رأي الجيل الجديد – نحو الحرب

لم تكن الحرب العالمية الثانية إلا تمهيداً للحرب العالمية الثالثة.

هذه حقيقة كل تلك السلسلة من المؤتمرات التي عقدت أثناء الحرب الأخيرة في طهران والقاهرة ويالطة وبوتسدام، فليست اتفاقية يالطة واتفاقية بوتسدام بأحسن حظاً من اتفاقية موسكو بين ألمانية وروسية سنة 1939.

والظاهر أنّ العالم يسير نحو الحرب الثالثة بسرعة القطار المستعجل. وكانت الحركة الحربية الشيوعية في اليونان الإنذار بوجوب الاستعداد للحرب. فقد أخطأ كثيراً الذين ظنوا أنّ الأمم ستلجأ بعد الحرب إلى هدوء وسلم طويل أو أنّ القنبلة الجهر فردية ستضع حداً للحرب.

إنّ اتساع منطقة النفوذ الروسي وتحريك موسكو قوات الشيوعية لخدمة خططها السياسية وأغراض توسعها جعلا الجبهة الأنكلوسكسونية تتنبه، إلى أنّ الانتصار الذي أحرزته على الألمان واليابان بالاتفاق مع روسية قد تحوّل معظمه إلى هذه الدولة وأصبحت الجبهة المذكورة مهددة بخسارة كل نتائج الانتصار العملية.

حملت هذه الحالة أميركانية على التدخل المباشر ـ في المتوسط، في اليونان وبمساعدة تركية. وحملت بريطانية على إنشاء جبهة اتحاد أوروبة الغربية. وتبع تأليف هذه الجبهة أو مهَّدت لها تدابير واضحة لضم منطقة السار الألمانية اقتصادياً إلى فرنسة وتوقيع اتفاق في هذا الصدد في برلين في أواسط فبراير: شباط الماضي بين بريطانية وفرنسة وأميركانية.

وتداركاً للخطر الشيوعي في إيطالية ابتدأت الجبهة الأنكلوسكسونية تدرس إعادة المستعمرات الإيطالية بطريقة من الطرق. فظهر الاقتراح بإيجاد وصاية إيطالية لمدة محدودة على المستعمرات المشار إليها.

وقد حدث مؤخراً خوف شديد من اقتراب شبح الحرب في التدابير التي اتخذتها روسية في برلين بمنعها القطارات العسكرية الأميركانية والبريطانية من دخول المدينة، واتخاذها تدابير مانعة في مطار برلين.

ولكن الحرب ليست واقعة بهذه السرعة. ولسنا من الذين يقولون بوقوعها في التاسع عشر من أبريل/ نيسان الحاضر أياً كانت نتيجة الانتخابات النيابية في إيطالية.

إنّ الجبهتين الصقلبية والأنكلو سكسونية تتسارعان وتتسابقان على اتخاذ المراكز التي لا بد من اتخاذها لتشكيل الجبهة الحربية. يجب إنشاء المراكز والقواعد قبل الابتداء بالمعارك وهذا ما يجري الآن.

فالزحام في اليونان هو لكسب هذا المركز الاستراتيجي الهامّ لكلا الطرفين. فإذا كسبته روسية أصبح مركز تركية دقيقاً، بل حرجاً. وإذا كسبته أميركانية أمَّنت بعض التأمين جبهة الشمال الشرقي في المتوسط، التي تسعى الجبهة الأنكلوسكسونية لتقويتها بتقوية الجبهة المضادة للشيوعية في إيطالية.

إنّ التهيئة للحرب والتسابق على احتلال المراكز هما اللذان أوجبا أن تعيد أميركانية نظرها في الحالة في فلسطين. فهي لا يمكنها أن تفكر جدِّياً في إرسال قوَّة عسكرية مشتركة تكون فيها قوات روسية يكون لوجودها في فلسطين نتائج غير حسنة للخطط الأنكلوسكسونية. ولا يمكن تشكيل قوَّة عسكرية بدون الروس لأن مبدأ حق المنع بصوت واحد في مجلس الأمن (الفيتو) لا يمكّن من اتخاذ قرار لمصلحة الجبهة الأنكلوسكسونية وحدها. ولذلك يزداد الضغط السياسي في منظمة الأمم المنتصرة المتحدة لتعديل مادة المنع أو إلغائها.

وستجتهد أميركانية في إقرار الوصاية لأنه يوجد مادة قانونية تقول إنّ الوصاية على أرض تعني مباشرة الدول التي تباشر الوصاية فيها. فيمكن بهذه الطريقة إخراج روسية من نطاق مباشرة الوصاية وجعل تنفيذ الوصاية في جانب الجبهة الأنكلوسكسونية.

والأخبار الأخيرة تقول إنّ دول العالم العربي تقبل الوصاية لمدة محدودة.

الجيل الجديد، بيروت،

العدد 2، 6/4/1948

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى