هي بالأرقام والأفعال. لقد اضطهدته السلطة الفرنسية بسبب أنه من أتباع سعاده وتعاليمه فنال هذا الشرف العظيم لهذه المزية، لا لاية أفعال باهرة قام بها هو: وإذا كان قد أظهر الأمانة للزعيم وتعاليمه مدة من الزمن فأي فضل له أن يتبع الهدى وقد اتبعته الألوف المتزايدة يوماً بعد يوم!

إنّ السلطة الفرنسية لم تقتصر في مدة الحرب على اعتقال أعضاء الحزب القومي الاجتماعي العاملين، بل اعتقلت كل أجنبي من غير الحلفاء، وكل من اشتبهت بأنه في صفوف المقاومين لوجودها أو الناقمين عليها. ولم تعمل السلطة الفرنسية لعظيم خطر أحد منهم بنفسه.

إن نعمة ثابت يشير إلى هذا الأمر الاعتيادي ليتبجح وليكسب نفسه صفة “البطل المتألم والضحية البريئة”.

إنه لواضح أنه اذا كان نعمة ثابت يتألم لشيء فإنما لفقد المجتمع ثقته به بناءً على فقد الزعيم ثقته به! فهو الذي بذل جهده في غياب الزعيم وبعد عودته لينحر إيمان المجتمع بالزعيم وبطولته ونظرته السياسية الصائبة، وكان ذلك الجهد عبثاً، لم يرّ نقيضه في تهديم إيمان المجتمع بخالق نهضته ولكنه وجد جريمة فظيعة في كشف القناع عن خيانته معلمه وعن مؤامرته على زعيمه وعلى العقيدة القومية الاجتماعية وقضية الأمة المقدسة!

صار نعمة ثابت، بعد أن انقلب من مهتد إلى مغرور، يرى أساس إيمان المجتمع وضرورته في التلاميذ وليس في المعلم – في الأتباع قبل الزعيم – في الأتباع الشاذين، العقوقين الذين ساروا مدة في طريق البطولة التي شقها لهم القائد وهو بينهم، فلما غاب عنهم مدة تسع سنوات ضعفت نفوسهم وعاودهم جبنهم يخالطه غرور مرضي غريب فأخذوا يعلّمون المؤمنين القوميين الاجتماعيين الخوف، ونصبوا أنفسهم قادة لهم في الجبن والرعب والتراجع فقبلهم الحزب مدة بهذه الصفة من أجل النظامية البديعة التي سنّها لهم مثال العظمة النفسية والإيمان بالأمة ومصيرها في التعاليم القومية الاجتماعية، فكان هذه القبول سبب غرورهم وطيشهم!

ليس للخيانة الصفيقة غير منطق الإفساد. فهو يتكلم على “الجهاد المضني والتضحيات الثمينة” وينسى تعويضات الحرب التي لم تصل إلى كثير من القوميني الاجتماعيين في زمن “إدارته” حقوقهم فيها وينسى أيضاً أربع سنوات نعيم الرخصة والتقهقر العقائدي وحفلات الشاي والكوكتيل الدالة على “مزايا التضحية والصلابة”!

ويجب أن لا ننسى بهذه المناسبة، ذاك “الضنى” العظيم يوم أقدم هذا القائد الصبي المتألم بالبطولة الرعديدة على رمي الحزب رمية لم ينقذه منها الاستحقاق هذه النهضة العظيمة السلامة يوم قرر هذا الغرّ إرسال القوميين الاجتماعيين لمحاربة الجيش البريطاني الزاحف من فلسطين وليكونوا طعاماً لفوهات المدافع ويؤمّن انسحاب قوات “فيشي” والعمال الطليان والألمان.

هذا هو الخطر العظيم الذي لو لم تنقذ العناية الحزب السوري القومي الاجتماعي منه – لكان فيه القضاء المبرم على الحزب معنويًّا وماديًّا، هذه هي سياسة هذا الخائن الكبير الحكيمة الباهرة – السياسة التي أخفيت عن العقلاء وأعطيت للجهال.

وهو ينسى أيضاً أنّ الزعيم الذي ظن وهو في المهجر أنّ مظاهر الأربع سنوات الأخيرة ليست إلا دليل ضعف عارض لا يلبث أن يشفى منه المصابون حالما يعود إلى وسطهم، أراد تشديد عزائمهم ورفع معنوياتهم وبعث المثالية من جديد في نفوسهم فكتب من نعيم الجهاد والتضحية واحتمال الاضطهادات الشرسة في المغترب إلى القائمين على الإدارة الحزبية يقول: أنتم أنقذتم شرف الأمة. وينسى أيضاً أنّ الزعيم قال في رسالة من الأرجنتين إلى القوميين الاجتماعيين، “أعرف ما قاسيتم وتجهلون ما قاسيت وأقاسي”. ويصير النسيان المجرم في عرفه معرفة فيتكلم على “النعيم” الذي كان فيه الزعيم وعلى “تضحيات” الرخصة والالتواء العقائدي والمناقبي “وجهاد” الشاي والكوكتيل، التي كان هو وأصحاب الشعور المغلوب “يضنون” في ممارستها.

يتابع نعمة الخائن منطق الإفساد فيقول: إنّ الزعيم “بجميع تصريحاته وتصرفاته ضرب حول الحزب في الرأي العام نطاقاً فولاذيًّا من الجفاء والشك والاستهزاء والكره في بعض الأحيان” فلا يرى كم كسبت تصريحات الزعيم وتصرفاته من ثقة وعطف في طول سورية وعرضها من أكثرية الشعب التي كان هو وزملاؤه من أصحاب سياسة الإذعان للأمر المفعول والانسياق فيت يارات ا لإرادة الأجنبية يحتقرون آلامها من التجزئة والإهانة ويصرفون النظر عن حاجتها وحاجة الأقلية نفسها التي صاروا ينظرون إلى القضية القومية بمنظار تقلصها، إلى استقرار دائم ثابت على قواعد الأمة والوطن كما هو موضوعة في تعاليم الزعيم، وليس إلى استقرار وقتي قائم على عنعنة غير طبيعية محبة ذاتٍ مضحّية بكل القيم السامية والمثل العليا، فأرادت التقلص في “كيان لبناني” بدلاً من مواجهة القضية كقضية – اجتماعية سياسية – حقوقية – يجب حلها ليس فقط في لبنان بل في سورية كلها باعتباره قضية واحدة غير مجزأة من قضايا الوحدة القومية في الأمة السورية كلها، وليس في بقعة واحدة من أرض الوطن الواحد.

إنّ خطاب الزعيم يوم وصوله أنعش الحياة في ملايين النفوس التي كادت تيأس من الاتجاهات التراجعية الملتوية التي حاول أن يقودها فيها خونة القضية القومية الاجتماعية المتلاعبين بشعور ألوف القوميين الاجتماعيين المؤمنين بتعاليم حركتهم العظيمة، المستهزئين بإيمان هذه الألوف، المحتقرين آلامهم وأمانيهم العابثين بثقتهم النظامية وطاعتهم المثالية – عشرات الصحف التي كانت تنظر إلى اتجاهات أبطال سياسة الاستسلام للمحدث نظرات الريبة والقلق انطلقت تشرح القضية القومية الاجتماعية وتفتح صدرها لآراء الحزب وتعاليم الحركة القومية الاجتماعية وتؤديها – صحف في الشام وفلسطين وشرق الأردن وما بين النهرين لم تكن تذكر الحزب السوري القومي الاجتماعي فتحت صدرها لتعاليم الزعيم وتصريحاته وأيدت مواقفه – صحف الفئة الطائفية الانعزالية في لبنان نفسها رحبت بالزعيم وتصريحاته إلى أن شاء ضغط السياسة الاستغلالية تحويل ترحيبها إلى نقمة.

صحيفة واحدة معروفة النشأة والغاية في لبنان أرسلت صيحات النقمة. ومن الغريب غير الغريب أنّ أول مردد لصيحاتها كان نعمة ثابت نفسه وصاحب أو صاحبان له في سياسة الثعلبة والخيانة.

إنّ الجفاء والشك والاستهزاء والكره إذا كانت قد ضربت حول الحزب في فئة قليلة من الأمة غارقة في خصوصياتها المهددة مصير الأمة كلها، فإنما ضربها كان من قِبَل الذين علموا تسع سنوات طويلة لنفي إسم الزعيم من سمع الشعب وبصره ولحَوْك الشبهات حول شخصيته وتعاليمه وسياسته، الذين انتظروا حملة أعداء الأمة وأعداء أنفسهم على الزعيم من الخارج ليكشروا عن أنياب مثالبهم النفسية ويحاولوا نهشه من الداخل! ثم هم يطلبون بوقاحة نادرة أن “يحافظ على الإيمان بقدسية مزاياهم”!!

مزايا خساسة ولؤم طبع يجب احتقارها وسحقها وإزالة آثارها الكريهة من وسط الأمة المبعوثة بتعاليم الحرية والواجب والنظام.

يتابع منطق الخيانة شرحه فيقول:

“يجب أن لا يفوتنا أنّ عادات الجفاء والريبة فيما بين طوائف هذا البلد لم تنشأ صدفة فهي لسوء الحظ من غرس عصور وأنظمة سياسية واجتماعية قديمة” ولكنه لا يقول إنّ هذا الكلام هو ترديد ببغئاي لتعليم الزعيم على شيء من التعليل بإدخال عبارة “هذا البلد” (لبنان). إنّ الزعيم نظر في هذه الحالة الاجتماعية – السياسية – الحقوقية الموجودة ليس فقط في “هذا البلد” بل في الوطن كله – ومعالجتها لا تكون بالحصر في “هذا البلد”.

إنه الحقيقة واقعة محسوسة أنه لم يقضِ على الخوف والريبة والجفاء وأسبابها في هذا الوطن كله غير تعاليم سعاده وسياسته التي تعالج الداء كله من اصله ولا تعالج جزءاً منه في فرع محدود. وجميع الذين رددوا تعاليم الزعيم كاللبغاوات، وسلكوا “سياسة” المعالجة الجزئية الفرعية، وجزأوا القضية أو أطلقوها من حدود طبيعتها، وجاوزوا بها حقيقتها الكلية، أخفقوا وزادوا أسباب الريبة والجفاء والخوف. إنهم لم يفعلوا شيئاً غير صبغ الحزبية الدينية العمياء بصباغ التعاليم القومية. ولسنا ندري كم يستحق خونة القضية القومية الاجتماعية المقدسة التهنئة على اكتشافهم هذه الشعوذة القومية التي يسميها رئيسهم السياسة التي يفهمها “الشارع”.

سعاده هو الذي علّم اسس الشخصية القومية الكافلة إزالة كل ضيم ناتج عن سبب مذهبي أو طائفي، وهو الذي علّم أنه لا يمكن إيجاد وحدة قومية صحيحة إلا بإزالة أسباب الضغائن والأحقاد، وهو الذي شرّع الشريعة القومية الاجتماعية التي تزيل الأسباب المذكورة وتحوّل الأمة المفسخة إلى وحدة روحية عقائدية اجتماعية متينة. وشريعته وحدها هي التي تمكنت من تحقيق هذه الوحدة ونفي كل شك وكل ريبة من نفوس معتنقيها الذين أقبلوا عليها من جميع أنحاء الوطن السوري ومن جميع ملل الأمة السورية وجميع نحلها. أما الذين حاكوا تعاليم سعاده محاكاة الببغاوات، وقلدوا الحركة القومية الاجتماعية تقليد السعادين، ونصبوا أنفسهم أطباء دجالين، فلم ينجحوا إلا في زيادة الأحقاد والضغائن وإيجاد أسباب جديدة للخوف والجفاء والشك والريبة تجلت في أكثر من حادث واحد حال الحزب السوري القومي الاجتماعي دون تطوره إلى مذابح، كما في حادثة 15 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1936.

سعاده هو الذي أوجد الحلول الروحية – العقائدية – الاجتماعية، التي تؤمّن الخائف وتغيث الملهوف وتوجد الطمأنينة والاستقرار والإيمان في النفوس. إنه و الذي نظر في آلام المتألمين وعذاب المتعذبين. ولكنه آمن بمؤهلات أمته وصلاحها للتغلب على الآلام وأسبابها بتعاليم تبقي وحدتها ووحدة مصيرها، وعاكس الدجالين الذين يقولون في مجالسهم، بسفاهة قلوبهم وجهلهم الفاضح: لا وحدة إلا بزوال القرآن ولا تفاهم مع المحمديين إلا بعد أن يخرجوا على دينهم ولا أمل للمسيحيين بالبقاء إلا بانسلاخ الموجودين في لبنان منهم عن جسم الأمة وإنشاء “أمة” خاصة بهم في كان سياسي يمكنهم من “هضم” غير المسيحيين في “قوميتهم” المستحدثة. وقاوم الدجالين الآخرين الذين قالوا: لا أمر إلا بزوال الإنجيل ونبذ المسيحيين دينهم وجعل السيطرة المحمدية أساس الدولة والحقوق.

تعاليم سعاده، وسياسته، ولا تعاليم سياسية غيرها، أحدثت “أعجوبة الدهر” ووحدت المحمديين والمسيحيين والدروز في إيمان قومي اجتماعي واحد ينقذ الأمة إنقاذاً كليًّا، وبإنقاذها الكلي السائر باطراد ينقذ كل جزءٍ من أجزائها.

لو كانت مسألة نعمة ثابت ومن معه مسألة إبداء رأي في كيفية بعض الأعمال السياسية، لا مسألة خيانة فاضحة لكان قدّم رأياً معللاً للزعيم للدرس والموافقة، ولكن لا نعمة ثابت ولا غيره تقدم إلى الزعيم في مجلس أو بواسطة أطروحة بدرس في بعض النواحي السياسية أو فيها كلها.

ولا واحد منهم قبل أن يخضع للنظام الذي كانوا يشيدون بفضائله ويدققون في اتخاذه قاعدة لفرض آرائهم بشكل استبدادي واحتيالي غريب على الدستور ولمحاسبة مرؤوسيهم بغطرسة لا مثيل لها!

إنّ كسر أحد هذه المبادئ الأساسية البسيطة كمبدأ النظام ومبدأ وحدة السلطة، وإدخال الشكوك في النفوس وزعزعة الإيمان بالتآمر على المعلم واليقين به والدستور، كل هذه الرذائل والمنكرات، ليست انشقاقاً، بالجرائم لا يمحوها الطرد ولا يغسل عارها النفي!

وإنّ أشد المجرمين إنما واحد يقول بوقحة وصفاقة وجه: قد كرست حياتي لهذه الجرائم!

إنهم كتموا عنه جميع تفاصيل “سياستهم” التي تريد خيانة نعمة ثابت أن تسميها “سياسة الحزب” وجميع المفاوضات والارتباطات مع بعض السياسيين اللبنانيين وبعض الفئات السياسية المتلبننة التي نمّت عنها تصريحات بعض السياسيين المذكورين، وارتكبوا ما هو أشد نكراً من ذلك: أقدموا على محاولة اغتيال الزعيم سياسيًّا بمكائد خسيسة لم تخف خططها على سعاده من أول احتكاكاته بأفكارهم بعد عودته!

إنّ للحزب القومي الاجتماعي دستوراً ومبادئ يتقيد الأعضاء أنفسهم بها بقَسَم. ولكل قومي اجتماعي وقومية اجتماعية حق إبداء الرأي والمناقشة، ودستور الحزب وقوانينه النافذة تعيّن شكل التقرير. والخروج عن الدستور والحنث باليمين بحجة “اختلاف آراء سياسية” هو خيانة حزبية صريحة.

الخيانة انتحار مناقبي وليست انشقاقاً!

إنّ للحزب القومي الاجتماعي انتفاضات دورية يطرح بها كل وهن وكل جبن وكل التواء يعلق به في مراحل سيره نحو الانتصار. وقد اوجبت عودة الزعيم هذه الانتفاضة الجديدة المعيدة له صفاء عقيدته. فمن سقط بها سقط لضعفه.

نشرة عمدة الإذاعة، بيروت،
المجلد 3، العدد 4، 15/8/1947

نقلاً عن الشمس، بيروت،
العدد 288، 5/8/1947″

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى