كتب جديدة – فلسفة الكون

أهدى إلينا الدكتور إبراهيم شبلي الصليبي كتابه «ميزان الأكوان ودولاب الزمان في فلسفة الكون» وهو يقع في 140 صفحة من قطع المجلة، وموضوعه كما يتضح من عنوانه، يتناول النظريات العلمية المتعلقة بنظام الكون، أو بالحري بالنظام الكوني الذي نعرف عنه.

بحث المؤلف في النجوم وحركاتها، وأدلى إلينا في أنّ الشمس ليست إلا نجم كسائر النجوم التي نراها، أو بالحري أنّ كل نجم شمس في ذاتها، ثم انتقل إلى وصف كيفية اشتقاق الأرض وبقية السيارات من الشمس، فأتى بنظرية برهن على صحتها بأدلة حسابية وافتراضات جديدة غريبة ولكن غرابتها ليست مما يقلل من أهميتها من الوجهة النظرية، فقد عودنا العلماء أن لا نتسرع في الحكم على نظرياتهم مهما بلغ من غرابتها. وإننا نذكر بهذه المناسبة نظرية غريبة جداً قال بها السر أوليفر لدج وهي زعمه أنّ الحياة على الأرض قد تكون انتقلت إليها من بقايا نجم آخر جذبتها الأرض إليها. وهو نفسه اعترف بغرابة قوله هذا ولكنه زاد أنّ غرابته ليست سبباً كافياً لنفي احتمال وقوعه.

وانتقل المؤلف إلى البحث في بعض النواميس الطبيعية المتمشية على عناصر المادة، فجزم بوجود الأثير ووصف خصائصه وصفاً دقيقاً، دون أن يبدي أقل شك في كل ما يقوله، ونفى نظام الجوهر الفرد ونواته وذريراته التي يقول بها العلماء العصريون بعد قيامهم بتجارب كثيرة، ونسب إلى الأثير الأفعال التي يقول العلماء المشار إليهم إنها صادرة عن الجوهر الفرد. وهذه نقطة لا نعتقد أنّ المؤلف توفق فيها لأن تقرير وجود الجوهر الفرد بنظامه وأجزائه أو إنكار ذلك النظام وتلك الأجزاء، يحتاج إلى تجارب عملية واستعانة بأدوات مستحدثة لا يمكن التحقق من مثل هذه القضايا العلمية الخطيرة بدونها. فإن من يحاول أن يثبت لنا قضية علمية من هذا النوع بدون أن يستعين باختراعات العلماء قد يفلح في المنطق النظري المجرّد ولكنه لا يتمكن من إقامة البرهان القاطع على أنّ ما يقوله هو الواقع.

لذلك لا نرى بأساً من إجازة نظريات الدكتور إبراهيم شبلي الصليبي الفلكية التي ذهب فيها مذاهب غريبة في اشتقاق النجوم بعضها من بعض، ولكننا لا نوافقه على ما ذهب إليه من أفعال الأثير العجيبة وإنكار نظام الجوهر الفرد حتى تأتي التجارب العلمية مؤيدة له.

ومع ذلك فلا بدّ لنا من أن نثني على الدكتور إبراهيم شبلي الصليبي لبذله الجهود في سبيل خدمة العلم واشتراكه في محاولة حل لغز الكون وكشف النقاب عن أسراره الكثيرة. ونرحب بهذا الكتاب الذي نعده فاتحة عهد جديد للأبحاث العلمية في سورية.

أنطون سعاده
المجلة، بيروت،  
المجلد 8، العدد 1، 1/3/1933

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى