السياسة الخارجية: جبهة يمنى متحدة في ألمانية

أشرنا في مقال سابق إلى استقالة الوزارة الألمانية على أثر استقالة وزير خارجيتها السيد كورتيوس، وتأليف وزارة جديدة يرأسها بروننغ نفسه الذي كان رئيس الوزارة المتقدمة.

ولقد تقدمت الوزارة الجديدة إلى البرلمان ونالت ثقته بأكثرية قليلة جداً، الأمر الذي يجعل مركزها ضعيفاً إلى درجة يرجّح منها عدم ثباتها طويلاً.

وآخر ما وردنا من الأخبار يطلعنا على الاجتماع الخطير الذي عقدته أحزاب اليمين في بادهار تزبورغ وهي مؤلفة من الاشتراكيين الوطنيين، جماعة هتلر، والوطنيين الألمانيين وحزب الزرّاع ورابطة البلاد وفريق «الخوذة الفوذلاية» وأعضاء الرابطة الوطنية.

وكان حاضراً، من الأشخاص الذين لهم شأن كبير في سياسة البلاد، السيد هتلر زعيم أقوى حزب وطني، والزعيم القديم هوغنبرغ، وأبناء القيصر الأميران إيتل فريدريك وأوغست فلهلم فن هوهنتزولرن، اللذان كانا يلبسان بزات جمعية «الخوذة الفولاذية»، والسيد شاخت رئيس بنك ألمانية سابقاً، والجنرال فن سكيث.

كانت النتيجة الخطيرة للاجتماع المذكور اتخاذ قرار يقول بوجوب محاربة الماركسية والبلشفية، جاء فيه:
«إننا نعلن رغبتنا الأكيدة في إيجاد حكومة يكون لها منهاج وطني في الريخ وفي بروسية، واستعدادنا لإنقاذ وطننا من الفوضى البلشفية وسياستنا من الإفلاس الاقتصادي».
وبعد أن حمل البيان على حكومة بروننغ وحكومة برون البروسية أرسل نداءً حاراً إلى الرئيس المارشال هندنبورغ «أن يقف في جانب ملايين الرجال والنساء الألمانيين ويحقق لهم الحكومة الوطنية».

وُضع القرار المتقدم بعد خطب بليغة فاه بها كل من هوغنبرغ وهتلر. فأشار الأول إلى وجوب تحويل الحكومات الاشتراكية المتطرفة إلى حكومات وطنية وضرَب حكومة بريطانية مثلاً. وحمل على برون وسيفرنغ اللذين لم يعرفا كيف يستفيدان من القدوة الحسنة التي قام بها مكدونالد في إنكلترة.

وأبان الثاني خطورة الحالة الحاضرة وختم كلامه بالعبارة الحماسية التالية:
«ليس من يرغب في السلام أكثر من الوطنيين المعارضين، إنّ الذين ذاقوا طعم الحرب يجدونها مُرّة ولكن الشعب الذي يجد الحرب أمراً لا مندوحة عنه لا يتأخر عن وضع قواته في ساحتها».

وهكذا نرى حالة ألمانية السياسية الداخلية حرجة مضطربة، وإذا لم تسفر المفاوضات الجارية في عواصم الدول الكبرى عن خطة جديدة تُغيّر مجرى الأحوال العامة تغييراً محسوساً مفيداً، فإن الجوع والإفلاس والحالة النفسية المضطربة تدفع ألمانية إما إلى الوطنية القائلة بالحرب وإما إلى الشيوعية القائلة بالحرب.

أنطون سعاده
اليوم، دمشق   
العدد 60/8، 21/10/1931

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى