في سورية والعراق

في العدد 13 من «الزوبعة» (ص 149 أعلاه) نشرنا خبر وصول السيد فن هنتغ الموظف في وزارة الخارجية الألمانية إلى بيروت. وقد علَّقنا على هذا الخبر بإعطاء بيان بحقيقة الوظيفة التي يشغلها السيد فن هنتغ وهي: ناموس شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية. وأضفنا إلى ذلك أنه يحمل رتبة «سفير الريخ». وقلنا في تعليقنا السابق إنّ زيارة هذا الموظف العالي لسورية «لا بدّ أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشروع ألماني يتعلق بسورية والعراق».
وقد وردت على جريدة «لا برنسه» برقية لشركة «يونيتد برس» صادرة عن استنبول في 19 أبريل/نيسان الماضي. وفيها بعض التفاصيل عن الحركات السياسية في سورية والعراق. ومن هذه التفاصيل عزو الحركات الأخيرة في سورية، التي اضطرت الفرنسيين إلى إعادة الحياة الدستورية في لبنان والشام، إلى «عمال ألمان موجودين في بيروت ودمشق يقع عليهم ذنب الاضطرابات الأخيرة في سورية ضد السلطة الفرنسية».

والشركات البرقية ترسل الأخبار وفاقاً لمجرى السياسة الذي تجري معه. ولذلك تعزو الشركة المرسلة البرقية المذكورة، الموالية للسياسة البريطانية، التشنجات السورية الأخيرة إلى أصابع ألمانية وليس إلى أعمال السوريين القوميين الذين ابتدأوا يهيئون النفوس للنهوض في وجه الظلم عندما تحين الساعة. وإلا فلماذا تزدحم السجون برجال الحزب السوري القومي؟

أما إذا كانت السياسة الألمانية تبذل جهدها لاستغلال الحركات السورية لمصلحتها أو لما فيه فائدة لها فأمر صحيح. وقد نبّهت الحركة السورية القومية الشعب منذ سنين إلى العمال السوريين للمصالح الأجنبية. وبعضهم عمال للإنكليز وبعضهم للألمان وبعضهم للطليان وجيش منهم للفرنسيين وآخرون للأتراك. وقد أشارت «الزوبعة» إلى هذه الحالة الدقيقة في مقالات الأعداد الأولى.

وقد ورد في البرقية المشار إليها آنفاً أنّ «شخصاً هاماً جداً في جميع هذه الحركات (في سورية والعراق) هو الألماني فن هنتغ، الذي طلبت منه السلطة الفرنسية في سورية، منذ أشهر، أن يغادر البلاد».

والحقيقة أنّ زيارة السيد فن هنتغ لسورية والعراق كانت حادثاً هاماً، وقد توقعنا أن يكون لها أثر، ليس لأن الحوادث المنتظرة من زمان في سورية والعراق متوقفة على مثل هذه الزيارة، بل لأن هذه الزيارة تدل على أنّ الألمان كانوا سريعين لإدراك خطورة الحالة في سورية والعراق وإلى اغتنام الفرصة لإيجاد شأن لهم في هذين القطرين. وتقول البرقية إنّ السيد فن هنتغ جاهر بأنه زار مفتي فلسطين في العراق، ولا بدّ أن يكون اتصل ببعض المتزعمين في دمشق، وشجعهم على القيام بحركات هياج. ولكننا نثق بأن السوريين القوميين سيسيطرون على الموقف في الأخير ويعطون مبدأهم الأساسي الثامن مفعوله وهو القائل: «مصلحة سورية فوق كل مصلحة».


الزوبعة، بوينس آيرس،
العدد 19، 30/4/1941

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى