مصير فرنسة وإمبراطوريتها

جرت في أواسط الشهر الماضي حوادث أكيدة في فرنسة غيّرت حالتها السياسية الداخلية وموقفها الخارجي. هي حوادث هامة يجب تحليلها ليكون السوريون على بيّنة من الوضعية الإنترناسيونية الجديدة.

بعد سقوط فرنسة في يونيو/حزيران 1940 أصاب نظامها السياسي تضعضع شديد، لعله أشد من تضعضع نظام ألمانية السياسي بعد تنازل القيصر غليوم الثاني وتوقيع شروط الهدنة سنة 1918.
ومنذ ذلك التاريخ حتى أوائل الشهر الماضي لم تقدر فرنسة على أن تجد حالة تستقر عليها داخلياً ولا فكرة ثابتة تعمل بموجبها خارجياً. لم يكن في فرنسة، أو لم يظهر فيها، رجل واحد يقدر أن يحمل مشعلاً وسط الظلمة.

قام المارشال بتان على الحكومة وهو رجل له مركز في الشعب. ولكن إنقاذ فرنسة يحتاج إلى أكثر من رجل له مركز في الشعب.
يحتاج إلى رجل يرى الأمس واليوم والغد ويضع غاية كلية جديدة ويوجد إيماناً جديداً. يحتاج إلى رجل يضرم ثورة روحية في قلب الشعب.

وقد حاول المارشال بتان أن يكون ذلك الرجل ولكنه لم ينجح، لأن الرجل يكون بذاته وليس بمحاولة تغيير ذاته. فالمارشال بتان كان رجلاً عسكرياً جيداً، ولكنه لم يكن رجل نظريات ثورية في الحرب والاجتماع.
إنه من رجال المحافظة على ما وصل إليه وليس من رجال الطموح إلى عهد جديد.
إنه متدرب وليس فناناً.
ومع ذلك فقد بذل جهده ليكون فناناً وراسماً لدور جديد. فألغى الدستور الفرنسي الماضي وأنشأ دستوراً جديداً بمعاونة الملتقين حوله وأراد أن يصير مسيطراً.
ولكن السيطرة العصرية تقتضي مزايا غير الاستبداد الشخصي.
إنها تقتضي التعبير عن أماني أمة بإيجاد فكرة فلسفية أساسية تشمل الحاجات والمرامي ومثلاً عليا جديدة كفكرة الحركة السورية القومية في سورية.
فبدون هذه الفكرة الفلسفية الأساسية لا يمكن توليد حركة. ولهذا السبب لم يمكن المارشال الشيخ إنشاء حركة في فرنسة.
فهو قد جمع حوله بعض العسكريين وحاول أن ينشىء حزباً من المدنيين.
ولكن كان كل ذلك تقليداً. إنّ جميع ما قام به المارشال بتان من الإنشاء الجديد كان يحمل طابع التقليد لأشكال نظام الدول المنتصرة.

ما هو الشعار الذي اتخذه المارشال بتان لإنهاض فرنسة؟ هو هذه الكلمات:
«العائلة. الوطن. العمل» وكل من تأمل هذه الكلمات لا يجد فيه غير قوة الاستمرار لما كان موجوداً من قبل.
فلما عزل بتان لافال واعتقله بتهمة التآمر عليه وعلى الحكم واستعاض عنه بدرلان، أخذ هذا بأسباب عمله ووجد أنّ الشعار الذي اختاره بتان يفتقر إلى المبدأ الفاعل فأدخل تعديلاً عليه في أحد خطبه، الأمر الذي يدل على عدم وجود فكرة واضحة عند المسؤولين عن سياسة فرنسة، وبقي الشعب الفرنسي بدون حركة فرنسية صحيحة.

كان لافال ومن نحا نحوه باشروا إيجاد حركة تجديدية بإنشاء «الحزب الفرنسي الشعبي» مستعيرين هذه التسمية من الإسم الذي عرف به الحزب السوري القومي في فرنسة. فقد ترجم المترجمون في دائرة الأمن العام الفرنسية إسم الحزب السوري القومي ترجمة غير صحيحة لعدم كمال معارفهم فجعلوا «القومي» في الفرنسية «الشعبي» لأنهم كانوا يظنون أنّ لفظة «ناسيونلست» تترجم «وطنياً» كما جرى الاصطلاح القديم في ترجمة «الكتلة الوطنية»، فلما عرضت لفظة القومية لهم لم يعرفوا حقيقتها فأوّلوها إلى «الشعبية» رجوعاً إلى القوم لا إلى الأمة.

وفي تقارير ممثل فرنسة في لجنة انتدابات الجمعية الأممية ورد ذكر إسم الحزب السوري القومي بلفظ الشعبي بدلاً من القومي. وعممت هذه الترجمة مجلة الإستراسيون الشهيرة فصار الحزب السوري القومي يُعرف في فرنسة باسم الحزب السوري الشعبي.
ومع أنّ الترجمة الحرفية غلط فإن الشعبية موجودة في مبادىء الحزب السوري القومي ويمكن أن يوصف بها وتكون الصفة منطبقة على الموصوف.

حتى الآن لم يُعرف شيء راسخ عن الحزب الفرنسي الشعبي سوى أنه حزب يرمي إلى السير على غرار الحزب الألماني الاشتراكي القومية أو الحزب الإيطالي الفاشستي، أو شيء شبيه بالحزب السوري القومي الاجتماع، فغايته ومبادئه لا تزال غامضة.
وكما أنّ الحزب الحكومي الذي أنشأه بتان لم يولّد حركة فرنسية كذلك لم يولّد الحزب الفرنسي الشعبي الذي استند إليه لافال وديات ودوريو حركة فرنسية. فيمكن القول إنّ رجال فرنسة الذين أقلقوا راحة الأرض والسماء بالادعاء الباطل أنّ حركة الحزب السوري القومي ليست سوى حركة تقليدية لحركتي ألمانية وإيطالية القبيحتين في عرفهم، لم يقدروا أن يفعلوا شيئاً لأمتهم غير الالتجاء إلى التقليد الاعتباطي والنقل عن الذين كسروهم في الحرب.
وقد عمدا أخيراً إلى طلب التفاهم مع الذين كانوا هم يعيّرون الحزب السوري القومي بمحاولة التفاهم معهم ويحملون الناس على حسبان مرور الزعيم بإيطالية وألمانية لدرس إمكانيات مصلحة سورية القومية فيها جريمة فظيعة!

أجل، كان الفرنسيون يتبجحون بنظامهم «الديمقراطي» وكان رجالهم السياسيون وعمالهم في سورية ينتقدون ويحملون مبدأ حصر السلطان المطلق في زعيم الحزب السوري القومي. فلما أدرك نظامهم الخراب استفاقوا لأغلاطهم وأعلن المارشال بتان أنّ فرنسة في حاجة إلى نظام شبيه بنظام الحزب السوري القومي!

بينما فرنسة تتخبط في الفوضى كانت الشؤون الإنترناسيونية تتطلب تعيين اتجاه لفرنسة يمكن التعويل عليه فيما بقي من هذه الحرب الهائلة.
فمع أنّ فرنسة نفسها سقطت فإن أهميتها لم تنتفِ بالمرّة، إذ لا بدّ أن يبقى لشعبها وزن في تسوية مشاكل أوروبا وبقيت مستعمراتها الواسعة سليمة وفيها قوات ومعدات حربية يمكن أن يكون لها شأن في ذاتها، فضلاً عن وجود المستعمرات وراء متناول قوة المحور.
الامبراطورية الفرنسية حفظت للجمهورية الفرنسية ما لم تتمكن هذه من حفظه. في هذه النقطة يكمن السر في أنّ ألمانية قبلت عقد هدنة مع فرنسة وسمحت لهذه باستبقاء جزء كبير من بلادها خارجاً عن الاحتلال في حين أنّ جميع حصون فرنسة كانت أصبحت في قبضتها وبقية الجيش الفرنسي تتراجع مولية لا متقهقرة.

لم تكن ألمانية، في هذه الحرب، عديمة السياسة والدبلوماسية كما في الحرب الماضية.
فعلى رأس هذه الدولة رجل قد يكون أدهى دهاة نظرائه في السياسة الأوروبية الحاضرة يساعده على استعمال دهائه عظم استعداد أمته وإمكانياتها.
فهذا الرجل لم يجعل همّه سحق فرنسة بالمرّة أخذاً بالثأر، بل نظر في الإمكنيات السياسية ــــ الحربية المقبلة وأدرك أنّ اكتساب تعاون فرنسة يفيد خطته أكثر من إذلالها. وقد ظهر إدراكه في اجتماع توقيع الهدنة في عجلة «كمبيان» التاريخية حيث استقبل الوفد الفرنسي واقفاً وحيّاه وعامل رجاله باحترام جرّد الفرنسيين من عوامل الحقد.
فكان ذلك أول خطوة تمهيدية للمساعي المقبلة لاكتساب فرنسة إلى جهته.

ساعد كثيراً على إيجاد قبول في بعض أوساط الشعب الفرنسي لخطط ألمانية السياسية تذمر الفرنسيين من عدم وجود جنود بريطانيين في فرنسة أكثر مما كان يوجد، وحصول نكايات كثيرة بين سياستي فرنسة وبريطانية بعد الحرب الماضية. فنشأ في فرنسة المحتلة الحزب الشعبي الفرنسي القائل بالتعاون مع ألمانية لحفظ مركز فرنسة في أوروبا وللإبقاء على الامبراطورية الفرنسية، وصار بطل سياسة التفاهم مع ألمانية السيد بيار لافال الذي كان المارشال بتان جعله نائبه في الحكم.
ولكن لافال تمادى في إهمال الرجوع إلى بتان في أمور كثيرة وأخذ موافقته وبدا كأنه يختط لنفسه نهجاً خاصاً مستقلاً عن سلطة المارشال.
فأدى ذلك إلى عزله والقبض عليه حتى تدخّل الألمان في أمره وأطلق سبيله فعاد إلى باريس واستقر فيها منتظراً الظروف.

لم يكن إقصاء لافال دليلاً على أنّ بتان يرفض التفاهم مع هتلر ويريد موالاة بريطانية. فإن مقابلة منتوار التي جرت بين هتلر وبتان وكان من ورائها إعلان هذا الأخير ضرورة التفاهم مع ألمانية، دلّت على أنّ وضع لافال تحت التأديب لم يكن لسبب متعلق بالسياسة الخارجية، بل بالسياسة الداخلية لإثبات قوة شخصية بتان وسلطته وكونه المرجع الأخير لجميع الشؤون السياسية الفرنسية. وجاء ضرب البريطانيين الأسطول الفرنسي في المرسى الكبير موغراً صدور الفرنسيين على بريطانية وسياستها. فصفق الألمان والطليان لهذا الحادث الذي أوقع نفوراً جديداً بين فرنسة وبريطانية، وفي الحال أعفى المحور فرنسة من بعض الشروط الحربية، وقامت الصحافة المحورية تحرك الشعور الفرنسي ضد بريطانية.

مما لا مشاحة فيه هو أنّ بريطانية لم تُنزِل تلك الضربة بالأسطول الفرنسي بغدرٍ حباً بإثارة فرنسة عليها.
إنها أرادت تأمين المستقبل ليس فقط من وقوع الأسطول الفرنسي في يد الألمان، بل من احتمال انقلاب فرنسة نفسها عليها أو انحيازها إلى جانب المحور.
فلما أحدثت الأضرار الجسيمة بالأسطول الفرنسي وأمّنت إمكان استخدامه برمّته ضدها في المستقبل أعلى سياسيوها أنهم يأسفون للعمل الذي قاموا به ولم يقصدا منه الإساءة إلى الشعب الفرنسي، وأنهم لم يأتوه إلا مضطرين احتياطاً ضد تقلبات «فيشي»، جاعلين فارقاً كبيراً بين «فيشي» والشعب الفرنسي.

وجاءت الولايات المتحدة تؤيد مقف بريطانية وتبذل المساعي الكثيرة لإبقاء فرنسة بعيدة عن ألمانية. ولما عرضت مسألة شمال سورية وعوّلت القيادة البريطانية على انتزاعه من سلطة فرنسة تذرعت بالمتطوعين الفرنسيين في الصفوف «الديموقراطية» بقيادة القائد شارل ديغول وادّعت أنها هي ليست سوى مؤيدة لحلفائها.
ثم ألقى تشرشل خطابه في 15 يوليو/تموز 1941 الذي كرّر فيه تصريحات سابقة أنّ بريطانية لا ترمي إلى إبدال نفوذ فرنسة في شمال سورية وأنّ المصالح الفرنسية في هذه المنطقة تأتي أولاً.
وأكدت بريطانية أنها لا تطلب من فرنسة إلا أن تحتفظ بأجزاء امبراطوريتها ولا تضع شيئاً منها تحت تصرف المحور.

في الوقت عينه كانت ألمانية تشدد على فرنسة بالاحتفاظ بمستعمراتها وعدم السماح بوضع شيء منها تحت تصرف بريطانية وحلفائها.
وقد أشار إلى ذلك المارشال بتان بعد مقابلة منتوار والجنرال دنتز في سورية.
الجبهتان المتقابلتان في هذه الحرب كانتا تطلبان من فرنسة الطلب عينه:
أن تحتفظ بامبراطوريتها ولا تسلّم شيئاً منها إلى الجهة الأخرى. يعني ذلك أنّ كل جبهة كانت تريد إبقاء المستعمرات الفرنسية بعيد عن متناول الجبهة الأخرى.
فليس لعبارة «الاحتفاظ بسلامة الامبراطورية الفرنسية» غير هذا المعنى، لأن مطاليب إيطالية في المستعمرات الفرنسية وبعض فرنسة نفسها مشهورة.
أما بريطانية فمن يدري إذا كانت تقبل بالتخلي عن شمال سورية بعد أن فتحته وسفكت في سبيله دماً من جيشها. وحق الفتح أمر خطير في الحقوق الإنترناسيونية.
وفرنسة تدرك ذلك وتعرف أنها أصبحت بين نارين أو كالكرة بين فريقين من اللاعبين.

بعد مقابلة منتوار وظهور بوادر التفاهم مع الألمان حدثت فترة انقطعت فيها المفاوضات بين الجانبين وتدخلت سياسة الولايات المتحدة تدخلاً شديداً لمنع انحياز فرنسة إلى ألمانية، حتى أنّ رئيس الولايات المتحدة نفسه أصدر تصريحاً، بعد تصريح بتان عقيب منتوار، يستغرب فيه إمكان تفاهم فرنسة وألمانية، ولما كانت فرنسة تحتاج إلى مواد غذائية وتطهيرية وطبية صارت الولايات المتحدة تظهر أنّ إرسال كميات من عندها من هذه المواد موقوف على نوع سياسة الحكومة.

ومن جملة الذرائع التي تذرعت بها بريطانية والولايات المتحدة لاستجلاب فرنسة أو لإبعادها عن ألمانية، على الأقل، إدخال فقرات في «تصريح الأطلسي» يظهر أنها موجهة رأساً إلى فرنسة، كما أشرنا في مقالنا «الحالة السياسية ــــ الحربية الحاضرة» في العدد الثامن والثلاثين من الزوبعة (ص 26 أعلاه).

فإن الفقرة الثانية من البند الثامن تقصد تأمين الفرنسيين على أنّ بريطانية والولايات المتحدة ستعملان بالنظرية الفرنسية القائلة بنزع سلاح ألمانية وتجريدها من جميع إمكانيات النهوض.
فكأن بريطانية والولايات المتحدة تقولان لفرنسة:
«تشجعي وكوني معنا هذه المرّة حتى إذا انتصرنا جرّدنا ألمانية وإيطالية من سلاحهما واتخذنا ضدهما تدابير تأمّنك من كل خطر اعتداء في المستقبل» وهو ما كانت ترمي إليه فرنسة بعد الحرب الماضية.

اشتد التزاحم على استمالة فرنسة وظلت حكومة المارشال بتان تتردد بين الجبهتين وإمكان البقاء على الحياد بتاتاً. ولكن الحياد لم يكن ممكناً إلى الآخر.
والظاهر أنّ الضغط الألماني اشتد مؤخراً لحمل فرنسة على اتخاذ خطوة جازمة تدل على اتجاه صريح.
وكان هذا الضغط أقوى من الضغط الأميركاني، ومن دلائله خطاب هتلر الأخير الذي أظهر فيه عدم رضاه عن سير الدعوى في مجلس ريوم على «المسؤولين عن انكسار فرنسة في الحرب».

أخيراً رأت فرنسة أنه لا مندوحة عن انتهاج نهج التحيّز، إمّا إلى هذا الفريق وإمّا إلى ذاك.
فأخذت بوادر تقرير النهج تظهر في في أوائل الشهر الماضي حين أخذ إسم لافال يقترن بأخبار مقابلات مع درلان والمارشال بتان.
وقد أسفرت المخابرات والمقابلات والمحادثات عن دعوة المارشال بتان السيد لافال إلى رئاسة الحكومة وتشكيل وزارة.
فشكّلها في السابع عشر من الشهر الماضي بعد أن قدّم الوزراء السابقون استعفاءهم.

كان هذا التغيير دليلاً أكيداً على أن فرنسة قد تركت التراوح والانتظار وقررت اتجاهها السياسي الجديد. وهذا التقرير هو في جانب التعاون مع ألمانية.
فانقطع آخر أمل للأميركان والبريطانيين بإبقاء فرنسة بعيدة عن التعاون مع ألمانية وفازت سياسة المحور فوزاً كبيراً.

إنّ فرنسة قد قررت سياستها الخارجية الجديدة.
أما من الوجهة الداخلية فقد أبقى المارشال بتان الأميرال درلان خليفة له وجعله سيد جميع القوات البرية والبحرية والجوية. وكأنه وضعه في هذا المنصب اتّقاء التقلبات السياسية. فما دام الجيش والأسطول والسلاح الجوي في يده ففي وسعه أن يجابه كل حالة داخلية.
فهو يثق بدرلان كل الثقة ولذلك جعله أمير القوات كلها وجعل مرجعه إليه رأساً.

هل تعني خطوة فرنسة الجديدة أنها ستستبقي مستعمراتها؟
تقول بعض الأخبار البرقية من الجهة «الديموقراطية» إنّ إيطالية تؤكد عدم تنازلها عن مطاليبها التي أعلنتها قبيل الحرب وهي:
نيس وكرسكة وتونس وجبوتي. وجاء أيضاً أنّ إسبانية تريد تسوية جديدة لمراكش.

وأشيع أنّ ألمانية أكدت لفرنسة إعادة شمال سورية إليها لقاء تعاونها.
ولكن يصعب أن ترضى إيطالية عن ذلك وهي تطمح إلى إعادة بناء الامبراطورية الرومانية وتريد يداً مطلقة في البحر المتوسط.

يُحتمل كثيراً إيجاد تسوية محورية لمسألة سورية شبيهة بتسوية الحلفاء، أي اقتسام سورية بين إيطالية وفرنسة وضمان مصالح ألمانيّة معيّنة أو إشراف ألمانية على ما بين النهرين وهي المنطقة السورية التي تدخل فيها الموصِل وآبارها النفطية.
لا يوجد ما يمنع أية تسوية من هذا النوع، إلا إذا تنبه الشعب السوري للأخطار المحدقة وأيّد الحركة السورية القومية تأييداً تاماً يمكّنها من نيل وحدته وضمانها وضمانة مصالحه. أما السوريون الشخصيون الذين التجأوا إلى دول المحور والذين التجأوا إلى الدولة «الديموقراطية» والمأجورون للدعاوات الأجنبية من كل صنف فهؤلاء يعرقلون سير الأمة السورية نحو وحدتها ولا يمكنهم فعل شيء في السياسة الإنترناسيونية لأنهم أشخاص غير مسؤولين ولا مرتبطين بحزب منظم له مبادىء ثابتة ومطاليب صريحة ونظام يوحد عمله.

يجب على السوريين أينما كانوا، أن يعضدوا الحركة القومية القائلة «مصلحة سورية فوق كل مصلحة»، التي أعلن زعيمها أنّ كل تسوية تتناول شؤون الشرق الأدنى التي لسورية مصالح فيها ولا تؤخذ فيها موافقة سورية هي تسوية باطلة.
وإلا فحالة سورية بعد هذه الحرب ستكون أسوأ من حالتها بعد الحرب الماضية.

أنطون سعاده
الزوبعة، بيونس آيرس،

العدد 43، 1/5/1942

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى